الأقباط متحدون | حيـاة إنسان عند اللـه
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:٥٥ | الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٢ | ١٦ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٨٠ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

حيـاة إنسان عند اللـه

الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٢ - ٥٨: ١٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : مهندس عزمي إبراهيم

 

بمناسبة ثورة بعض المسلمين في أفغانستان وسفك دماء بسبب قيام بعض المتطرفين بحرق نسخة أو نسخ من القرآن، سواء بالخطأ أو لاكتشاف تحريضات إرهابية مدونة بهوامشها. أود أن أبدأ بأن حرق القرآن أو أي من الكتب أو الرموز الدينية لأي دين، سماوي أو غير سماوي، لو كان هذا الفعل متعمَداً، فهو تعبير كريه عن تعصب مقيت. هو غالباً تعبير انتقامي أو رد فعلٍ لفعلٍ مماثل، أو تصرف ناتج عن غضب وانفعال تنقصه الحكمة. زمثل هذا العمل لا يُنتِج إلا عنف وغضب وانفعال من الطرف الآخر يؤدي إلى تفاقم الأمور السيئة، فتنمو وتتضخم من سيئة إلى أسوأ.
 
حرق نسخ من القرآن خطأ وجهالة لا يخدم أحداً. ولكن يجب على المسلمين ألا ينسوا أو يتغافلوا عن أن المسلمين المتطرفون قد حرقوا نسخاً من الإنجيل مراراً وألقوا الصلبان والأيقونات والصور المسيحية من منازل المسيحيين وكنائسهم بمصر إلى الشوارع وداسوها وحرقوها مكبرين باسم الله كما هو مثبوت بالفيدوهات والصور. وهذا العمل الهمجي لا يقـِل (بأي مقيلس) عن حرق نسخ من القرآن فكلا الكتابين (أو ما في قداستهما) مقدس لدى صاحبه. وليس منها واحد أكثر قداسة من الآخر أو أقل قداسة من الآخر.. إلا في نظر الجاهل المتعصب.
 
لو نظر المسلمون، بحق الله وعدله، نظرة صدق مع أنفسهم، لاعترفوا بأن من يهدم المؤسسات ويحرق بيوت العبادة، ويخطف الطائرات والقاصرات ويغتصب النساء، ويقتل ويفجر الناس من كل ملة ومن كل دين، حتى من المسلمين، هم المسلمون فقط من دون العالم أجمع، ومن دون أديان العالم أجمع. فلا الهنود ولا اليهود ولا الصينيين ولا اليابانيين ولا دول الغرب يقومون بمثل هذه الأعمال الارهابية.
إن موقف المسلمين في تقييم الأمور غريب وعجيب. ففي بلاد العدالة والحرية (الكافرة) ينعم المسلمون بالحرية تحت عدالة القانون ويعيشون في سعة وأمن وسلام وهي ليست بلادهم. بينما المسيحيون يفتقدون الأمن والعدالة في بلدهم ويُظلـَمون عَلـَناً، وللأسف، باسم الدين.
 
لقد قام المسلمون المتطرفون في مصر بجرائم بشرية بشعة ضد أبناء مصر المسالمين وسفك دمائهم. وما زالوا مستمرين بهدم وحرق وتفجير الكنائس وبها المصلون يعبدون الله، وقتل عشرات الأبرياء وحرق المنازل وبداخلها اصحابها ونساؤهم وأطفالهم بلا رحمة، والاستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم تهجيرهم من مساكنهم وقراهم المقيمين بها منذ سنين وقرون. كل ذلك في وضح النهار وتحت بصر المسئولين بلا رادع من قانون ولا من حكومة ولا من دين.
 كل ذلك أيضاً بدون سبب أو استفزاز، أو باسباب واهية، أو أسباب مبالغ فيها، أو أسباب مفتعلة مفبركة لاستكمال أغراض تعصبية شريرة لا ترضى الله ولا الدين ولا العـُرف ولا القانون ولا العقل ولا العدل. جرائم شريرة غير إنسانية ولا دينية لم تكن أبداً من طبيعة المواطن المصري الطيب (مسلم أو مسيحي)، يقوم بها متطرفون مأجورون ملوثو الضمير أو فاقدوه، مدفوعون ومدفوع لهم من دول متعصبة مغرضة لتمزيق النسيج المصري الطيب.
 
لا يختلف معي أحدٌ، مسلم أو مسيحي، في أن حرق وهدم بيوت العبادة سواء كنائس أو جوامع أو معابد، وسفك دم المصلين الأبرياء مسلمين أو مسيحيين أو غيرهم، أكثر إجراماً دينياً وقانونياً واجتماعياً من حرق نسخة من أي كتاب مقدس. إن قيمة الكتب الدينية: الإنجبل أو القرآن أو مثيلاتهما، ليست أعظم من قيمة الإنسان. لأن قداسة الكتاب الديني هي تقديس ما يتضمنه من تعاليم وتوجيهات... لا تقديس غلافه وأوراقه وحبر مطبعته!!
 
لو حـُرِق ألف كتاب ديني (طـَبَعـَه إنسان) يمكن طبع مليون نسخة تعَوِّضها. ولكن لو قـُتـِل إنسان (خلـَقـَه اللـه) لا يمكن تعويضه.  الانتقام لحرق "كتاب" بقتل "البشر" علاوة على انه انتقام لا يجدي وجريمة في حق الله والدين والبشر، فهو تقدير للشكليات أكثر من الجوهريات، واهتمام بقشور الدين دون لبابه.
أياً من هذه الأعمال المقيتة سواء حرق كتب أو بيوت أو أماكن عبادة أو هدمها أو قتل أو تهجير الأبرياء هي نوع من الظلم الصارخ والبلطجة والهمجية الإجتماعية اللاإنسانية ملتحفة بستار الدين المزيف.. فهي في صلب جوهرها إهانة لدين المجرم القائم بهذه الشرور التي حرَّمها الله، بل هي إهانة للــه ذاته.
 
لا يُرضي عاقل أن تؤخد حياة إنسان خلقه الله في سبيل كتاب ديني يمكن طبع ملايين النسخ منه. ولا يُرضي عاقل أن يثور الناس على حرق كتاب يمكن طبعه ولا يثورون على سفك دماء الأبرياء وتدمير حياتهم.
حرق ألف كتاب ديني، رغم أنه عمل همجي وجهالة وانتقام صبياني، فلا يبرر قتل إنسان واحد. والحل المثالي في مثل هذه الأمور هو ترك القانونـَيـْن يعملان:
 
القانون الوطني بين الإنسان وعدالة حكومته، والقانون الإلهي بين الإنسان وعدالة خالقه.
 
 
حيـــاة إنســان
إهانـة كلمـة من كـــلام اللـــــه تطـاول غيـر مَقبـُول
إهانـة رمـز من رمـوز الديــن عنف بربري مَرذول
إهانـة كتـاب أو حـَـرق كتــاب ديــني فِعـْـل جَهـُـول
 
 
لكن اللـه إلـَـه رحمة ولا يرضيه قتـل النـاس
حياة إنسان عند اللـه أغـلا من كتاب يا ناس
فلا الإنجيـل ولا التـوراة ولا القـرآن
أغــلا عنــد اللـــه من حيـــاة إنسـان




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :