بقلم: عزت إبراهيم
تعوّدت بعض الحكومات العربية على مدار الخمسين عامًا الماضية على المضي قدمًا على الاستبداد والتعذيب والتنكيل والبطش وانتهاك حرمات البيوت وسلب المواطن لأبسط حقوقه وإهانة كرامته،  وتعوّدت أن يكون كل مَن حولها من العميان الأصماء الخرس، وقد مثلتها السينما المصرية في أفلامها عن العصابات وتجار المخدرات والذي كان كل من حولها لا يسمع، لا يرى، لا يتكلم ولذلك خرج الشعار بالقرود الثلاثة.
ولكن أحبت بعض الحكومات أن تمشي على نفس الخطى وأن تكون الشعوب لا تسمع لا ترى لا تتكلم ولكن انصدمت الحكومات بعفريت العلبة الجديد الذي جاء إليها من حيث لا تعلم محمل بهموم شعوب عانت الذل والهوان والطغيان، ذلك العفريت الذي يسمى منظمات حقوق الإنسان التي هي جديدة على عالمنا العربي والمصري رغم أننا موقعين على الميثاق العالمي لحقوق الإنسان منذ ستون عام!!

ولكن ليس العيب في المواثيق ولكن العيب في الذي يوقع على ميثاق أو معاهدة وهو لا يفهمها لأنه لو كان يفهمها لكان ما وقّع عليها، فرغم مرور كل هذه السنون على التوقيع فأننا نزداد سوء فقد فرض  علينا قانون طوارئ وأعطى للسلطة التنفيذية سلطات لم تخول لها من قبل حيث أصبح لا كرامة لمصري في وطنه.
وما كان من عفريت العلبة (أقصد نشطاء حقوق الإنسان) إلا كشف كل هذه الانتهاكات التي فضحت هؤلاء المنتهكون بشتى الطرق، إن كان عن طريق الرصد أو المدونات وكتابة التقارير عن هذه الانتهاكات وفضح من يرتكبها من بعض الحمقى الذين يسيئون إلى سمعة زملاءهم الشرفاء وسمعة وطنهم.
وما كان من هؤلاء الحمقى إلا محاولة إسكات هؤلاء العفاريت (النشطاء الحقوقيون) الذين لا يخرسهم شيء وعيونهم ترى ما خلف الأبواب ويسمعون دقات القلوب التي تدعو إلى الله لإنقاذها من يد الطغيان  وهم لا يرتاعو إلا الله، ولكن حاول هؤلاء الحمقى أن يُخرِسوا نشطاء حقوق الإنسان بشتى الطرق إما بالتهديد أو الاعتداء كما حدث مع زميلنا ريمون وجيه وغيره الكثيرين أو الاعتقال كما يحدث للمدونين.  وأخيرًا ما حدث إلى الأستاذ رأفت سمير الناشط الحقوقي والذي كشف الكثير من انتهاكات تحدث داخل مدينة الأقصر من بعض رجال الشرطة من اعتداءات على المواطنين ومحاولات استبزاز للمواطنين وكشف عنها.

وأخيرًا محاولاته منع ما يحدث من محاولات إزالة بيوت المواطنين بالأقصر ووقوفه وقفة الرجال الذين لا يهابون الموت ولكنهم لم يعجبهم ذلك وسرعان ما حاولوا إبعاده عن طريقهم بتهديده وتلفيق التهم له حتى يرجع عن طريقه ولكن هيهات فأنكم تتعاملون مع رجال لا يهابوا إلا الله، فسرعان ما عرفت النيابة الحقيقة الغامضة وأن القضية ملفقه وأفرجت عن الأستاذ رأفت سمير وحفظت التحقيق وهذا كان ظننا في النيابة العادلة ورجال النيابة الذين لا ينحازوا إلى أحد وميزانهم لا يمكن أن يخفق وهو ما يجعلنا نطمئن على هذا الوطن.
ودعونا نقول لهؤلاء: أننا لا يمكن أن يسكتنا إلا الموت وإن كانوا حاولوا إسكات رأفت سمير فقد خاب ظنهم لأن هناك ملايين من النشطاء الحقوقيين (وإن سكت هؤلاء فالحجارة تتكلم).
وأن نشطاء حقوق الإنسان لا يمكن أن يكونوا في يوم من الأيام مثل القرود الثلاثة ولكننا سنظل عفريت العلبة حتى ترتعب الغولة وتخضع إلى المجتمع العالمي لحقوق الإنسان.