الأقباط متحدون | "مصر" بين التقزيم والتقسيم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٢٢ | الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٢ | ١٣ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٧٧ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

"مصر" بين التقزيم والتقسيم

الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: أوليفر
 
لا أنت هنا لتتسلى بالقراءة ولا أنا أتسلى بالكتابة، فما أسطره هنا هو حروف من وجع، وأنا أرى وطني ينحسر يندهس يتمزق، ثم يتقسم.. لا أظن أننا نفرح بانحسار مصر، ولا بانكسار مصر. لا نفرح بتقزيمها ولا بتقسيمها، ولكننا نرى وكأنها نعجة تُساق إلى الذبح، لا تقاوم، مصر لا تقاوم التقزيم ولا التقسيم، بل بكل همة سوداوية يتنطع المتخلفون بأنهم يشكلون واقع مصر الجديدة، وما أسوأه واقع.
 
يظنون أنهم يفهمون ما يقومون به من أدوار دون أن يدركوا ماذا بعد... يظنون أن الدجاجة ستبيض ذهبًا حتى لو ذبحوها، لكن الدجاجة تكاد تموت في أيديهم، وهي تنزف وتوشك على النهاية فيما هم ينتظرون الذهب حيث لا ذهب..
مسرحية ذبح "مصر"
الفصل الأول
بلغة المسرح نستطيع أن نتخيل الأحداث..
صوت داخلي يهتف من ميدان التحرير "يسقط يسقط حكم مبارك"، بينما المخرج وهو هنا أكثر من مخرج، يشير لبعض من الكومبارس الذين يرتدون نفس الزي، مثل حروب البسوس، يخرجون كمن يقاتل الكفار، يتبعون الهاتفين من ميدان التحرير وبينهم مسافة. لقد أمرهم المخرج أن يحتفظوا دائمًا بمسافة بينهم وبين ميدان التحرير، حتى يستطيع أن يشاهد المشهد بوضوح.. لا يريد أن تختلط عليه الهتافات ولا الأشخاص، فيصبح الهاتفون في التحرير في الصفوف الأمامية، وبينهم وبين الصفوف الملتحية بعض الضحايا ودماء على المشهد، لا يوجد ضحايا بين الملتحين حتى لا تتسخ جلاليبهم البيضاء المقزمة.
 
لا يوجد هتاف للملتحين سوى "الجيش والشعب إيد واحدة".. بعدها بقليل يصبح الهتاف "الجيش والإخوان إيد واحدة"..
 
على جنبات المسرح يقف عدة أشخاص يلبسون الزي العسكري وقد أحاط كل أربعة بأحد قيادات الملتحين، فهؤلاء يقفون مع القرضاوي وأولئك مع العوا ومجموعة أخرى مع المدعو "حسان" والرابعة مع بديع.. من بعيد يقف بعض المشايخ ينتظرون ولو إيماءة من العسكر حتى يلحقوا بنصيبهم من رضا العسكر، فتجد بعض المشايخ واقفون بجوار بعض يعرضون خدماتهم مجانًا لعلهم يوفقون. أرى منهم صفوت حجازي والشحات، بينما يجري بعيدًا الأزهري وغنيم حانقين لرفض أي استعانة بهم.
 
يشير مساعد المخرج (إضاءة) فتغمر المسرح نار تأكل، نار في أطفيح، نار في إمبابة، نار في ماسيبرو، نار في المجمع العلمي.. يهتف المخرج (كفاية) فيظن المشاهدون أنه يقصد كفى نارًا بينما هو يقصد أن يتجه الحريق إلى حركة كفاية، فتبتدأ حرب التشهير، والتحقير، ثم التهديد، وتتزايد حلقة الرياء المستعرة بعد أن يسمع السلفيون والإخوان أن المخرج متلذذ بهذه اللغة. فيخرج البرادعي من على خشبة المسرح غاضبًا بعد أن تحالف بعض من رفقائه مع العسكر، وانكشف عمرو موسى ورقص الملتحون فرحًا وهو الذي ضحى بنفسه وطالب بأن يأخذوا حقهم في العمل السياسي، ولكن هكذا دائمًا تدور الدوائر. من بعيد ينظر  أبو إسماعيل إلي المخرج يتمنى ولو ابتسامة رضا، وهو التائه بين الجلباب والبدلة، ولكنه لم ينل سوى بعض تصفيق من بعض السلفيين.
 
ينادي أحد مساعدي المجلس العسكري (أكشن)، فتبدأ فرقعات جوفاء، جواسيس ليسوا جواسيس، هجوم علي حركة 6 أبريل، وعود براقة تخبو منزوية تلعق جراحها، قوانين دور العبادة تختنق من الحسرة، وقوانين الأحوال الشخصية للمسيحيين أثر بعد عين.
 
هذا الرجل متهم في 4 مليارات هاربة.
(أكشن).. يكرر مساعد آخر يُدعى "رضا محمود حافظ" والذي ستضيع "سيناء" علي يده لو بقى طويلاً على المسرح، فتبدأ تفجيرات خطوط الغاز، ثم تفجيرات قسم العريش، ثم تفجيرات خطف الضباط، ثم خطف السياح الصينيين، ثم خطف سائحتين أمريكيتين.
 
هذا الأكشن الإجرامي علي يد رجل فاقد البعد الإستراتيجي لسيناء، وكل مؤهلاته أنه يرأس سلاح الطيران خلفًا للمخلوع.
 
صوت الراوي من الداخل ويُدعي محمد حسين طنطاوي.. تسمع همهمة قبل أن يبدأ حديثه، صوت استئذانه لسامي عنان يأتي في الميكروفون الداخلي، هل تعجبك هذه يا سامي؟ يسأل طنطاوي فيقول له سامي دعني أسأل لك المخرج. واضح أن المخرج يتكلم بلغة إنجليزية بلكنة أمريكية التي لا يفهمها طنطاوي، يأتي تصريح بالإشارة لطنطاوي لكي يخرج على المسرح فيقول كلامًا ينتظر الجمهور كلامًا غيره، يأتي الكلام غير مرتب، يبدو أن طنطاوي لا يحفظ دوره، يدخل ويخرج يدخل ويخرج مرات عديدة وفي كل مرة لا يصفق الجمهور ولا يفهم من طنطاوي شيئًا.
 
هذا الدور أكبر من إمكانيات طنطاوي، ولكن الإتفاق دائمًا أن يتسيد المشهد الأقل كفاءة حتى لا يطالب المنتج بأجرٍ أعلى.
 
بعد قليل تعزف موسيقي حزينة في السويس والإسكندرية وقرب محمد محمود بالقاهرة، ثم تخرج فرقة كئيبة ترقص شيئًا قريب الشبه بعبدة الشيطان، فيصفق لها طنطاوي وحده، وينظر الملتحون إليهم في زهو كأنهم يفهمون وهم لا يفهمون.
ينتهي الفصل الأول.. تعود جوقة المتظاهرين بميدان التحرير إلي المسرح، ويكررون الهتاف نفسه مع تغيير بعض الأسماء كي تسقط وتسقط، ولكنها لا تسقط بعد.
 
الفصل الثاني
تقزيم مصر  
التقزيم أي تستنفذ طاقة وطن بأكمله في (لا شيء)، أن تختزل الناس في اسم، والرياضة في لاعب، والفن في فنان، والسياسة في زعيم، ثم تصحو على الكارثة أن الوطن ليس وطنًا للحياة بل وطنًا للبيع. 
 
يقف المخرج بين الملتحين يختار الملامح الأشد قساوة والأكثر غباوة. نعم أنت، فيخرج ليتكلم كأنه يتجشأ.. يصب كيلاً من القاذورات من فمه في صورة فتاوي، فلتتغط التماثيل أو تتحطم، الفن حرام والرياضة حرام والسياحة حرام والأقباط كافرون، نعم لا تقول ما هو أكثر. أنت لا تفهم في السياسة، أنا لم أختارك للسياسة لذلك يسقط الشحات في الانتخابات. ليس دوره تحت قبة البرلمان بل قبة أحد زوايا الجهل والتخلف. 
 
المخرج يقول له أن دورك هو تسخين التصفيق كلما فتر الهاتفون من أصحاب الذقون الغبراء والعقول السوداء.
 
يتطلع أحدهم في مكر ودهاء، يتساءل أمام المخرج: وأنا أين النص الذي سأحفظه؟ ما هو دوري سيادة المخرج الأعظم؟ ماذا أقول يا باشا؟؟
فيجيبه: لا تقول شيئًا يا سعد. وبناءًا عليه فأنت دورك هو إشاعة الفوضى في البرلمان بسبب خوفك من اللحي وجهلك بالآخرين ورفضك للجميع. دورك أن تشتت الجهود إن وجدت. كلما وجدت ضغوطًا شكل لجنة، أنت تعرف الحل، تستطيع أن تصرخ في النواب، تعاملهم كتلاميذ في فصل المشاغبين، لكن إياك أن تقسو، دعهم يهدرون الوقت أولاً ثم تدخل كرجل حكيم كان يستكشف الأمور. دائما يا كتاتني اهدر الوقت في استكشاف الأمور، تكلم كثيرًا كلما كان الأمر تافهًا أما إن كانت هناك جدية لا سمح الله فأترك النواب الملتحين يثيرون شغبًا ويكون دورك التهدئة بين الأولاد.
 
عندما يستجوبون وزيرًا دعهم يتعاركون مع بعضهم البعض ثم بعد أن ينال الجميع من الجميع قدم الوزير إلى المنصة، وإذا تاه منك الموقف فقل آية عندكم آيات كثيرة وأحاديث، أو قل لندع وقتًا للوزير ليصلح شأن وزارته وإلا أقلناه.
 
ثم يخرج طنطاوي بعدك قائلاً البرلمان لا يملك سلطة الإقالة. يقولها وهو يبصم على قوانين لم تدخل مجلس الشعب، فيصدرها بعد تكوين المجلس ثم يعلن عنها في جريدة الوقائع بتاريخ سابق على إصدار القوانين. طنطاوي لا يعمل حسب النص لأنه لا يحفظ النصوص ولا القوانين، بل تأتيه تعليمات المخرج عن طريق سامي عنان، ويخشى طنطاوي أن يصاب سامي عنان مصابًا أليمًا مع أنه فعلاً يريد أن ينفرد بدور البطل لكنه لا يحفظ اللغة مثله.
 
في حضور طنطاوي تصدر القوانين مثل اللصوص، خلسة لا يعرفها أحد ولا يشعر سوى بالجريمة بعد وقوعها. فهكذا يفعل المتآمرون على الأوطان، يخدرون الشعوب ويسرقون مستقبلهم.
 
الكتاتني يتملق الجنزوري لأن طنطاوي أوصى به خيرًا.
 
نشرة الأخبار تنبعث من أحد أجهزة التليفزيون أعلى خشبة المسرح.
يقف التعليم على باب التسول، ومصر خلفه تتسول، وتتراجع الحضارة على يد من ينشرون التخلف في الإعلام . يهتف محمد صلاح من اليوم السابع أنه باع الجريدة بأعمدتها بأعلى الأثمان، وقبض الثمن من السعودية. كل محرر له راتبان. الأول من الجريدة، والراتب الثاني يقبضونه من محمد حسان (مندوب السعودية) الذي يزعم أنه يستطيع أن يجمع أضعاف مبلغ المعونة في 24 ساعة؟؟؟؟؟؟ ولا أدري ما هذا الرجل الخارق الذي يستطيع أن يفعل ما تعجز دول بكل أجهزتها عن فعله، إلا لو كان الأمر بسهولة هو أن السعودية ستدفع لحسان لتشتري مصر بأكملها، فيبيع من لا يملك لمن لا ينبغي أن يملك!!. علي أية حال لقد أعلن الأزهر تأييده للحملة المزعومة لكي يربح نصيبه لو حدثت و يربح نقاطًا لتأييده للسلفية لو لم تحدث.
 
محمد عبد القدوس هو حلقة الإتصال بين الإخوان وبين الصحفيين. هكذا يصرح المخرج، وهكذا يشترون المصري اليوم.
 
يقف أحد المتفرجين ويهتف من داخل قاعة المسرح الفسيحة قائلاً:
حسان هذا أكذوبة، فلو كان يستطيع أن يجمع المليارات في ليلة واحدة فماذا يمنعه من البدء في ذلك؟؟؟ ولماذا  يشترط أن ترفض مصر المعونة؟؟؟ فليجمع ما يشاء وإن أتت المعونة فليكن دخلاً إضافيًا وإن لم تأت فلدينا البديل؟ أما وإن حسان هذا (الشيء) يشترط علي مصر أن تتنازل عن المعونة فهو بمكر يورط مصر في صدام مسلح مع إسرائيل والذين يشغلونه من خلف الستار يعرفون أن الاستغناء عن المعونة يعد بمثابة إعلان حرب ضمنيًا ضد إسرائيل، وهو ما تريده السعودية لهدم مصر غير المستعدة لأي حروب خارجية.. تريد السعودية أن تضيع مصر ويتفرق دماء المصريين على الحدود، وهذا يوفر للسعودية عشرات السنين تتنفسها إلة أن تقوم لمصر قائمة من جديد.
 
ثم أن المعونة ليست فقط أموالاً بل أسلحة، وهو ما لا يمكن أن تستغنى عنه مصر، وإلا تتحول أسلحة الجيش إلى خردة خلال بضع سنوات.
 
ينظر المخرج إلى حسان ويقول.. (ستوب) لا خروج عن النص هنا، الكل يعمل حسب أوامري، فيتوقف حسان عن كذبته العالمية..
 
ينبري العوا عائدًا من مؤتمره إنجلترا مهانًا مطرودًا حيث هتف ثوار الصف الأمامي ضده كاشفين أنه متواطئ. نعم هو ممثل المؤتمر الإسلامي الذي وضع خطة حقيقية للتخلص من الأقليات المسيحية في البلاد الإسلامية خلال 10 سنوات بتمويل من السعودية وقطر ومشايخ البترول في الكويت والبحرين.
يستدعيه المخرج.. قف على خشبة المسرح... اعلن بأقوى صوت أن مصر إسلامية... يتعجب العوا من المخرج غير المسلم.. لا يدرك مغزى الدعوة الإسلامية لأن المخرج نفسه يكره هذه الدعوة. يقترب إليه المخرج قائلاً: أنت تغذي الإعلام الإسلامي بتصريحاتك الجوفاء، فدورك هنا إعلامي ليس إلا... دعك من المؤتمرات الشعبية لأنها ستفضحك. 
 
تكفيك الكاميرا و الأضواء مثل حبيبك عمرو موسي. ليس لكما سوى أن تملأا الهواء كلامًا واحشروا بين كل عبارة وعبارة كلمة إسلامية. ليس لك أن تقول ما هو أكثر وإياك والحديث عن العسكر لأنهم أصحاب النص الأصلي في الرواية. 
 
أنت هنا مجرد صدي صوت لأصحاب اللحي الطويلة والعقول القصيرة. أنت هنا مخدر للعقل المصري.
 
يأتي صوت شاشة التليفزيون من أحد جنبات المسرح حيث يعرض كلامًا لأحد نواب الليبراليين يقول بإختصار التعليم في مصر يتسول ومصر تتسول من خلفه. لقد سمعت نفس التصريح منذ دقائق في قناة أخرى؟؟؟؟؟؟
يغلق المخرج التليفزيون، و يهتف: والآن إلى مشهد تقزيم مصر.. 
 
كيف يحصل التقزيم
التقزيم في السياسة أن تتصدر قطر اجتماعات العرب، وتقوم بقيادة مفاوضات بشأن سوريا.. دولة كل مواطنيها ثلث مليون مواطن تريد أن تحكم مصر!!
السعودية ترفض تسديد المنح لمصر، فكلما أفلست مصر كلما كان أفضل، فلتتقزم مصر لكي تظن السعودية أنها شيئًا، فليحكم البترول أفضل من العقول، وليملأ البترول ضمائر الملتحين في مصر أفضل من أن يصبح لمصر جيش يخيف السعودية دوامًا، أو كيانًا يزاحم السياسة السعودية العقيمة في كل المحافل.
 
حتى أمريكا أفسدت مبارك و أبناءه وتسترت على جرائم غسيل أموال ارتكبوها، وهي تستغل هذا الوهن في القيادة المصرية لكي يتم إخضاع مصر لأوامرها. حتى سويسرا أخفت جرائمهم ولم تكشف عنها سوى مؤخرًا.
 
الآن أتذكر لماذا توقف مبارك عن زيارة البيت الأبيض أربع سنوات. لقد كان يقابله الرئيس الأمريكي مقابلة الشرطي للص، حتى أن الكونجرس أمر بأن تخضع أموال المعونة للإشراف المباشر الأمريكي عام 2009 إمعانًا في عدم الثقة في قيادات مصر بدءًا من الرئيس مرورًا بالوزراء ثم المحافظين، فكيف لا تتقزم مصر إذا صار كل مسؤوليها مجرمون؟
 
تقزيم مصر بدأ بتخلف التعليم في مصر، وتبعه تخلف الإعلام في مصر. في المدارس منهج يبعث علي كراهية العلم، وفي البيوت منهج يبعث علي كراهية مصر. هكذا تم حصار المصريين. فسادُ في البر والبحر والجو. فساد علي كل المستويات. تقزيم مصر تم بإفساد قيادات مصر. تسوست أعمدتها فكيف لا تنهار؟؟ 
 
التقزيم يكون بالضغط المالي والسياسي والإعلامي، ومصر تتعرض لهذا العدوان الثلاثي.
التقزيم أن ينحسر دور قطاعات عريضة من مصر، الأقباط أولهم والمرأة أيضًا، الأدباء والفنانين، العلماء والمتخصصين، إذا اختفي هؤلاء من الساحة تقزمت مصر.
 
من الأسهل على أمريكا أن تنتشر الديكتاتورية في بلاد الأغلبية الإسلامية؛ لأن السيطرة علي مجموعة الأشخاص المتحكمين في البلاد الإسلامية أسهل من السيطرة على آلاف الأشخاص صناع القرار في البلاد الديمقراطية.
 
لذلك تشجع أمريكا الديكتاتورية إلى أن يخرج الديكتاتور عن طوعها عندئذ تقبض عليه مثل نورييجا أو ميليسوفيتش  بتهمة الديكتاتورية ذاتها، ولكنه ما دام مطيعًا فهي مسئولة عن حمايته والتغطية على جرائمه مثل معظم الحكام العرب إن لم يكن كلهم. ثم إن خلع ديكتاتور من الحكم هو شعار مقبول لدي الرأي العام الأمريكي يتم استغلاله عند اللزوم.
 
تقزيم الفن المصري بدأ منذ سنوات دون أن ينتبه السياسيون باعتباره شأنًا فنيًا خالصاً، بينما كان أحد حلقات تقزيم مصر من خلال شراء كل منتجات التاريخ السينمائي ثم دفنها في الأرشيف لمصلحة أصحابها وهم أثرياء سعوديون. وفي المقابل ترويج وإغراق للمسلسلات السورية والتركية مع انحسار مريب للطلب علي المسلسلات المصرية، ولذلك لا تستغرب إذا عرفت أن الأموال التي تمول الأعمال الفنية السورية كلها سعودية وكويتية.
 
المخرج يطلب من (اللبيس) أن يلبس أحد العسكر ثياب الديكتاتور والذي يقوم بمهام اللبيس هنا هو (حزب الوفد)، في المسرح يجرب اللبيس الملابس علي الممثلين، وفي السياسة يجرب اللبيس الممثلين علي الملابس. لذلك فهو حزب اللبيس، دائمًا لا يعرف المقاس لكنه يظل يجرب.
 
المهم أنه يقوم بدوره يأخذ الديكتاتور من المخرج ويكسوه بثياب من العصور الغابرة، ويقدمه إلي صف الملتحين ويأمر الموسيقي بالتطبيل والكورالات بالغناء بأغنية يعيش الزعيم يعيش الزعيم مع أن البلاد الإسلامية لا يعيش فيها أي زعيم بل يموت مغتالاً، حتي زعيم الفن حبسوه لكي لا يصبح هناك أي زعيم من أي نوع.
 
مداخلة فجائية: يغمز المخرج برموشه لأحد المناضلين الأقباط فيصيح أن الأقباط يرفضون الكوتة في المجالس، وأنا أري الأقباط إذا رفضوا الكوتة سيطفحون الكوتة؛ لأن المواطنة لن تأتي سوي بالتدريج. فهل تكف أيها المناضل عن الفكر المثالي وتتبني الفكر السياسي ما دمت تريد أن تلعب علي المسرح؟ لذلك أطالب بكوتة للأقباط في كل المجالس، فأنا لا يهمني تحت أي مسمي يدخلون بل يهمني أنهم يكونوا متواجدين يمارسون مهمتهم في التعبير الحقيقي عن قطاع عريض من مصر اسمه الأقباط. 
 
يغمز المخرج لأحد الأشخاص وهو محامي تحت الطلب فيقدم عريضة دعوى ضد نشطاء الأقباط ومنهم الكهنة، ويرسل قصاصة ورق معه للنائب العام، فيستدعي نجيب جبرائيل ومايكل منير وأبونا متياس وأبونا فيلوباتير،  فقط ليخطرهم أنهم تحت تهديد، ولتكون إجراءات سير القضية الوهمية هي ورقة إبتزاز للأقباط و نشطاؤهم، فليتركوا شهداء ماسبيرو لخالقهم وليتركوا السلطة للمخرج ويصمتوا. ماذا وإلا ؟؟؟؟ ثم يفرج عنهم جميعاً بدون ضمان أو كفالة مما يهدم القضية ويكشف زيفها....
 
تقف مجموعة من شباب الأقباط علي مقربة تهتف: ملعون هذا يا قضاء الممثلين أو يا ممثلين القضاء، ملعون الحكم بأن تنفصل ابنة عن أمها لأنهم رفضت أن تعيش مسلمة، ملعون الحكم بتهجير الأقباط من العامرية تمهيداً لتهجيرهم من كل الأماكن.
 
رحماك أيها المخرج، فلنعد للتقزيم
التقزيم هنا أي أن يختصر الشعب كله في شخص أو عدة أشخاص. لذلك حرص المؤلف علي تسمية المجلس العسكري (بالجيش) وتسمية الوزراء (بالدولة) وتسمية المشير (برمز مصر).. إنها حفنة من الإختصارات الكريهة التي تختزل الجميع في الشخص وهذا ليس صحيحاً في البلاد الديمقراطية.. إنهم يقزمون مصر حين يخلقون دعاية جوفاء لأبطال من هواء، فيشطبون علي ملايين المصريين الذين يفهمون ويحبون مصر أكثر من المخرج والممثلين والمؤلفين وكل من علي خشبة المسرح.
 
عفوًا إذا تهت معي وسط أحداث المسرحية، فهذه هي مسرحية الفوضي الخلاقة يا سيدتي ويا سيدي.
 

لقاؤنا بمشيئة الرب قريبًا مع الفصل الثالث والأهم وهو تقسيم مصر، كيف متي أين ومن يقسم وماذا نفعل . ومصير الأقباط؟؟ إنه فصل مصير مصر؟ فلنتابع.


و الآن فلنرتكن إلي موضع الراحة.



حين ترتدي الأرض ثياب الربيع، تكتسي بالفيروز، تحتضن الرجاء في اشتياق، تنظر إلي فوق وتسألك راحة.



يا راحة الأرض المتعبة، أسمك عجيب، مريح القلوب يا ربنا يسوع؛ لأن متابعة مظالم الأرض منهكة؛ لذلك نرفع أعيننا إلي فوق حيث لا مظالم. لا مكائد أو تظاهر. كل ما هو فيك حقيقي أيها الرب الممجد. محبتك حقيقية لا شك فيها. خلاصك أكيد لا لبس فيه.عونك بالحقيقة متاح لا تردد فيه. رغبتك في تمتعنا بالخلاص مؤكدة لا تلون فيها.


أنت الصدق كله. أنت الحق كله. أنت الحب كله. أنت الخلاص كله. فكن لنا. نريدك أنت.



لكنك أيضًا بعظمة صنيعك تستطيع أن تطوع الأحداث لمشيئتك. فلا تكون بمشيئة رجال يدبرونها ولا ضحايا يعانون منها بل تتحول فيك إلي ما هو خير و فرح وسلام.


نحن نؤمن أنك أنت مدبر الكون والأوطان وليس البشر مهما يتصنعون من مكر ودهاء.


دعهم ينفقون أموالهم في الهباء حتي يعتازون من جديد لشخصك الغني.


دعهم يتأكدون من فشل ذكاءهم المريض في تغذية الكون بالبشر؛ لأنك أنت هنا سيد الكون.


دعهم يرفضون إيمانك ليعرفوا معني الفشل فينتبهون. ليتهم يفعلون ويرجعون.


دعهم يتحدون كالأشواك فيوخزون أحدهم الآخر. ويكونون في الحقيقة في نيران الذات المحرقة، حتي يأتي اليوم فيتضعون مثل نبوخذ نصر ويرفعون أعينهم إلي القدير ويسبحون عوضًا عن عبادة الذات. ويمجدونك عوضاً عن الفخر الكاذب بما لا يملكون.


اليوم صلاتي لأجل الأشرار. افتح لهم أبواب معرفتك. ويكون الأدب مرشدًا لهم للخلاص. اليوم صلاتي لأجل الكارهين الحب مثل فرعون. أرسل لهم موبخًا وهاديًا مثل موسى. فلتكن كنيستك صوتك للعالم. لعل هناك من يستجب.


اليوم صلاتي لأجل السياسيين. يتكلون على حساباتهم، فيأتيهم الخراب من حيث لا ينتظرون. لكنك لا ترفض القصبة المرضوضة والفتيلة المدخنة. فلتكن يدك عليهم للنجاة.


الصغار في البلدان ينتحبون، كن فرحهم ولا تتأخر. لأجل الصغار أصلي. لأجل العاجزين عن الفعل. الممنوعين من الكلام. ارسل حكمتك فيهم كوعدك فيتغير بهم هذا الجيل.


من ينتصر ينتصر بالرب. من ينجح فبالنعمة، من ينكسر فلأن الذات ضد المسيح. فأجمع يا مسيح الآب هذه الخراف من هنا ومن هناك إلي حظيرة واحدة. وإبق كما أنت بالحنان راعيها.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :