سحر الجعارة
من حقى أفرح، (فرح ابنى البكرى أو بنتى الوحيدة)، «نخمِّس» بالعربيات وندهس مواطناً بريئاً.. عادى، الشارع ملكنا والبلد بلدنا!.. نعطل المرور بزفة «معتادة»: (الشباب خارج شبابيك السيارات والموتوسيكلات تؤدى الاستعراض المرعب)!.
آه، السيارات مرخّصة والموتوسيكلات أيضاً، معانا رخصة قيادة، وسلاح مرخص: (طبنجة وخرطوش.. والذى منه).. ليست مأساة أن تخطف «طلقة طائشة» روح مواطن برىء.. أها «بنفرح».. هذا هو منطق البعض فى استعراض قوتهم والبلطجة على الشعب فى الأفراح والليالى الملاح، وتحويل أفراحهم إلى مآتم فى بيوت أخرى كانت آمنة قبل أن تمر أمام منزل العروسين أو تعترض زفتهم!.
قد يكون هذا منطق «الهمج» وبعض المهووسين بنفوذهم أو المفتونين بثرواتهم أو «الفاسدين بسلطاتهم».. لكن أن يكون أسلوب نائبة بمجلس الشعب، انتخبها أهالى دائرتها للدفاع عن حقوقهم ومراقبة أداء الحكومة وسن التشريعات.. فهنا يجب أن تكون لنا وقفة.. على الأقل مع أنفسنا، لأننا نختار من يمثلنا فى المجلس التشريعى.
سيادة النائبة «نوسيلة إسماعيل» أثارت الجدل بفيديو تداوله رواد مواقع التواصل فى مصر، تظهر فيه نائبة فى البرلمان تطلق النيران من شرفة منزلها.. ثم أجرت مداخلة هاتفية، مع الإعلامى «سيد على» فى برنامج «حضرة المواطن»، الذى يُعرض عبر شاشة «الحدث اليوم»، وبكل غطرسة هاجمت «على»، قائلة: «حضرتك بتكلمنى على أساس إنى برلمانية ولّا مواطنة، لازم ترد لو سمحت»، فرد قائلاً: «يا سيادة النائبة أنا باكلمك على إنك مواطنة»، فغضبت قائلة: «لا بتكلمنى على إنى برلمانية»، معللة ذلك بأن البعض من أهل دائرتها، ينشرون شائعات بشأن رفع الحصانة عنها، وأنها لم تعد نائبة بالبرلمان!.
ثم استكملت دفاعها المستفز قائلة: (سلاحى مرخّص ودى خطوبة بنتى، ماشية قانونى وتبع القانون، إحنا اللى بنشرّع القانون، يستحيل أمشى خطأ، أنا بامشى وفقاً للقانون)!.. فالنائبة الموقّرة فازت بمقعد البرلمان كمرشحة فردية عن مدينة فاقوس بالشرقية، فى الانتخابات التى جرت فى عام 2015، وتشغل عضوية لجنة الشئون التشريعية فى مجلس النواب.
حاول «سيد على» أن يأخذ منها تبريراً لما قامت به، وهو مخالفة فجّة للقانون «اللى جنابها بتشرّعه»، فقال لها: (بس اللى فى إيد حضرتك فى الفيديو مش طبنجة)، فردت قائلة: (آه ده خرطوش بس فى بيتى)!.
وتابعت: (حاجة عادية، أيام الإرهاب والثورة كل واحد بيقف فى بيته وبيضرب نار، علشان يحسس الناس إن فيه حد موجود، ضرب النار ده طبيعى، لو عاوز أبعت لك رخصة السلاح هابعتها لك)!!.
فجأة تشعر بأن المواطن لا يساوى «بعوضة»، وأن «الهانم» فهمت الحصانة «غلط»، وتصورت أنها ليست لمراقبة الحكومة أو كشف «فساد ما» تحت غطاء من قبة المجلس، بل إنها «حصانة ضد القانون» وتصريح بالقتل.. وقدّمت سيادة النائبة أسوأ نموذج لـ«مواطن بشرطة» حسب تعبير المهندس «صلاح حسب الله»، المتحدث باسم مجلس النواب، فى مداخلة هاتفية للبرنامج نفسه.
دعك من أن سيادة النائبة شوّهت سمعة أعضاء مجلس النواب حين ضربت بالقانون عرض الحائط ووقفت فى شباك منزلها «تضرب الخرطوش»، وكلفت من يصور هذه «اللقطة التاريخية»، ودعك أيضاً من أننا لم نسمع عن أى تحرّك من المجلس لمحاسبة نائبة فيه «بتشرّع لنا» وتضع لنفسها قانوناً خاصاً!.
ما يهمنى هنا هو أعداد ضحايا «الطلقات المجهولة».. وبمناسبة ما ذكرته السيدة «نوسيلة» من أن (أيام الإرهاب والثورة كل واحد بيقف فى بيته ويضرب نار).. سوف أذكر واقعة حدثت لى شخصياً «أيام الإرهاب والثورة»، ونشرتها آنذاك تحت عنوان «شاهدة عيان».. حين كنت أقف فى شرفة منزلى المطلة على الحرس الجمهورى. وذُهلت مما أرى: (شباب يشتبكون مع جنود أمن مركزى، وآخرون يحطمون السيارات، وحالة فزع تعم الشارع «الهادئ سابقاً».. بعد أن أُصيب بعض جمهور «استاد القاهرة» بجنون جعله يتبول على أفراد الأمن، فى إحدى المباريات، فإذا بالأمن يعاقبنا بملاحقة الجمهور، ولو باقتحام البيوت الآمنة بحثاً عنهم؟.. وقبل أن أفيق من ذهولى، إذا بطلق نارى يمر بمحاذاة رأسى، لا أدرى من أطلقه، ولا من أين؟)!.
اتصلت بالإعلامية «لميس الحديدى» وقتها فى برنامج «هنا العاصمة، ثم كانت الواقعة محل تحقيق فى إدارة التفتيش بوزارة الداخلية، وأدليت بأقوالى فيها.
منتهى العبث أن تموت بطلقة نارية طائشة، أن تموت «مجاناً»، أو تكون حياتك ثمناً لفوضى أو «فرحة» لا نعرف مصدرها ولا أسبابها!.
هذه الواقعة -يا سيادة النائبة- نموذج صارخ على فوضى اقتناء الأسلحة «بترخيص أو بدون».. أيام الإرهاب، وبالمناسبة كشفت الأيام عن صاحب «الطلقة المجهولة» التى كادت تُنهى حياتى، وهو الآن «مسجون».
لم تكتفِ النائبة «نوسيلة إسماعيل» بافتراس الإعلامى «سيد على»، بل قررت استكمال استعلائها على المجتمع، فى برنامج «على مسئوليتى» مع الإعلامى «أحمد موسى»، وهى تقول: (أنا لست نادمة على ما فعلت، أنا سعيدة جداً جداً).. وادّعت أن الضجّة المثارة سببها أنها «سيدة».. ونكاية فى المجتمع المسالم «الخانع»، وعدت «موسى» بأن تشاركه أفراحه وتضرب فيها بالنار!!.
نحن إذاً أمام حالة مستعصية من التجبّر و«شرعنة البلطجة» والعصف بالقانون من إحدى المسئولات عن «التشريع».. أمام مواطن عادى من الممكن أن يموت وتتحول حياته إلى جنازة، لتفرح «مواطنة بشرطة»!!.