د. مينا ملاك عازر
في كل سنة تحل علينا ذكرى ثورة يناير التي كنت من أشد القلقين منها ومن نتائجها، في وقت حدوثها ووقت احتشاد الحشود في الميدان كان يقفز في رأسي هذا السؤال وما شابهه، هل هي ثورة أم مؤامرة؟ هل هي ثورة أو عورة؟ ما هي الصفة التي يمكن إطلاقاها على ما جرى بالخامس والعشرين منيناير.
بداية سر قلقي من ثورة يناير وقت حدوثها، عدم وجود زعيم واضح لها، ما يعني أنه كان من الوارد تصادم المصالح أو أن يقفز عليها من هو من خارجها على كتفها واقتناصها، والأخيرة بالذات حدثت في البداية، والأولى حدثت أثناء تقسيم الغنائم ومحاولة صد هجمةالإخوان على الثورة، فانشغل الزعماء بالتقاتل وإعلان الأحزاب إلى أن حدث ما حدث ووقعت البلد كلها في براثن الإخوان، هنا وهنا فقط يجدر بي الإشارة بوضوح إلى مسألة علينا التفكير فيها طويلاً قبل التقدم لوصف ثورة يناير بأي صفة غير كونها ثورة، وهو السؤال المحوري، هل ثورة الثلاثين من يونيو امتداد لها أم تصحيح لمسار خاطئ بدأ في الأول؟
السؤال هنا نطرحه للوصول للب القضية، وهو إذا كنا نعترف إن ثورة الثلاثين من يونيو تصحيح مسار أو امتداد لها؟ فبأي حق نحن نهاجم ثورة يناير؟ فلو كانت قد أخطأت فمن منا لا يخطئ؟ وما هو المشروع العظيم الذي نقيمه وليس فيه أخطاء؟ بما فيه ثورة الثلاثين من يونيو، وإن كانت امتداد لها دون تحويل في الاتجاهات فنحن بصدد أمر هام أن وللمرة الثانية على التوالي لا يمكننا إدانة ثورة يناير فهي لم تزل تحكم وقائمة، فكيف ندين ما نحن في كنفه، والذي –على الأقل- لولاها ما كنا ما فيه الآن.
السادة الأعزاء قرائي المحبوبين، كل عام وأنتم بخير، ثورة يناير وإن كنت قلق أثناء أحداثها، وأكدت الأحداث أني كنت على حق في قلقي، إلا أن ثورة يونيو والتي في كل الأحوال إن صححتها أو امتداد صحيح لها، فكانت خير ختام لثورة لم يحسن قيادتها وزعامتها، فلاقى شبابها جزاء اندفاعهم وتهورهم في كثير من الأحيان وصدق ثوريتهم حتى أنهم كادوا أن يثوروا على أنفسهم، فكانت ثورة للنهاية بلا مشروع حقيقي، فانهدمت لولا أن أعاد الشعب الترميم، وإن كنت أخشى على أن يمحو جذورها ويمحوها من التاريخ للأسف.
المختصر المفيد غالباً ما ينتاب الثوار الصقيع وقتما يظنون أنهم نجحوا، والأغلب أنهم إذا استمروا فأنهم يسيئون لثورتهم أكثر من كل أعدائها.