بقلم : ايهاب رشدى
 
لم يكن الاشخاص الذين اجتمعوا فى قسم العامرية يوم الاربعاء الاول من فبراير الحالى يظنون أن العالم كله سيكون شاهداً على  محضر الصلح الذى أقروه  ببساطة القرويين لإنهاء أزمة قرية شربات ، ولكن من سوء حظهم أن النسخة الضوئية والمكتوبة بخط اليد لهذا المحضر  قد تداولتها مواقع الانترنت وصارت حديث الفضائيات ووكالات الانباء والجرائد المحلية والعالمية 
 
وقد قال أبو سليمان وهو أكثر المتضررين فى هذه الاحداث بأن العميد خالد شلبى قد استدعاه لقسم العامرية لحضور الجلسة العرفية والتى أخبروه فيها بان هناك نداءات بأن يوم الجمعة المقبل سيكون جمعة تطهير لأسر المسيحيين فى شربات  وعليه أن يغادر أذا أراد السلامة له ولاقباط القرية . 
أى أن أجهزة  الشرطة بالاسكندرية والمسئولة عن أمن الناس يدها عاجزة عن حماية أسر الاقباط المصريين لذلك فهى تؤثر السلامة عملا بالمثل الشعبى " الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح " ، وقد رأت أجهزة الشرطة ان تسلم القضية للجنة العرفية ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم بدلا من وجع الدماغ . 
 
وفى قراءة لمحتوى محضر الصلح هذا لنا عدة ملاحظات : 
 
1- اجتمعت اللجنة والمكونة من سبعة أشخاص جعلوا من أنفسهم وسطاء (  لحل النزاع القائم بين الطرف الاول وأهالى النهضة ) وذلك كما جاء فى المحضر .
 
لقد أقام أعضاء هذه اللجنة من انفسهم قضاة يحكمون ويأمرون ويا ليتهم قضوا بالحق وإنما وقفوا موقف عدائى تجاه المجنى عليه وأطلقوا المذنب . أنهم يشبهون بيلاطس الذى حكم على السيد المسيح بالصلب وأطلق باراباس ، ولست أدرى أين هو النزاع الذى يشير اليه المحضر  فى هذه القضية . فالمسألة ليست إلا اعتداءت من طرف قوى على طرف آخر ضعيف . اعتداءات حدثت على بعض الاسر المسيحية بالقرية إثر شائعة عن وجود صور لسيدة مسلمة على هاتف شخص مسيحى ولم يقر أحد من اهالى القرية أو خارجها برؤيته لهذه الصور . أى أن الموضوع كله لم يخرج عن حدود شائعة ، وقد تم حرق بيوت ومحلات وممتلكات لأسر مسيحية ليس لها أى ذنب سوى أنها مقيمة بجوار منزل الشخص الذى ثارت بسببه الشائعة ، والمثير للدهشة أن منزل هذا الشخص نفسه  لم يتعرض للحرق مما يدعنا نشك فى أن ما حدث كان مقصوداً به أشخاصاً بأعينهم بهدف احراقهم وإزلالهم وكسر شوكتهم لكونهم يمثلون أعيان القرية المسيحيين والذين لهم أيضاً تجارة رائجة فى القرية ويتمتعون بسمعة طيبة بين الجميع . 
 
2- قضت اللجنة بأن يترك أبو سليمان القرية درعاً للمفسدة وحفاظاً على حياته هو وأولاده . 
بدلا من أن تقوم اللجنة بمساعدة الاشخاص المتضررين من الاحداث لتعويض جزء من خسائرهم أو تبحث عمن نهب وسرق وحرق من الرعاع والبلطجية فانها تغض النظر عن هؤلاء وتأمر المجنى عليه والمتظلم بأن يغادر القرية بحجة الخوف على حياته . 
 
3- ثم أقرت اللجنة بأنها ستتولى انهاء الامور المالية الخاصة بأبو سليمان عن طريق وكيلا له وكذلك حماية ممتلكاته حتى تباع وفوضت الشيخ شريف الهوارى وهو من كبار شيوخ القرية فى بيع ممتلكات ابو سليمان . 
كان المخطط الخبيث أن يغادر الرجل القرية وبأقصى سرعة ويعين وكيلا ومفوضاً له فى كل شئ ويكون هو فى موقف المتفرج على ما يحدث ، وبهذا يستريحون من كبير الاقباط فى القرية وكما يقول المثل الشعبى " اضرب المربوط يخاف السايب " . 
 
4- وفى البند الخامس أقر اعضاء اللجنة بأنهم سيقومون بالتحرى وبذل الجهد لمعرفة الجانى والمجنى عليه ومقدار الاصابات ( حسب الاحكام الشرعية ) . 
 من المفترض أن هذا  المحضر قد تم فى قسم شرطة العامرية وهنا قامت اللجنة بالغاء دور الشرطة أو ان الشرطة هى التى ألغت نفسها ،  وقررت اللجنة انها  المسئولة عن التحريات ( وربما تستعين اللجنة بالمفتش كرومبو ) وذلك لمعرفة الجانى والمجنى عليه معاً ، وهى سابقة أيضاّ جديدة من نوعها فكل جريمة إما أن يكون الجانى غير معروف ، أو المجنى عليه غير معروف ، إما أن يكون الاثنين معاً غير معروفين إذن أين القضية من أساسها ، كما أقرت اللجنة بان المقياس فى تقدير الاصابات وأعتقد أنهم يقصدون الخسائر سيكون حسب الاحكام الشرعية . أى ليس حسب أحكام القانون المصرى وذلك على خلفية أنهم يقيمون فى قرية النهضة التابعة للملكة العربية السعودية .  
 
5- جاء توقيع المهندس نادر مرقص عضو المجلس الملى السكندرى فى صدارة الموقعين على هذا المحضر 
وفى تصريح  له على هذا قال الاستاذ نادر مرقص  " أن هذا القرار تم التوصل له بعد مفاوضات استمرت ساعات طويلة للوصول إلى أفضل الحلول التي يمكن أن تحتوي الموقف"  ولست أدرى بأى صفة حضر الاستاذ نادر مرقص محضر الصلح هذا ، هل بصفته الشخصية أم بصفته عضو فى المجلس الملى . فاذا كانت الاولى فلا جناح عليه وهو حر فى رأيه ورؤيته للأحداث ، وأما إذا كان بصفته عضو فى المجلس الملى فكيف يوقع أحد اعضاء المجلس الملى على هذا المحضر المجحف لأبسط قواعد العدل وحقوق الانسان ، ثم يأتى أربعة أعضاء من نفس المجلس ليصدروا بياناً يوم الاثنين الماضى يعلنون فيه رفضهم لما جاء بهذا المحضر ويصفونه بأنه محضر إذعان . والواضح هنا ان المجلس الملى منقسم على ذاته ولا يمثل صفاً واحداً يقف فى ظهر المواطن القبطى لمؤازرته . 
 
6- ثم جاء توقيع القمص بقطر ناشد كاهن القرية كشاهدا على المحضر 
 ولست ادرى هل جاء  توقيعه نتيجة للارهاب الذى وقع عليه وعلى اقباط القرية قبل يومين من جمعة التطهير التى أعلنوها ، أم من باب مصلحة أبو سليمان والذى وقع هو أيضاً مجبراً على هذا المحضر وهو غير راضياً عنه . كان  الاجدر بالقمص بقطر أن يرفض التوقيع كشاهداً على هذا الظلم البين الذى اوقعوه على أبو سليمان .ببب