بقلم: أحمد صبح
ماهذه المحنة الفاشية التي نعيشها في مصر الآن ؟ ماهذا الليل الذي يتم فرضه علينا علماً بأنه بطيء الكواكب حالك الجنبات ؟ لماذا يتم سَوق الشعب المصري إلى الاستسلام والنقمة على الثورة والثوريين ؟
إنني لا أجد القلم بليل الريق ، طيّع الـَمقاد ، عندما أعبّر عما يجيش في صدري من معان ، وأنا في خلال هذا نهب مقسم الخوالج ، تكبحني رهبة تورث الخوف على ثورة شباب 25 يناير 2011.م ، ولكن في ذات الوقت تستحثني نشوة تثير الشجاعة والجرأة والإقدام ، وأي إقدام على المثول بين يدي قارئي الكريم ، وأي جرأة أعجب من جسارتي على مخاطبتكم ، حتى أقف باسطاً قلمي ، ومع ما يخامر نفسي من الرهبة وقلبي من الخوف وقلمي من العجز ، تجتاحني سعادة غامرة ، ونشوة بهيجة ، بأن أتاح الله لي فرصة عزيزة نادرة ، اهتبلتها من دهر شحيح ضنين ، يتآمر على الثورة وكذلك إعلام بغيض مأجور يريد إطفاء جذوة الحرية التي أشعر بها الآن في بلادي ، لذلك فلا أستطيع أن أكافيء " أقباط متحدون " في سماحتهم لي بأن أكتب على صفحتهم ، بعدما ندر الغوث وقل المعين .
معلوم للجميع أن الثورة المصرية ، قامت بها جموع الشعب المصري ، فلا يوجد شاب يافع ولا فتى ناضج ، ولا كهل سوى ولا كبير متقادم الميلاد ، ولا شيخ فانٍ برى الدهر عظامه ، إلا وشارك في هذه الثورة المباركة ، وقبيح بنا أن نتغاضى عن أولئك الذين يشوهون صورة الثورة والثوار ! وأعظم من ذلك أن نرضى بهذا القبح ، فضلاً عن أن نتواصى به ، حتى يكون سنة مألوفة لاينكرها أحد ، وإلف القبيح مفسدة للعقل ومتلفة للإحساس ، لماذا لانعرض الأمور على عقولنا ، فنضع الأمور في نصابها ، ليس نفاقاً لقادر ، ولا إجلالاً للمجلس العسكري ، ولا طلباً لمصلحة ، أو زلفى لمن بيده النفع والضر ، فلا يمكن أن يعرف الإنسان الخير ولايفعله ، ولا يمكن أن بعرف الإنسان الشر ثم يقدم عليه ، وأرى أن مايقدم عليه بعض أفراد النخبة من شعارات " مصر فوق الجميع " أو " الرئيس التوافقي " أو غير ذلك من الشعارات التي تنادي بالاستقرار ، إنما هو دس للسم في العسل ، أو مثل ما قال الله في آية آل عمران " آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ "
إن الحق أيها السادة إذا اكتنفته الأهواء الخاصة ، أو تم اسناد الأمور إلى غير أهلها ، فقد أصبح في مهب الزعازع العاصفة ، تطلب من يثبت في الميدان ليعيد الحق إلى نصابه ، ليتم إيقاظ العيون النائمة إلى الوضع الرشيد ، فيأتي بما يخفف العبء ، ويوهن الإصر من الأحكام ، ولا يتهيأ ذلك إلا لمن ظفر بشجاعة نادرة ، وعقل صائب ، واستنباط غزير
إن فلول النظام السابق في الإعلام وفي كل أجهزة الدولة تمارس الثورة المضادة ضد ثورة 25 يناير والثوار ، فظهرت شعارات " حافظوا على مصر "
وأنا أتساءل : هل الحزب الوطني البائد - والذي أباد مصر وأضاغ هيبتها - هو الذي يحافظ على مصر ؟ إنني أجد بعض الإعلاميين يقوم بوقفات لمساندة العسكري ، وكذلك للمطالبة بالاستقرار ، وهو كان من رموز النظام السابق ! هل الوقفات التي تتم في بورسعيد والأقصر والاسكندرية من هذا الإعلامي ، واصفاً الثوار بالعملاء ، تؤدي لاستقرار مصر ؟ لماذا إذا نادى الثوار بوقفة في التحرير ، نصعد نغمات العمل والانتاج والمحافظة على استقرار مصر ، علماً بأن الوقفات تتم في يوم العطلة " الجمعة " ، ولماذا يتم السماح بكل سلاسة للوقفات في العباسية وفي ميادين مصر ؟ هل هذه الوقفات تعمل على دفع عجلة الإنتاج ؟ إنني أربأ ببعض رموز التيار الإسلامي أن ينجرف وراء هذه الدعوات المغرضة ، عندما أجد رمزاً سلفياً مشهوراً يكتب في جريدة " الرحمة " منادياً بالعمل ثم العمل ثم العمل ! الأمر الذي يؤدي إلى إخماد الزخم الثوري لدى المصريين ، وإنني لأعلم بأن شعبنا العظيم أذكى وأوعى من أولئك الذي يريدون عن قصد أو دون قصد إطفاء جذوة الثورة ، لأن الأمر سيكون فتنة تأكل الأخضر واليابس ، لماذا نجد هذه الأقلام تتبارى في إخماد هذه الثورة ، بل إن البعض يكتب في أحد الصحف أن البرلمان انفصل عن الميدان ، لأن الميدان الآن لايعبر عن الشعب ! ماهذا الهراء الذي نسمعه الآن ؟! إن ثورة مصر لم تحقق أهدافها فلا تزيدوا الحق مرارة بسوء أخلاق أقلامكم .
إن الإعلاميين قبل الثورة هم هم بعدها ، انظر إلى دريم 1 ودريم 2 وإلى المحور ، وإلى نفس الصور التي كانت تسبّح بمجد النظام السابق ، مازالت تتحدث الآن ، وهي نادمة على وجود هذه الثورة ، وإن شجعت الثورة والثوريين ، إلا أنني أقول " لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم " ، نفس الوجوه في القضاء ، في الشرطة وفي الإعلام ، أنا لا أريد الانتقام من أحد بل أريد ان ينتهي هؤلاء من دس السم في العسل باسم الحفاظ على مصر ، وباسم الاستقرار الإنتاج
" لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا " الأحزاب
المجلس العسكري له أخطاؤه وأنا لاأريد توجيه الانتقاد إليه ، لأن في الفترة التي تكون الدولة محتاجة إلى شخص يقودها في أوقات عصيبة ، فإن أغلاطه الكثيرة تتهاوى أمام عمله الكبير ، فالمجلس العسكري والجيش المصري قد حسم أمره في ثورة 25 يناير وساند طلبات الشعب المشروعة ، بل هذا ما نجده في سيرة نبي الإسلام لما قال في أهل بدر : " لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اصنعوا ماشئتم فقد غفرت لكم "
ولكن المهم هنا أننا نجد أناساً تتزلف إلى العسكري ، وهي هي نفس الفئة التي كانت تراهن على النظام السابق وتسبّح بحمده ، بل إن الطابور الخامس مازال يعمل عن كثب ، رأيناه في أحداث بورسعيد وفي أحداث ماسبيرو وفي أحداث هدم الكنائس ، لكن الأغرب من ذلك أن يتم اتهام الدكتور البرادعي بعدم الوطنية !! اتقوا الله في الناس وارعوا الوطن في المواطنين ، أليس البرادعي هو الذي تم تكريمه هنا في مصر قبل الثورة لحصوله على جائزة نوبل ؟ ألم يطبل الإعلام قبل الثورة للبرادعي ، ولما كان الرجل من المنادين بالثورة على النظام السابق ؟ ولله أشهد أن البرادعي كان ينادي بإزاحة مبارك قبل الثورة وكان ينادي بالخروج في المليونيات قبل الثورة للمطالبة بالتغيير وأرشد الشعب المصري إلى دوره في التغيير ، ثم بعد ذلك نصفه بالخيانة والعمالة ، أيها الدجالون كفوا عن الصياح ؛ فنحن نعرفكم ونعرف تاريخكم ، لماذا هذا التشويه في وائل غنيم ومينا دانيال وفي مظهر شاهين .. وغيرهم ؟ لماذا هذه الوقفات ضد تليفزيون الأون تي في ONTV وضد عادل حمودة وقطع الإرسال عن معتز مطر ؟!
لماذا السماح بكل هذه الوقفات لبعض الإعلاميين " بلدياتي " ، والذي لم ينجح في انتخابات دائرته ؟ ولماذا لم يخرج علينا العسكري والإعلام قائلاً أن هذه الوقفات تعطل الإنتاج ؟ ثم دعوني أتساءل ماهذه الحملة غير المبررة والتي يقوم بها داعية إسلامي شهير للتبرع من أجل المعونة المصرية للاستغناء عن المعونة الأمريكية ؟
إنني أقول أن هذه الحروب الساخنة والباردة والتي تتم بين الحكام في العالم الثالث – ومنها مصر – وبين الإدارة الأمريكية ، هي من أجل التعمية على الجماهير الغافلة ، ثم بعد ذلك من أجل إظهار الحاكم في دور البطل الذي يقف أمام القوى العظمى ، فترضى عنه الجماهير ، ثم بعد ذلك يخرج الرئيس الأمريكي ليقول أن المعونة لم ولن تنقطع ، ويأتي رئيس الأركان الأمريكي لزيارة مصر ويتم استقباله في "بلده الثاني" بالقبلات ، هكذا تتم الحبكة للتعمية على الجماهير ، وتثبيت رجال أمريكا في الحكم ، وفي الوقت ذاته يتم النيل من الثوار بدم بارد ، حتى أن المتحدث باسم أحد الجماعات الإسلامية - التي راجعت نفسها - يتهم 6 إبريل بكل بساطة بالمشاركة في أحداث بورسعيد أو تدبيرها ، ياناس اتقوا الله في دينكم وفي الحق الذي تدعونه ، وقبل ذلك وصفتم الثوار بـ " توم وجيري " ، أليس الثوار هم الذين أخرجوكم من السجون ؟ أليس الثوار هم الذين أخرجوكم إلى الإعلام الآن ؟ أليس الثوار هم الذين أسقطوا حسني مبارك ؟ أم أن هذه خطيئة يجب على الثوار أن يتوبوا منها ؟ أليس الثوار هم الذين قدموا لكم الفترة الانتقالية إلى 30/6/2012.م بعدما أعلن العسكري قبل ذلك أنها في نهاية 2013.م ، ثم بدأ الأمر بالضغوط الثورية يتضاءل في مدته حتى وصلنا إلى التاريخ المذكور ؟!
قال لي أخ فاضل: أن الثورة تم اختطافها ، قلت له : من الذي اختطفها ؟ ، قال : هؤلاء الشباب بتوع 6 أبريل وكفاية وبتوع الميدان !! قلت له : نعم بأمارة أنهم حصلوا على المقاعد الكثيرة في مجلس الشعب ، وأنه يتم العفو عنهم من السجون ، بل ويتم رفع الحظر السياسي عنهم بعد الخروج من السجن مثل آخرين ، وأن رئيس مجلس الشعب ووكيله منهم ؟! أتدرون كيف تتم المؤامرة على هؤلاء الشباب ؟
لا أنسى ونحن في السجون وأجد حركة كفاية تنادي بإخراجنا من السجون ، ليس من النصف أيها السادة أن ننكر الفضل على أهله ، فمن يفعل ذلك ليس بالفاضل في نفسه ، فلشباب الثورة ولكفاية ولـ 6 إبريل وللبرادعي وللوطنية للتغيير ولائتلاف الثورة مني مزيد المحبة والفضل ، وأُهدي لكم جميعاً هذا البيت :
من "يزرع الخير" يحمد في عواقبه ويكفه الله شر من عزوا ومن هانوا
والنصر للثورة وللشباب ، وطوبى لكم وحسن مآب .