الأقباط متحدون | ماذا يريدون من ساويرس؟!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:٤١ | الاثنين ٢٠ فبراير ٢٠١٢ | ١٢ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٧٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

ماذا يريدون من ساويرس؟!

الاثنين ٢٠ فبراير ٢٠١٢ - ٥٢: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم : منير بشاي
لا أظن أننى أعرف عن رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس أكثر مما يعرفه ملايين الناس غيرى، وهى معلومات تتداولها وسائل الاعلام فى الاونة الأخيرة خاصة منذ أن  قرر ساويرس ان يزيد من مساحة نشاطه فى العمل العام.  ولكن ما أعرفه عن ما يمر به الرجل من متاعب كافيا أن أتعجب من الكاتب هانى صلاح الدين ومن مقاله فى اليوم السابع بعنوان "بعتنا شكرا". فى المقال يلوم الكاتب نجيب ساويرس على انه أعلن عن بيع اسهم موبينيل لشركة فرانس تيليكوم ويعتبر هذا محاولة من ساويرس لإخراج إستثماراته من مصر، خاصة بعد محاكمتة بتهمة ازدراء الأديان وتنظيم حملة مقاطعة شركاته التى تسببت فى الحاق خسائر مالية لها . وشخصيا لا أعلم اذا كانت هذه الادعاءات التى يطلقها المقال صحيحة أو مغلوطة. ولكن اذا افترضنا انها صحيحة، هل بعد كل ما تعرض له نجيب ساويرس يوجد من يلومه ان فعل هذا؟


ليس من قبيل الصدفة أن المهندس نجيب ساويرس الذى يتزايد عدد المتربصين به يوما بعد يوم يكون أيضا قبطيا، وان كانت قيمة الرجل أصبحت تتعدى حدود التقسيمات العرقية الضيقة ليصبح أيقونة انسانية عالمية كبرى.  ومع ذلك فالقول يصدق دائما انه ليس نبى بلا كرامة الا فى وطنه.  فمن المؤكد أن قبطية الرجل ستظل تلازمه وتصبغ حياته بصبغة خاصة لا يعرفها الا من كان قبطيا .  ولذلك أجده جدير بالملاحظة ان الحقوقيين الذين جعلوا همهم الدفاع عن القبطى المضطهد فى بلده، والذى غالبا يعانى ضنك الحياة، يجدون انفسهم فى حالة نجيب ساويرس أمام النقيض تماما عندما يواجهون رجلا يعانى أيضا الاضطهاد فى بلده لأنه قبطى، رغم انه من أغنى أغنياء العالم، ويا لسخرية القدر!!
بداية لا أنكر اعجابى الكبير بالرجل وبمواهبه وقدراته التى مكنته من ان يشق طريقه كرجل أعمال وسط الصخور وينجح فى مشروعاته وتقديم خدمات كانت بلده فى أشد الحاجة اليها، توازى أعلى درجات التقنية العالمية، ومعها يوفر فرص العمل الشريف المجزى للآلاف من المصريين. وفى نفس الوقت يعود هذا عليه بالفائدة المالية ليصبح واحدا من أغنى أغنياء العالم.


ولكن فى صميم قصة نجيب ساويرس تقع حقيقة انه مسيحى الديانة، هذا ما لم ينكره ساويرس يوما  ولا أظن أن اسمه سيساعده على اخفاء هذه السمة من مكونات شخصيته حتى ان أراد.  ويبدو ان انتماء الرجل الدينى بالاضافة الى انتمائه العرقى قد سبب له الكثير من المتاعب فى بلد تتفشى فيها أعراض مرض الاحتقان الطائفى.  وهذا جعله دون غيره من رجال الأعمال دائما تحت المجهر من الذين جعلوها مهنتهم ان يتصيدوا له الأخطاء. وان لم يجدوا له اخطاء يحاولوا ان يمسكوا عليه أى تصرف يمكن تحويره عن مقصده حتى يمكن اعتباره خطأ.
من الشبهات التى كانت دائما تحوم حول نجيب ساويرس المسيحى الديانة احتمال انه يحابى المسيحيين فى من يعينهم للعمل فى شركاته. وكان ساويرس واعيا لهذا ورد عليه فى اكثر من مناسبة حيث أكد ان سجلات العاملين لديه تبين ان العاملين فى شركاته تبلغ نسبتهم نحو 96% من المسلمين و 4% فقط من المسيحيين. وهذه النسبة المتاحة للمسيحيين ربما تقل عن ربع حجمهم الحقيقى. ومع ذلك فيبدو ان هذا ليس  كافيا ليرضى المتشددين الذين ربما يفضلون أن لا يعطى للمسيحيين أى حقوق حتى فى الشركات المملوكة لمسيحيين كما هو الحال فى شغل الوظائف المرموقة فى كل مؤسسات الدولة.  هذا بينما الوضع يختلف فى الشركات المملوكة للإسلاميين فلا أنسى اعلانا قرأته فى احدى الجرائد المصرية الرسمية منذ عدة سنوات وكان ينص وبصراحة على شروط التعيين ومن ضمنها ان يكون المتقدم مسلم الديانة. وهو نوع من التمييز الدينى تجرمه كل بلاد العالم المتحضر. ولو حدث شيئا مثله فى بلاد الغرب (الكافر) لرأينا محاكمات وغرامات وتعويضات تدفع للمتضررين وقد تؤدى ببعض الناس الى السجون.


 ولكن المأزق الذى وقع فيه ساويرس ومازال يعانى من آثاره حتى اليوم هو نشره رسوما كاريكاتيرية على صفحته فى موقع تويتر يظهر فيها ميكى ماوس بلحية طويلة وعلى رأسه الشال الخليجى كما تظهر الى جانبه مينى ماوس ترتدى نقابا. ظن الرجل ان هذا مجرد فكاهة غرضها رسم بسمة على وجوه الناس فقمة الفكاهة التى تظهر الثقة بالنفس هى المقدرة على الضحك على الذات.  ولكن اعتبر المتشددون الإسلاميون ذلك استهزاء بالاسلام وشنوا حملات ضده تنادى بمقاطعة شركاته وخاصة شركة موبينيل. هذا مع انه لم يكن هو صاحب هذه الرسومات أو أول من نشرها.  ولما اكتشف ان الفكاهة أسىء فهمها قدم اعتذاره حوالى ستة مرات علنيا  ولكن لم يشفع هذا للرجل وقررالتيار المعادى رفع دعوى ضده نظرت فى 11 فبراير 2011 وكان من رفع الدعوى محامون متشددون وعلى رأسهم عضو مجلس الشعب ممدوح اسماعيل صاحب واقعة رفع الآذان الشهيرة فى مجلس الشعب. وفى المحاكمة وصف المحامون ساويرس بانه "مجرم وهمجى يعيث فى الأرض فسادا" وأنه أساء الى الاسلام وطالبوا بتوقيع أقصى عقوبة عليه. بل واتخذوا من اعتذاره دليلا على اعترافه بارتكاب الجريمة وتوافر القصد الجنائى. وتأجلت القضية الى يوم 3 مارس للنطق بالحكم.


على الجانب المقابل وبينما الهجوم مستمرعلى ساويرس والناس يمارسون هوايتهم المفضلة فى توجيه التهم ضده اذ بنا نرى الكاتب هانى صلاح الدين  ينشر مقاله فى اليوم السابع بعنوان "بعتنا شكرا"  يلوم فيه أيضا نجيب ساويرس ولكن بعكس الاتهامات السابقة تماما. وهذا يظهر التناقض الذى نراه واضحا فى التعامل مع الرجل الذى أصبح ملوما من الشىء ونقيضه. فهو ملوم اذا استمر فى أعماله، فتكال له التهم، وترفع ضده الدعاوى وتنظم ضده حملات المقاطعة، وفى المقابل هو ملوم اذا اراد ان ينهى أعماله واذا قرر ان يبيع حصته لأى شركة أخرى- مع ان هذا حقه-  حتى يتخلص من هذا المناخ المعادى و يحصل على شىء من الهدوء والسكينة.


وبعد كل ما حدث ويحدث لساويرس لا أعرف ماذا يريدون من الرجل؟ اذا بقى فى عمله اتهموه بأبشع التهم ونظموا ضده حملات المقاطعة.  فاذا قرر ان يبيع أعماله اتهموه بأنه يبيع أهله ووطنه؟ ماذا يفعل الرجل ليرضوا عنه؟  بالصدق قال السيد المسيح "زمرنا لكم فلم ترقصوا، نحنا لكم فلم تبكوا




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :