بقلم  : رضا عزت 
على الرغم من أنه وُلد فقيرًا، ظهر له نجم في السماء.
 
وعلى الرغم من مولده في مزود بسيط، بميلاده شطر التاريخ إلى نصفين.
 
قبل ميلاده وبعده، وُلد غريبًا، لكنه أزعج ملكًا توهم أن مملكته ستتعرض للخطر فاضطرب وخاف من ميلاده.
 
وعلى خلاف كل البشر، لم يولد من امرأة عادية، لكنه وُلد من عذراء، ولد ملكًا.
 
قال عنه المجوس: ﴿أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ.﴾ (متى١:٢-٢).
 
ولد قدوسًا ولم يولد وارثًا للخطية كسائر البشر؛ فهو الوحيد من البشر الذي لم يعرف، ولم يفعل، ولم يكن فيه خطية، ﴿الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.﴾ (لوقا١: ٣٥).
 
عندما يُولد طفل يحتشد الأهل والاقارب للاحتفال بمولده، ويضيئون المصابيح والشموع ويعلقون الزينة في المنزل ترحيبًا به، لكن عندما ولد الطفل يسوع فقد ظهر له نجم في العلاء وترنَّمت له ملائكة السماء ﴿وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ.»﴾ (لوقا٢: ١٣-١٤).
 
فلم يكن يسوع مجرد طفل بشري لكنه كان عجيبًا، فيقول الكتاب ﴿وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَلاَمِ.﴾ (إشعياء٦:٩)
فكان حقًّا عجيبًا في ميلاده وحياته وتعاليمه، فهو السيد دون أن يكون له عبيد، وهو المعلم دون أن يحمل شهادات، وهو الطبيب الذي شفى المرضى دون دواء. لم يرتكب جُرمًا ورغم ذلك أدانوه وقتلوه معلقًا على خشبة العار مثل الأثمة والفجار.
 
لم يحمل معه زادًا، لكنه صار خبز الحياة. ولم يحمل معه مصباحًا، لكنه صار نور العالم.
 
قال عنه ناپليون بوناپرت: «يسوع المسيح لم يكن إنسانًا عاديًّا.» وفي منفاه كتب إلى صديقه الچنرال برتراند يقول: «كل ما يتصل بالمسيح يدهشني.. روحه ترهبني.. إرادته تذهلني.. هو كائن بذاته.. متفرد نادر وحيد ليس له مثيل.. فِكر المسيح.. الحق الذى ينادي به.. قدرته على الاقناع.. كل ذلك لا يمكن أن يصدر من بشر عادي مثلنا، ولا من طبيعة مخلوقة كطبيعتنا!»
 
و كتب د. فيليپ شاف في كتابه "تاريخ الكنيسة": «غزا يسوع المسيح العالم كله بلا مال أو سلاح أكثر من الإسكندر وقيصر وناپليون. أضاء عقول الجميع بلا نظريات أو فلسفات. تكلم بكلام الحياة كما لم يتكلم به أحد قبله ولا بعده.
 
ترك آثارًا خالدة أخلد من كل شِعر أو نثر.. لم يخُط حرفًا، لكن جعل ملايين الأقلام تكتب عنه وعن تعاليمه.
 
فجَّر أفكارًا أصبحت وحيًا لمناقشات ودراسات وأعمال فنية أدبية فلسفية وألحان وترانيم وتسابيح عذبة أكثر وأعظم من كل من جاء قديمًا وحديثًا.
 
مولده في مزود وموته على صليب سيطر على مصير العالم ماضٍ وحاضرًا ومستقبلًا ويحكم امبراطورية روحية لا حدود لها.»
كان فريدًا في كل شيء، فقال ﴿تعلّموا مني﴾ (مت11: 29).
 
فريدًا في اتضاعه، في وداعته، في غفرانه لأعدائه، في محبته، في حكمته، في تأثيره، في طول أناته، في قوته، في تعاليمه، في موته، في قيامته، في ميلاده الذي أدهش العالم كله.