د.ماجد عزت إسرائيل
يرجع الفضل في بناة مدينة بيت لحم إلى الكنعانيين، وهم بطن من بطون العرب الأوائل، نشأوا في قلب الجزيرة العربية، وترعرعوا في أرجائها، ثم نزحوا إلى منطقة الشمال(بلاد الشام) تحت تأثير عوامل طبيعية أساسها الجفاف حيث أسسوا بيت لحم واستوطنوها، وأغلب الظن أن ذلك حدث حوالي(2000 قبل الميلاد)، ثم توالت عليها قبائل مختلفة في معتقداتها.
وتشير التوارة التي تعتبر من أهم المصادر التاريخية لذات الحدث إلى مدى التقدم الذي وصل إليه الكنعانيون، فقد شيدوا القصور والمباني الفخمة، وأسسوا المدن والحكومات المستقلة، وبلغوا درجة كبيرة من الرقي في الزراعة والصناعة والتجارة، ولكنهم فشلوا في نظمهم السياسية، حيث نشأت حالة من الصراع والتناحر فيما بينهم. ونالت مدينة بيت لحم شهرتها العالمية بعد ميلاد المسيح فيها.
ويخبرنا الكتاب المقدس في سفر التكوين (الإصحاح رقم29)، أن يعقوب أب الآباء الذي منحه الله لقب إسرائيل، ابْنُ رِفْقَةَ قد ارتحل إلى خاله(لابَانَ بْنَ نَاحُورَ) في حاران وتزوج بابنتها(لَيْئَةُ) و(رَاحِيلُ)، مقابل خدمته سبع سنوات، بالإضافة إلى عدد من سريتيه وقد انجبن له أحد عشر ابنًا وابنة (تك ص 31). وعندما اتي إلى أفراته (بيت لحم) وهو في طريقه إلى حبرون ولد ابنه الثاني عشر والأخير بنيامين، وماتت زوجته راحيل (تك ص 35: 16- 20) ودفنها بطريق بيت لحم (تك 35: 19، 48: 7) ولا يزال قبرها حتى كتابة هذه السطور. ثم ارتحل إلى حبرون وقابل أباه إسحاق. ومات إسحاق بعد ذلك التاريخ بنحو 23عاما. ودفنه عيسو ويعقوب (ص 35: 28 و29). وبلغ عدد أولاد يعقوب 12 ولدا هم الذين عرفوا بالأسباط.
على أية حال،تحت وطاة الجوع والقحط والفقر في أرض كنعان اضطر يعقوب أن يهاجر على رأس بيته إلى مصر في أواسط القرن السابع عشر قبل الميلاد، وبلغ عدد أسرته نحو سبعون نفس بما فيهم يوسف الصديق، وكان ذلك خلال فترة وجود الهكسوس بمصر. وتكاثر بنو إسرائيل بمصر حتى تمكن موسى من انقاذهم بعد أن مكثوا بها(430 عاماً) (خر 12: 40). ويرى بعض المفسرين والمؤرخين المسيحيين، أن المدة الزمنية التى مكث فيها بنو إسرائيل بمصر(215 عاما) تقع ما بين(عام 1706-1491 ق. م.) وبعدها عبروا بحر القلزم حيث غرق فرعون وجنوده