بقلم: سحر غريب
هل رأيت جنينًا داخل بطن أمه، صغيرًا دقيقًا ومع ذلك بني آدم كامل يتحرك ويحرك قدميه ويديه بطريقة بهلوانية، تتعجب من مرونتها وقدرتها غير المنطقية على معاداة الجاذبية الأرضية، يسند قدميه الصغيرتين على رحم أمه وكأنه ملك الدنيا وما فيها، ثم يرفع رأسه فلا يرى شيئًا غير ظلام دامس اعتاده، يوعدك بشقاوة تنتظر جنابك أيها الأب، أنت حتمًا لم تشعر يومًا بحركاته ونبضاته، فأنت لست أمًا تحمل وتتحمل هذا الصغير العجيب، لم تشعر بدقات قدميه المتتالية على بطنك وكأنه يقول لك: نحن هنا استعد بالبامبرز.. أشبهه دومًا بدودة جميلة تعشقها الأم حتى لو تغذت على كل ما تمتلكه من مخزون استراتيجي من كالسيوم وحديد، فهي حلالاه بلاله وبالهنا والشفاء على صحته الحبيبة، فهذه مهمتها المقدِّسة، وهي أن تخرج للنور هذا الكائن الأعجوبة.

ثم يصل هذا الصغير بصرخاته المجلجلة، خائفًا من دنيا مجهولة، جميلاً مهما كان نوعه ومهما كان شكله، قردًا في عين أمه غزال، تراه جميلاً حتى لو أجمع الكل على قبحه، فهي التي أنتجت هذه الإنتاجية.

نصيحة من أم عتيقة: إياك أن تخبر أمًا برأيك صراحة في طفلها الوليد حتى لو لم يعجبك شكله، فالمثل صدق ولم يكذب حين قال: خنفسة ورأت صغارها على الحائط قالت لولي ومتعلق في خيط، فأرجوك لا تسب الخنافس الصغار حتى لا تلتهمك أمه الخنفسة الكبيرة حيًا.

أتذكر طفلي الصغير الذي أنجبته ثم جلست أتأمل ملامحه الصغيرة، خدوده التي أخفت عيناه، أنفه الذي انتفخ وكأنه انتفخ بفعل فاعل، عيناه الدقيقتين، ونومه الدائم، جميل في عينيَّ حتى عندما قال عنه أكثر من خمسين فردًا أنه قبيح الملامح وأنه أسمر اللون حتى لو بدا اليوم أبيضه، كنت أقول لهم: "خذوا عيني شوفوا بيها"، فالأم تعشق بلا شروط، وترى دائمًا أجمل ما في صغيرها.