جمال رشدي : يكتب
انهيار كامل في مكونات الشخصية المصرية، وكانت 25 يناير النقطة الفاصلة الفاضحة لذلك الانهيار، وتواكب ذلك مع اتساع رقعة الثورة الرقمية وكل ذلك بداخل حروب الجيل الرابع والخامس الذي تم التخطيط والإعداد له منذ سنوات طويلة.
نعم أيها السادة، الشخصية المصرية أصبحت علي قارعة طريق لمنزلق خطير نحو الهاوية، والعجيب والأعجب انه إلي الان لم تتحرك الدولة لإنقاذ تلك الشخصية، بل أهملتها فريسة لتلك الحروب الشرسة التي تهدف إلي تقزيم القامة واهانة القيمة، حتي ينحل المجتمع من ثوابته الأخلاقية وتعم الفوضى والانحلال في الكلمة والموقف.
ومن خلال ذلك أتطرق إلي الكاتبة والشاعرة والأديبة المصرية فاطمة ناعوت، تلك الشخصية هي موروث جينات الهوية التنويرية المصرية، وتقود ثورة تصحيح كبيرة للوصول إلي دولة العدالة والمواطنة والمدنية القائمة علي مرجعية الهوية المصرية.
لكن وبكل تأكيد تواجه حرب ضروس مخطط لها، لكي تثنيها عن ذلك الدور فتلك الحرب تقودها كتائب الجماعات الإرهابية، وينساق ورائها البعض ممن هم مغيبون عن مسار المعرفة والإدراك السليم لمتطلبات النضال نحو الوصول إلي دولة الهوية المصرية بكل أركانها الثقافي والتاريخي والاجتماعي .
معروف للقاصي والداني الدور الوطني النابع من ضمير صالح سليم بلا مواربة، التي تقوم به فاطمة ناعوت عبر ما تكتبه ومواقفها المعلنة في كل الأحداث، وبما إنها تحمل مصباح الهوية المصرية فكثير من مواقفها المشرفة الوطنية كانت بجانب المشكلة القبطية وكل مفرداتها التاريخية، عبر كل الأحداث وفي كل الأزمنة وأنظمة الحكم التي عاصرتها ناعوت. والتي دفعت بسببها ثمن غالي وكبير في استعداء الجماعات المتطرفة لشخصها ووضعها داخل دائرة الحرب التي تشن ضدها تحت مسميات مختلفة.
ولكن ما يذهلني ويجعلني أقف كثيراً متسائلاً حائراً، هم بعض قلة من الأقباط سكان مواقع التواصل الاجتماعي، والذين اعتادوا علي الهجوم عند كل ظهور ل ناعوت في أي مناسبة كنسية أو دينية بل طال هجومهم رموز الكنيسة المصرية ايضاً.
والسؤال الذي اطرحه علي هؤلاء هل تستطيعون أن تهاجموا أي من رجال الفتنة الذين يكفرون المسيحية، لا اعتقد أن يجرأ شخص فيكم أن يهاجم احدهم، لان مع هؤلاء نستتر وراء آيات المحبة والتسامح في الكتاب المقدس، والتي تقول حبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم صلوا من اجل الذين يسيئون إليكم، أما مع فاطمة ناعوت التي تقدم لهم أحضان المحبة والتسامح بالقول والفعل وبما إنها شاعرة أديبة راقية متسامحة لا تؤذي احد فلا مانع أن يستقووا هؤلاء علي الهجوم عليها.
بالفعل "آل اخشوا ماتوا" أيها المغيبون فبدل من مساندة فاطمة ناعوت التي تطالب بمدينة الدولة بمرجعية الهوية المصرية، تحاولون عرقلتها ولكن الذين يريدون أن يذهبوا بمصر إلي عمق الجحيم فلا تتجرأون بالرد عليهم أو الظهور أمامهم. كما ذكر الكتاب المقدس " هلك شعبي من عدم المعرفة"
وهنا أعرج إلي صالون ناعوت الشهري وما حدث في شهر يونيو السابق أثناء دعوة قداسة البابا لذلك الصالون ، شئ يستحق الدراسة والتحليل من رجال علم الاجتماع والنفس ، كنت علي تواصل مع فاطمة ناعوت، وكان هدفها في غاية الإنسانية والوطنية ففي 30 يونيو هو ذكري ثورة مصر العظيمة التي أنقذت مصر وهويتها من حكم الجماعة، وأرادت ناعوت أن تستعين برمز وطني كبير جداً، يتناسب مع ذكري الثورة العظيمة وكان اختيارها هو قداسة البابا الرمز المصري الكبير، الذي كان له دور كبير في قيادة الكنيسة داخل أحداث صعبة ومتلاطمة ليذهب بها ومعها مصر إلي بر الأمان.
وعلي اثر ذلك وافق قداسة البابا على الحضور، وتم انعقاد الصالون في جو من الحب والمودة والروح الوطنية، عندها خرج هؤلاء المغيبون علي مواقع التواصل الاجتماعي ليشنوا حرب ضروس بلا هوادة علي قداسة البابا وعلي ناعوت وعلي صالونها وفي كل ذلك الهجوم لم يذكر احدهم سبب مقنع .
وبالفعل تفأجت ناعوت بذلك الهجوم الكاسح الذي طال وزييف حقائق ضد سمعتها وحياتها الأسرية، ولم تصدق أن هذا الهجوم يأتي من ناس ناضلت من اجل بعض قضياهم وقد تواصلت معها وحاولت أن أوضح لها الامر، بأن هؤلاء يهاجمون الكنيسة والبابا تحت مسمي القداسة والدفاع عن الكنيسة وبالفعل عاشت ناعوت فترة صعبة.
وفي اليومين الأخيرين وعند ظهورها في مسرح الأنبا رويس بجانب الآباء المطارنة وقداسة البابا، قام بعض هؤلاء أيضا بالهجوم عليها متهمين أيها إنها لم تلبس ملابس محتشمة في الكنيسة، أيها المغيبون انه مسرح وليس كنيسة وهناك عشرات من اولاد الكنيسة من السيدات كانوا مدعوين ولهم نفس ملابس ناعوت المتمدنة..
وأخيرا أقول ل ناعوت سيري علي طريق نضالك من اجل مصر، ولا تجعلي شئ يؤثر علي مشوارك واعلم انكي تمتلكين العزيمة والقوة وروح مصر الممزوجة بالحب والتسامح، الذي وصل بكي بأن تتسامحين مع هؤلاء المغيبون، عندما قلتي لي أنا لا أريد أن يأتي يوم ويقولوا فاطمة ناعوت رفعت قضية علي شخص مسيحي ودخل بسببها السجن " هنا أيها المغيبون تعاليم المسيح السامية التي تقود تصرفات ناعوت" أما انتم فعليكم مراجعة ثقافتكم وكل ما تطرحونه من أفكار وأفعال .
مصر تحتاج تضافر جميع أولادها الذين يؤمنون بهويتها حتي ترجع لسابق مجدها المفقود منذ ألاف السنوات.