حمدي رزق
لا تذهب بعيدًا، وتُنجم من هو نجم العام ولأعوام مضت ولأعوام مديدة مقبلة، إنه الشعب المصرى، الطيب، المعطاء، الكريم، الصابر، المجتهد في حب الوطن، المستمسك بالعروة الوثقى، حبًا في الأرض، والعلم، والنشيد، ويشدو على ربابة أيامه لحن الخلود.
هذا شعب مذهل، يذهلك، راقٍ، وإذا راقَ مزاجه واعتدل قهقه ملء شدقيه في وجه الزمن الصعب، وإذا دمدم قامت قيامته، وإذا خرج عن طور السكون غيّر كل المعادلات، وأطاح بلعبة الأمم، وأعاد رسم الخرائط الملونة بالأحمر القانى، بلون دماء الأبرياء، التي تُهرق في الأصقاع البعيدة.
أَلَق هذا الشعب لا يلمسه إلا من شرب من ماء النيل، ولا يراها إلا أصحاب الرؤى، الشُّوف «مش نظر.. الشوف الحقيقى وجهة نظر»، كما قال العم «لينين الرملى»، شفاه الله وعافاه.
هذا الشعب الطيب ترضيه تأخذ عينيه، تداويه يدعيلك بالصحة، تستره يتمنى لك الستر، شعب صابر وقانع وغلبان قوى وعاوز يربى عياله، ويستّر بناته، وفى الدنيا منيته أربع حيطان يتدارى فيها من غدر الزمان، وفى الآخرة حفرة وقطنة وموتة كريمة، وربع قرآن مما تيسر من آيات الذكر الحكيم، ويا أيتها النفس المطمئنة.
الشعب المصرى، لمن خَبِر معدنه الأصيل، شعب أصيل، من الأصالة، شعب يعرف العيبة ويحترم الشيبة، يميز الطيب من الخبيث، ويحب الحب في أهله، ويستشعر الكره من أهله، ويأنف الكذابين، ويلفظ المتجبرين، وأسقط فرعون عن عرشه، وأطاح بالجماعة الإرهابية بنفخة من روحه، ولايزال قابضًا على جمر الوطن، صابرًا محتسبًا، وإن جاع وإن تعرى، سماء مصر تظلله، وعناية الله جندى.
مضرب الأمثال جميعًا، نموذج ومثال، شعب راضٍ بالقسمة والنصيب والمِقدّر والمكتوب، وشعاره «اللى مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين»، شعب تفرحه انتصارات المنتخب الكروى، ويرقص على الطبل البلدى حبًا في أغلى اسم في الوجود، ويقف زنهار تحية للعلم، وتدمع عيناه مع أغنية يا حبيبتى يا مصر.
شعب محب للحياة، وضحكته مجلجلة، ويغنى «يا صباح الخير ياللى معانا»، وإن أحب عشق، وإن عشق يعشق جمل، شعب طيب وجدع وكريم ويسيئه اللئيم، شعب مفطور على الصبر، ولا عمره اشتكى ولا قال آه، يضحك من جوه قلبه وملء شدقيه، ويسخر حتى من ألمه، ويصبر نفسه بقوله: «بكرة تُفرج» و«فَرجه قريب» من الاستبشار، والاستبشار يعلم الشُّطّار.
مَوّاله غنّاه شفيق جلال: «أنا بعلّم الصبر»، ويحلّى أيامه بغناء عبدالوهاب: «محلاها عيشة الفلاح»، ويختم ليالى الألم بصوت كوكب الشرق: «يا رب/ لا عمر كاس الفراق المر يسقينا/ ولا يعرف الحزن مطرحنا ولا يجينا/ وغير شموع الفرح ما تشوف ليالينا».
نقلا عن المصرى اليوم