سليمان شفيق
لماذا كذبت الرئاسة الجملي الاربعاء ووافقت علي التشكيل الخميس
فشل الجملي يؤكد وجود صراع خفي بين قيس سعيد وراشد الغنوشي
أعلن رئيس الحكومة التونسية المكلّف حبيب الجملي ليل الخميس عن تشكيلة حكومته التي تضم مستقلين اثر فشل المشاورات مع الأحزاب السياسية التي انطلقت منذ أكثر من شهر بسبب التجاذبات السياسية التي غلبت عليها.
وقدم الجملي تشكيلة الوزراء المرشحين وغالبيتهم من غير المعروفين لدى الرأي العام خلال مؤتمر صحافي في انتظار أن يحدد البرلمان لاحقا جلسة عامة للمصادقة عليهم.ويحتاج الوزراء لغالبية من 109 أصوات لتثبيتهم.
وقال الجملي إن لديه "ثقة في أن تمر" الحكومة في البرلمان وهي تضم 28 وزيرا من بينهم أربع نساء و15 كاتب(وزير) دولة
وتم ترشيح الناطق الرسمي السابق باسم القطب القضائي لمكافحة الارهاب والقاضي سفيان السليتي وزيرا للداخلية كما عين القاضي عماد درويش وزيرا للدفاع والهادي القديري وزيرا للعدل والسفير السابق خالد السهيلي وزيرا للخارجية.
مُنح فاضل عبد الكافي وزارة التخطيط والتعاون الدولي والذي كان وزيرا للمالية في حكومة يوسف الشاهد وبقي رونيه الطرابلسي على رأس وزارة السياحة.
ضمت القائمة كذلك الممثل فتحي الهداوي وزيراً للثقافة ولاعب كرة القدم الأسبق المشهور طارق ذياب وزيرا للرياضة والذي شغل المنصب نفسه في حكومة الترويكا (ائتلاف بين أحزاب بقيادة حزب النهضة) ما بين 2012 و2013.
- "حسابات" -
غير أنه كشف في المقابل وجود "تجاذبات" بين الأحزاب التي دخلت معه في مشاورات، حالت دون التوصل الى توافقات بخصوص تشكيل الحكومة في مرحلة أولى وقال "داخل الأحزاب هناك آراء مختلفة وتصورات مختلفة هذا زاد المشهد صعوبة كبيرة، هذا الشق له رأي والآخر له رأي آخر".
وشدد الجملي على ان "هناك أحزاباً قدمت شروطا كبيرة" لم يحددها، عرقلت مسار المشاورات.
وكتبت صحيفة "لابراس" الناطقة باللغة الفرنسية الخميس "وجد حبيب الجملي نفسه في مأزق بسبب الحسابات السياسية المعقدة".
حدث ذلك في وسط عقدة تشكيل الحكومات في الشرق الاوسط في لبنان والعراق وحتي اسرائيل تلحق تونس بقائمة عقدة تشكيل الحكومات لخلافات بين الرئيس قيس سعيد والغنوشي زعيم الاخوان
وتجلي ذلك عقب إعلان رئيس الوزراء التونسي المكلف الحبيب الجملي الأربعاء الماضي انتهائه من تشكيل الحكومة دون أن يكشف عن أسماء وزرائها، نفت رئاسة الجمهورية أن تكون هذه التشكيلة "نهائية" مؤكدة أن "المشاورات بشأنها لا تزال جارية"
نفي يعكس الازمة :
هذا النفي من الرئاسة يكشف عن ازمة بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة الحبيب الجملي ، جاء ذلك بعد ان كان من المفترض أن يتم خلال المؤتمر الصحفي الإعلان عن التشكيلة الحكومية التي يتم التفاوض عليها منذ أكثر من شهر ونصف.
الغريب ان الجملي عقد المؤتمره الصحفي يوم الاربعاء بعدما سلم رئيس الجمهورية قيس سعيّد التشكيلة الحكومية التي يفترض أن تنال ثقة الغالبية المطلقة في البرلمان كي تتسلم السلطة.؟؟!!
مما يدل علي ان الرئيس اعترض علي تشكيل الحكومة او بعض الاسماء منها مما جعل الجملي : إن الكشف عن التركيبة الحكومية سيتم على الأرجح الخميس.
لكن رئاسة الجمهورية ردت علية مساء الاربعاء وعقب المؤتمر الصحفي بالقول : إن "هذه القائمة ليست نهائية" وإن المفاوضات حول التشكيلة الحكومية لا تزال مستمرة.
فسيفساء الأحزاب:
وكانت الانتخابات النيابية التي جرت في منتصف أكتوبر قد أفرزت فسيفساء من الأحزاب يتقدمها "النهضة" الإسلامي (52 نائبا) يليه حزب "قلب تونس" الليبيرالي (38 نائبا) والذي اختار البقاء في المعارضة.
ولم تسعف المهلة الدستورية الاولية التي منحها الدستور للجملي في انجاز مهمتة التي تم تمديدها شهرا إضافيا علما بأنه في حال فشل فسيكلف الرئيس شخصية أخرى مستقلة بالمهمة.
يأتي ذلك بعد حوالى ثلاثة أشهر من انتخابات أفرزت برلمانا منقسما إلى حد كبير لم يحصل أي حزب فيه على أكثر من ربع المقاعد مما استلزم مفاوضات صعبة لتشكيل ائتلاف يمكنه اجتياز اقتراع الثقة.
ووجد الجملي صعوبة في جمع الأحزاب المتنافسة خلال محادثات تشكيل الائتلاف، لكنه قال في المؤتمر الصحفي الأربعاء الماضي : إن جميع الأحزاب ستدعم الحكومة الجديدة "بطريقة أو بأخرى"، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وعجز الجملي في ثلاث مناسبات عن إيجاد توافقات سياسية مع الاحزاب التي ترفض المشاركة في اي حكومة لحزب النهضة الاخواني .
وأكدت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية، أن رئيس الدولة رفض الأسماء المطروحة لتولي حقائب الدفاع والخارجية والداخلية، التي تعتبر من الصلاحيات المباشرة لرئاسة الجمهورية، وفقاً لدستور2014 .
صراع خفي بين الغنوشي وسعيد:
وقالت المصادر لـ"العين الإخبارية" إن الشخصيات التي طرحها الجملي "غير مستقلة ومنتمية لحركة النهضة".
واعتبر خبراء فشل الجملي في الإعلان عن حكومته حتي الاربعاء ، يشير لوجود صراع خفي بين قيس سعيد وراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، وبدأت تتفاقم، مما ينذر بأزمة سياسية
وترى حنين الزغلامي، الناشطة في الحملة الانتخابية لقيس سعيد، أن "الحرب الباردة" بين سعيد وراشد الغنوشي تحركها عوامل التنافس على الاستئثار بالفعل السياسي من الرجلين.
وقالت الزغلامي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "إن قيس سعيد يرفض لعب نفس الدور الذي لعبه المنصف المرزوقي سابقاً، ويريد إعلاء المصلحة الوطنية، وعدم الانجرار وراء أجندة الإخوان".
وأضافت الزغلامي أن دلالات الصراع برزت بشكل كبير خلال تكذيب الرئيس سعيد للشائعات التي روجتها الصفحات الإخوانية، بوجود اتفاق مع الرئيس التركي بشأن دعم حكومة السراج.
وأوضحت أن تكذيب الرئيس التونسي بمثابة الصفعة للمناورات الإخوانية الساعية لتوريط قيس سعيد في دعم مليشيات الإخوان.
واعتبر سعيد في كلمة وجهها، الخميس الماضي، للشعب التونسي، أن هناك مؤامرات تحيكها بعض الأطراف في "الغرف المغلقة لتشويه موقفه.
تباين الرؤى بين الغنوشي وسعيد:
وتدعو حركة الشعب القومية والتيار الديمقراطي لحكومة تكون خالية من أي تأثير إخواني أو مشاركة لقياداتها، وهذا الموقف تتبناه العديد من القوى السياسية والنقابية التي تعتبر النهضة عاجزة عن طرح حكومة توافقية وقادرة على حل الملفات الاقتصادية العالقة.
واعتبر محمد عياض الكيلاني، القيادي في الائتلاف اليساري، أن حركة النهضة وكتلتها البرلمانية في عزلة أمام أكثر من 150 نائباً معارضاً لسياستها، ما يدفعها لتوتير الأجواء للتغطية على ضعفها في إدارة الدولة.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن دوائر القرار الإخواني يبحث عن ضرب الرمزية السياسية والمعنوية لرئيس الدولة قيس سعيد، باعتباره يحمل رصيداً شعبياً عكسته صناديق الاقتراع.
ويتوقع أنه في حال استمرار تباين الرؤى بين الغنوشي وسعيد، فإن المسار السياسي والمؤسساتي للدولة مهدد بالدخول في أزمة ربما تكون تداعياتها خطيرة على البلاد.
ويتوقع مراقبون عدم مرور هذة الحكومة بسهولة لدي البرلمان .