سحر الجعارة
ينص القانون المصرى رقم ٦٤ لسنة ٢٠١٠ على اعتبار «الزواج المبكر» حالة من حالات «الاتجار بالبشر» تصل عقوبتها للمؤبد وغرامة ١٠٠ ألف جنيه على كل من المسئول المباشر عن تزويج الفتيات الصغيرات.. ورغم ذلك فلا أحد يعاقب أو يلام!
قارن هذا القانون بالواقع الذى يقول إن لدينا قرية بالكامل يتم بيع فتياتها للأثرياء العرب فى موسم الصيف.. ويتقاضى «ولىّ الأمر» ثمن بكارة ابنته وعذريتها، ويبيع شرفه فى «سوق نخاسة مودرن»، وتتم الجريمة بأوراق «تسنين للبنت» وعقد زواج عرفى يتولاه أحد المحامين.. ثم ينتهى الصيف، وتعود الصبية باردة، فى بطنها «نطفة» من أب لا تعرف عنوانه أو طريق بلده ولا تملك «تأشيرة» الدخول إليها، فإما أن تلد البنت فى الشارع لتفرز لنا «طفل شارع»، أو تكتمل الجريمة حين يُكتب الطفل باسم والدها، وهو خلط واضح للأنساب.. إنه «لحم رخيص» كما سمته «إيناس الدغيدى» فى فيلمها.
وأخيراً قررت اللجنة التشريعية فى البرلمان، برئاسة المستشار «بهاء أبوشقة»، مناقشة قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل، والقانون رقم 118 لسنة 1952 بتقرير حالات لسلب الولاية على النفس، والقانون رقم 143 لسنة 1994 فى شأن الأحوال المدنية، والمعروف بمنع زواج الأطفال.
تضمّن مشروع القانون فصلاً بعنوان «حظر زواج الأطفال»، يتضمن مادة نصها كالآتى: (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من زوّج أو شارك فى زواج طفل أو طفلة لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره وقت الزواج ويعاقب بذات العقوبة كل شخص حرر عقد زواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة فى القانون ولا تسقط هذه الجريمة بالتقادم).
بالإضافة إلى إلزام «المأذون» بإخطار النيابة الواقع فى دائرتها مقر عمله عن واقعات الزواج العرفى الذى أحد طرفيه طفل، والتى يقوم بالتصديق عليها، مرفقاً بالإخطار صورة عقد الزواج العرفى وتفاصيله. ونص القانون على الثالثة بمعاقبة المأذون إذا لم يخطر النيابة بالواقعة بالحبس لمدة لا تقل عن سنة والعزل.
وأكد «أبوشقة» أن مشروع القانون مشفوع بموافقة مجمع البحوث الإسلامية على التعديلات، إلا أنه رأى صياغة المادة الخاصة بقانون الطفل ٢٢٧ فيما يتعلق بالعقوبات وشدد على ألا تسقط الجريمة بالتقادم، وهنا علق المستشار أبوشقة بأنه لا توجد عقوبة أبدية ولا بد من النقاش والحوار حول هذا الأمر بما يتوافق مع الدستور.. رغم أن الاتجار بالبشر «جريمة ضد الإنسانية».
رغم أن الاتفاقية الخاصة بالرق التى وُقّعت فى جنيف فى سبتمبر ١٩٢٦، وضعت الضمانات الكاملة للقضاء الكامل على الرق بجميع صوره وعلى الاتجار بالرقيق، فإننا وجدنا عالِماً يشرعن «زواج الطفلة فى بطن أمها».. وهو الشيخ «سعيد نعمان»، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، أليس هذا هو الجنون بعينه؟! وآخر هو «ياسر برهامى»، يحلل زواج الطفلة فى الثالثة من عمرها.. ليبيح لمرضى البيدوفيليا (أى التمتع الجنسى بالأطفال) ممارسة شذوذهم الجنسى دون رادع.
ربما لهذا انتفض نائب حزب النور محمد صلاح خليفة، واعترض على بعض مواد القانون، مطالباً بإعادته مرة أخرى للأزهر.. لاحظ أن مؤسسة الأزهر تضم من أباح الرق وملك اليمين «سعاد صالح وعبدالمنعم فؤاد مثلاً»، كما تضم من أفتى بنكاح المتوفاة «صبرى عبدالرؤوف»، وكذلك تضم «سعيد نعمان» الذى قال «إنه يجوز زواج البنت فى أى سن، حتى إذا كانت فى بطن أمها».
المهم.. سيادة النائب السلفى «خليفة» يرى أن البلوغ الحقيقى يبدأ من سن 15 سنة، أما سن 18 ففيها «تزيُّد»، وكأن النائب الموقر لا يعلم أن الصبية فى عمر 15 سنة ليس من حقها قيادة سيارة ولا فتح حساب مستقل فى البنك، وأنها قاصر تحتاج فى تعاملاتها إلى «ولى شرعى» ولا تملك حق البيع والشراء إلا تحت وصايته، لكنه يطلب منها أن تقود «أسرة» وتربى أطفالاً، علاوة على خطورة الحمل أصلاً على رحمها الذى لم يكتمل نموه!.
يطلب من هذه الصبية أن تتجرد من ملابسها أمام وحش بشرى، تفاصيل جسده تنذر باقتحامها، ونهش لحمها النيِّئ ليطفئ شهوته باغتيال طفولتها، لينطفئ معها ذلك البريق الذى يشع ذكاءً وبراءة من عيون طفلة تسأل: متى فُتحت أسواق النخاسة فى بلادى؟!.
يا سيادة النائب الموقر، ما تطالب به ضد الإنسانية والطب وكافة المواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر.
«خليفة» استنكر أن «نرفض زواج من هم أقل من 18 سنة بعقد شرعى، ثم نوافق فى ذات القانون على إثبات الزواج العرفى أو الزنا إذا نتج عنه حمل سفاح».. وأنا أقول لسيادته أنت تفرض على المسلمين «خلط الأنساب»، لأن البديل هو نسب الطفل لجده.. أو شرعوا قانوناً ينسب الطفل لأمه كما يحدث فى دول «الغرب الكافر».. أما مرضى البيدوفيليا من مشايخ الحزب وأنصاره فألحقوهم بصفوف «داعش» أو بمصحة عقلية!
نقلا عن الوطن