بقلم : د . مجدى شحاته
يبدو المشهد الذى رآه العالم على الساحتين السياسية والعسكرية بين كلا من واشنطن وطهران ، وكأن هناك توافق وتناغم بشكل أو بآخر بين الدولتين ، وذلك بعد الاحداث المثيرة والمقلقة التى شدت الانتباه ، بل حبست انفاس كثير من دول العالم لما دارعلى مسرح الاحداث فى العراق مع بداية العام الجديد . بدأ هذا السيناريو المريب مع بدية العام الجديد 2020 حيث قامت الولايات المتحدة بعملية عسكرية ، استهدفت موكب قاسم سليمانى قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الايرانى مع قادة آخرين وذلك صباح الثالث من يناير بالقرب من مطار بغداد العاصمة العراقية .
بعدها قامت ايران بالرد السريع باطلاق أكثر من عشرة صواريخ باليستية على كل من القاعدتين الامريكتين عين الاسد فى الانبار وحرير فى أربيل بالعراق .
وأعلنت طهران بعدها مباشرة عن تدمير القاعدتين ومقتل 80 من رجال الجيش الامريكى ، فى نفس الوقت الذى خرجت فيه التصريحات الامريكية تؤكد عدم جرح او خدش اى من رجال الجيش الامريكى وان الخسائر المادية طفيفة وان كل شئ على ما يرام !! وترقب العالم رد الفعل الامريكى ..
وبدأ العالم كله يتوقع امتداد المواجهات العسكرية بين الدولتين وحلغاء كل منهما ، واعلان الحرب العالمية الثالثة كما توقعت صفحات السوشيال ميديا !! وتعلن طهران بعد ساعات معدودة ، عن انتهاء عملياتها الانتقامية ضد واشنطن التى جاءت ردا على اغتيال قائد فيلق القدس .
فوق كل ذلك صرح مندوب ايران الدائم فى الامم المتحدة : " كل عملياتنا كانت متكافئة مع مقتل قاسم سليمانى وتم انهاؤها ، وفى حالة عدم اقدام الولايات المتحدة الامريكية على أى اجراءات عسكرية ضد ايران ، لن نقوم نحن من جانبنا بأى خطوات من هذا النوع " .
ومن الامور الملفتة بل والمثيرة للدهشة والعجب ، ما جاء فى تصريحات قائد القوات الجوية للحرس الثورى الايرانى ، بأن الضربات الصاروخية الايرانية ضد الاهداف الامريكية فى العراق ، كانت تهدف لضرب الآلة العسكرية الامريكية دون وقوع خسائر بشرية !! تأتى تلك التصريحات بعد ان كانت طهران قد أعلنت قبلها مباشرة عن مقتل أكثر من 80 جندى امريكى نتيجة قصف القاعدتين بالصواريخ الباليستية الايرانية .
وبالفعل لم يكن هناك أى ضحايا من العسكريين الامريكيين او العراقيين ، ولكن على جانب آخر كان هناك بكل الحزن والاسف كثير من الضحايا الابرياء ، ماتوا وزهقت أرواحهم وهم لا يدركون او يعلمون لماذ ماتوا وفقدوا أرواحهم ؟؟ سقط ما يقرب من 50 من الابرياء الايرانيين فى حوادث تدافع ودهس أثناء جنازة قائد فيلق القدس ، بعدها قتل 185 انسانا برىئا من الرجال والنساء والاطفال من جنسيات متعددة ، ليس لهم أى ذنب فيما حدث ... نتيجة اصابة الطائرة الاوكرانية التى كانوا على متنها بواسطة صاروخ ايرانى عن طريق الخطأ خلال ضرب القاعدتين الامريكيتين فى العراق وهذا وفقا لاعتراف الجيش الايرانى والخارجية الايرانية .
. الامر الذى أثار غضب الشارع الايرانى بعد الاعتراف الرسمى للحرس الثورى باسقاط الطائرة الاوكرانية بالخطأ عقب اقلاعها من مطار العاصمة طهران .
الحادثة التى عبر عنها الرئيس الايرانى قائلا : " مأساة كبيرة وخطأ لا يغتفر"
السيناريو الحاصل يؤكد ان طهران أكتفت باطلاق الصواريخ الباليستية على القاعدتين الامريكيتين كرد رمزى او صورى بغرض الاستهلاك المحلى لامتصاص غضب الشارع الايرانى وان طهران لا ترغب فى التصعيد ضد الامريكيين .
وعلى الجانب الآخر ، المشهد الامريكى يذكرنا بالرئيس الامريكى السابق الرئيس باراك اوباما حينما حاول افتعال حربا وهمية مع ايران قرب نهاية فترة ولايته الاولى ، بغرض رفع شعبيته للفوز بالولاية الثانية .
وفى الاحداث الاخيرة يخرج الرئيس ترامب يدعو الى التهدئة وعدم التصعيد وكأن شيئا لم يكن ، مع المطالبة بعقد صفقة جديدة مع طهران وانه سوف يساعد على تقدمها ونموها ، ودعوة ايران للجلوس الى مائدة المفاوضات للسعى نحو عدم تطوير طهران لبرنامجها النووى وعدم امتلاكها سلاح نووى فى المستقبل ، مع تحجيم الصواريخ الايرانية فى المنطقة واذا كان العالم قد تنفس الصعداء بعد الاحداث المثيرة التى شدت اهتمام العالم خلال الاسبوع الاول من العام الجديد بين كلا من واشنطن وطهران ، وان كلا الدولتان لا ترغبان فى التصعيد ، وهذا أمر جيد فى حد ذاته ، لتجنب حرب ربما يتسع نطاقها بشكل خطير . والسؤال .. هل انتهى الامر على ذلك النحو ؟؟ ام هناك امور اخرى كثيرة تكشف عنها الايام القادمة خلال عام 2020 ؟؟ فى النهاية .. الشعوب تدفع الثمن ... المجتمع الدولى كله يشعر بالحزن والاسف لسقوط أعداد كبيرة من الضحايا الابرياء دفعوا أرواحهم نتيجة لهذا السيناريوالهابط