رسالة الموت المفاجئ لم تصل لجيلنا مرة أو اثنتين أو ثلاثا.. إنما تصل إلينا كل يوم، بعنف غريب وبقسوة أشد!.
يحصد الموت الأجمل والأفضل والذين يحتاجهم أحباؤهم جدا.. يتصرف معنا الموت بغطرسة وتعال ويتحدانا بمنطق المنتصر، والحقيقة أنه رغم كل إيماننا بقضاء الله وحكمته ويقيننا بأن أعمارنا محددة، وميقاتها عنده وحده ضابط الكل.. تصمت ألسنتنا وفى عقولنا أسئلة لا تنتهى.
أسئلة معاتبة تلك الأيام التى وددنا فيها أن نرى أحباءنا أكثر وأن نستمتع بصحبتهم أكثر.. أسئلة نادمة على تلك المشاعر الحلوة التى لم نخبرهم بها ولم نعتقد أنها تهمهم ولا أنها ستسعدهم.. أسئلة خائفة.. من موعدنا أو يومنا القادم وهل نحن مستعدون له كما ينبغى.. وأسئلة أخرى غاضبة من الطريقة التى يلقى بها أفضل من فينا وجه ربهم.. حوادث الطرق وأرواح البشر التى يستهين بها منفذو القوانين، ويحصدها مخترقوه!! صارت هى الطريقة الأكثر شيوعا والأكثر إيلاما لقتل الحياة فى شوارعنا.. ولأن الموت حقيقة قاسية.. فمن بيده الأمر لتخفيف قسوته مسؤول مباشرة عن كل روح تزهق بسبب إهمال أو تراخٍ.
أقدم اليوم استغاثة مباشرة إلى رئيس الجمهورية لإطلاق حملة قومية لسلامة الطرق! حملة قومية لإنفاذ القانون لحفظ أرواح الناس!.
فبرغم نقلة نوعية فى جودة الطرق وكثرتها وسلاستها.. يتبقى لنا الجزء الذى طالما افتقدناه لاستكمال كل شىء: (إنفاذ القانون) الذى يحفظ استمرار الخدمة أو نجاح المشروع.
سيدى الرئيس لدينا منظومة مخالفات رادعة.. لكنها تطبق فقط للانتظار صفا ثانيا أو رخص منتهية أو سرعة زادت ببضعة كيلومترات.. وكلها أمور جيدة.
لكن لحفظ «جودة الحياة» نحتاج انضباطا مروريا حضاريا بدءا من الالتزام بالحارات والسير المخالف لشاحنات النقل الثقيل وجدية فى التعامل مع المتعاطين على الطريق!.
أجمل ما فينا يدفعون حياتهم ثمنا «لسيجارة مزاج» لسائق أو «استعراض سرعة» لآخر.. تتحول الطرق الجديدة والمحاور المميزة إلى قنابل موقوتة بسبب طريق عبور مشاة لم يهتم به أحدهم. أو إشارة مرور لم يحترم وجودها آخر.
من معايير جودة الحياة فى مكان «الشوارع الصديقة»، والشوارع الصديقة فى حد ذاتها مشروع قومى نحتاج أن نعمل عليه ولأجله كثيرا.. شوارع مبهجة نظيفة، منظمة، تساع المارة على أرجلهم وتضبط إيقاع السيارات بها، شوارع تنظم معنى الملكية العامة وتحفظ حق الناس فى شارع بلا إشغالات.
الشوارع الصديقة تزينها الأشجار لا الأسوار وتصدر منها أصوات موسيقى وسلام المارة وحكاياتهم لا أصوات سارينات بلا ضابط!!. الشوارع الصديقة ليست صعبة ولا مثالية لكنها رؤية تبدأ بإشارة عبور مشاة (تحترم) وقانون (ينفذ) على الجميع!.
ستنتهى الفوضى المرورية فى مصر قريبا أعرف ذلك، لكننا نريد أن نفتدى الوقت وأن نرحم بيوتا تفقد أحباءها بقسوة.. كل يوم.
نقلا عن المصرى اليوم