هاني لبيب يكتب: 25 يناير.. ملاحظات ومراجعات!
بعد ثورة 30 يونيو 2013، قامت وزارة الداخلية بأجهزتها المتعددة بإعادة صياغة علاقة رجالها بالمواطن المصرى، سواء على مستوى المضمون أو الشكل.. على اعتبار أن هذه العلاقة هي واحدة من أهم ركائز تأكيد الدولة المدنية المصرية، علاقة تحكمها قوة تطبيق القانون على جميع المواطنين دون استثناء. كما أن ثبات وانضباط هذه العلاقة ركيزة أساسية في صياغة مناخ سياسى حقيقى.
كتبت ما سبق عدة مرات قبل ذلك، للتأكيد على أن واقع الأمر الآن يؤكد قيام الأجهزة الأمنية في مصر بالمزيد من الإجراءات والقرارات لبناء علاقة قائمة على الاحترام والتقدير للمواطن المصرى. وهو عكس الصورة السلبية التي يحاول البعض استدعاءها لسلبيات سنوات مضت أو بافتراض مرتكز على ما يشاع على الفيسبوك. جهاز الشرطة يمثل صمام الأمان للمجتمع، ومن هذا المنطلق، قامت وزارة الداخلية بجهود ضخمة لإعادة تقييم لدورها وإعادة جسور العلاقات.. خاصة بعد أحداث 25 يناير التي تحملت فيها وزارة الداخلية النصيب الأكبر من خسائر سيناريو الفوضى ومحاولة إسقاط الدولة، وقد اتخذت في سبيل ذلك عدة محاور، منها: تطوير مناهج كلية الشرطة، وتطوير دور الشرطة في المجتمع اتساقًا مع شعار «الشرطة في خدمة الشعب»، وتطوير أدوات الشرطة في مواجهة الإرهاب ومكافحة جرائم الفوضى، فضلا عن تيسير تقديم خدمات إصدار الأوراق الرسمية.
هناك حالة من تفعيل القانون ورصد جميع التجاوزات التي يثبت ارتكاب بعض أفراد جهاز الشرطة لها وتحويلهم للنيابة واتخاذ عقوبات رادعة، والتى يترتب عليها «حبس» بعضهم وإحالة البعض الآخر إلى التقاعد. ولايزال ما يلفت النظر هو أنه حينما يتم رصد أي تجاوز لواحد من رجال الشرطة، تصبح المشكلة بعد قليل من الوقت، قضية رأى عام، ومادة خصبة للمانشيتات الافتراضية على الفيسبوك، تتصاعد تدريجيًا لدرجة أكبر من حجمها في كثيرٍ من الأحيان، حتى إن البعض يستغلها في شكل تصفية حسابات شخصية مع جهاز الشرطة، بل يتحول الأمر إلى مادة للسخرية والهجوم والتهكم التي يتحمل تبعاتها جهاز الشرطة كله، وتكون النتيجة النهائية المزيد من ترويج الشائعات دون تدقيق واضح للمعلومات الحقيقية، أما حينما يتم إيقاف ضابط شرطة عن العمل أو إحالته إلى التقاعد عقابًا على تجاوزاته، يتم نشر الخبر على مساحة محدودة جدًا وفى أضيق الحدود سواء في تفاصيله أو في كلماته، وفى الغالب يتم تجاهله من الأصل.
ما سبق يؤكد أن رجل الشرطة هو مواطن مصرى يمكن أن تتم محاسبته في حالة ارتكابه خطأ ما.. لأن رجل الشرطة في نهاية المطاف بداية من المجند إلى وزير الداخلية نفسه تحت مظلة القانون. كما أن الشرطة والشعب، في شكلهما الطبيعى، يمثلان معًا معنى كلمة «دولة القانون» التي تطبق العدالة.. وهو ما يتواكب مع ما تقوم به وزارة الداخلية من تدريبات لرجالها في مجال حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق الطفل وحقوق المرأة وذوى الاحتياجات بشكل خاص.
أذكر أنه في وقت مضى كانت هناك حالة من التعتيم الإعلامى على الحديث عن تكرار الاعتداءات على رجال الشرطة.. حيث استشهد العديد منهم، ليس فقط في الاعتداءات الإرهابية التي تستهدفهم منذ ثورة 30 يونيو، بل أيضًا بسبب ملاحقتهم للخارجين على القانون. وهى الحوادث التي تمر مرور الكرام. وبمعنى آخر، فإن منظمات المجتمع المدنى وجمعياته التي تهتم برصد جميع التجاوزات القانونية والحقوقية من رجال الشرطة ضد المواطن المصرى، عليها أن ترصد أيضًا ما يتعرضون له أثناء تأدية واجبهم الوظيفى والتزامهم الوطنى من مخاطر لا حدود لها، وذلك لكى تصبح منظمات المجتمع المدنى محايدة وموضوعية في تناول تلك المشكلة التي تحتاج لقدرٍ لا بأس به من الشفافية فيما تعلنه للمجتمع. وجود العديد من المشكلات والأزمات التي تحتاج لحلول حاسمة لا ينفى ما يقع على رجال الشرطة من دورٍ يتطلب جهدًا كبيرًا للقيام بمتطلبات هذا العمل.. وأن ما يقومون به هو أداءٌ لواجبهم، ولكنى في الوقت نفسه أعتقد أن الشفافية في نشر الضغوط التي يتحملها رجال الشرطة ليست من قبيل التضخيم بقدر ما هو نوع من مشاركة المجتمع فيما يعانيه رجال الشرطة. إن التطور الملحوظ في أداء جهاز الشرطة من شأنه أن يكون المرآة الحقيقية أمام دول العالم عن مصر وحاضرها ومستقبلها، وعن أمنها وأمانها أيضًا.
#نقطة_ومن_أول_السطر ..
في اعتقادى أن 25 يناير هو عيد الشرطة المصرية الحقيقى في مواجهة أحداث 25 يناير التي خططت لسيناريو الفوضى، واستطاعت ثورة 30 يونيو أن تواجهه بالخروج من مستنقع انهيار الدولة المصرية.
نقلا عن المصرى اليوم