هاني لبيب
- لا أعرف فتنة أَضَرَّ على الناس، ولا أَفْتَكَ بأجسادهم، وأَسْكَبَ لدمائهم، من القتل والقتال باسم الدين تارة، وباسم العِرْق تارة أخرى.
- كما تُعلِّمنا الأديان أُخوة الدين، تُعلِّمنا أيضًا أُخوة الإنسانية.
- علَّمونا في كلية أصول الدين أن البوذية دين إنسانى وأخلاقى في المقام الأول، وأن بوذا، هذا الحكيم الصامت، من أكبر الشخصيات في تاريخ الإنسانية.
- كبار مؤرخى الأديان يصفون البوذية بدين الرحمة غير المتناهية.
- انشروا ثقافة المواطنة حتى تقضوا على مفهوم الأقليات، وما يجره هذا المفهوم البائس من إقصاء وتهميش، دائمًا ما ينتهى بسفك الدماء وتشريد الأبرياء.
هذه الأفكار تضمنتها كلمة الدكتور أحمد الطيب، «شيخ الأزهر»، الموجودة على «يوتيوب»، في افتتاح مؤتمر «نحو حوار إنسانى حضارى من أجل ميانمار»، في 3 يناير 2017. وقد قال الشيخ العديد من الأفكار الحاسمة، في محاولة منه لوقف الفتنة بين أبناء ميانمار، وهى أفكار قوية وجريئة مقارنة بما يُصدِّره لنا البعض من موقف الفكر الإسلامى من الأديان الفلسفية «الوضعية».
ما سبق من أفكار يستحق الاحتفاء به فكريًا وإعلاميًا في الداخل والخارج لأنه يمثل موقفًا إيجابيًا من قبول الاختلاف والتعددية، يصل إلى حد ترسيخ وجود المساحات المشتركة بين الأديان سواء كانت سماوية أو فلسفية.. ارتكازًا على ما تقدمه من أفكار ترتقى بالإنسانية وتنشر السلام وترفض التعصب وتنبذ الطائفية.
.. ما قاله الأزهر '> شيخ الأزهر لا يرتكز على مجرد رد فعل على قراءة ما تحمله رسالة بوذا من قيم ومبادئ إنسانية، ولكنه يرتكز على رأيه باحثًا ودارسًا في جامعة السوربون، التي تُعد واحدة من أهم المرجعيات الأكاديمية، فضلًا عن كونه عالِمًا وصوفيًا.. ثابتًا على عقيدته وأصول دينه.
من المنطلق السابق، أسعدنى كثيرًا خبر عقد الأزهر الشريف مؤتمرًا بعنوان: «مؤتمر الأزهر العالمى لتجديد الفكر والعلوم الإسلامية»، بحضور نخبة من علماء وقادة الأديان في العالم، مع نهاية شهر يناير الجارى، إذ يؤكد عقد مثل هذا المؤتمر انتهاج الأزهر خطًا واضحًا لاستعادة صحيح الدين الإسلامى بعيدًا عن التفسيرات غير المنضبطة لبعض المتشددين والمتطرفين وهواة الشهرة على القنوات الفضائية و«فيسبوك».
لا أذكر عدد المرات التي كتبت أو طالبت فيها بتجديد «الفكر الدينى» وليس «الخطاب الدينى»، والمقصود بـ«الفكر الدينى» هنا ما يمثل فهم الإنسان للدين، ورؤيته الشخصية، وليس المقصود بذلك الفكر أن نجدد الدين، الذي يمثل النصوص المقدسة والكتب السماوية بالطبع، وليس المقصود كذلك تجديد شكل الخطاب الدينى وكلماته بما يتواكب مع مفردات العصر، بقدر ما يتعلق الأمر بإعادة نظر وتعديل مضمون الفكر، بما لا يتعارض أو يمسّ النصوص الدينية والثوابت الإيمانية. وبالقطع، يرتبط تجديد «الفكر الدينى» بشكل أساسى بتجديد التعليم الدينى في مصر.
نقطة ومن أول السطر..
أعلم جيدًا أن هناك العديد من الآراء والتفسيرات للنصوص والأحاديث الدينية.. منها المؤكَّد والموثوق، ومنها الشاذ والمنبوذ، وما علينا هو الارتكاز إلى المؤكد واستبعاد الشاذ، وهى مسؤولية أصيلة للأزهر الشريف وحده وقبل غيره.
نقلا عن المصرى اليوم