إلى أي مدى يُعَد فيروس كورونا قاتلًا ومعديًا؟ متى تظهر الأعراض؟ وهل ينشر المرضى الفيروس قبل أن تبدو عليهم علامات المرض؟ يوجه العلماء اهتمامهم نحو هذه الأسئلة وأسئلة أخرى، لكن أغلب الإجابات القاطعة ليست متوفرةً بعد.
كم يبلغ عدد الضحايا حتى الآن؟
حتى الأربعاء 29/1/2020، تأكد إصابة نحو 6000 حالة في الصين، منشأ المرض، وبلغت الوفيات 132 شخصًا على الأقل.
انتشر الفيروس من مدينة ووهان الصينية إلى أكثر من 15 بلدًا، إذ سُجلت 60 حالة في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، وحديثًا في الشرق الأوسط، لكن لم تُسجل أي حالات وفاة بين المصابين خارج الصين.
ينتمي فيروس كورونا الجديد-2019 (سُميَ 2019-nCoV) إلى الفيروسات التاجية coronavirus family التي ظهر منها سابقًا فيروسان سببا وباءين مميتين: SARS وMERS.
بدأت فاشية سارسSARS (المتلازمة التنفسية الحادة الشديدة) في إقليم غواندونغ الصيني وقتلت 774 شخصًا من بين 8,096 مصابًا عامي 2002-2003، أما ميرسMERS (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) فقد صرعت 858 شخصًا من بين 2,494 مصابًا.
أي أن نسبة وفيات الفاشيتين بلغت 9.5 و34.5% من المصابين على التوالي، وهذا أعلى بكثير من معدل وفيات فيروس كورونا الجديد، الذي صرحت وزيرة الصحة الفرنسية Agnès Buzyn إنه أقل من 5%، ويرى الخبراء أن هذا المعدل قابل للانخفاض بسبب اتساع الفارق بين أعداد الوفيات والمصابين.
وفق تصريح وزيرة الصحة الفرنسية، فإن الفيروس الجديد أقل فتكًا منSARS وMERS، لكنه أقدر على الانتشار.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية WHO، تقتل الإنفلونزا الموسمية بين 290 و650 ألف شخص سنويًّا، ويبلغ معدل الوفيات بين المصابين بالإنفلونزا في الولايات المتحدة 0.13% وفقًا لمراكز الوقاية والسيطرة على الأمراض CDC.
هل فيروس كورونا سهل الانتشار؟
وفقًا لديفيد فيسمان الأستاذ بجامعة تورنتو، تتراوح سهولة انتشار الفيروس (معدل الانتشار الأساسيbasic reproduction number ) بين 1.4 و3.8 (أي أن كل مصاب قد ينقل العدوى إلى ما بين شخص و4 أشخاص تقريبًا)، في حين يزعم العلماء الصينيون أن هذا المعدل بلغ 5.5، أي إن أن كل مريض قد ينقل العدوى إلى أكثر من 5 أشخاص.
إليك ما يعرفه العلماء عن فيروس كورونا الجديد - إلى أي مدى يُعَد فيروس كورونا قاتلًا ومعديًا - ما هي أعراض المرض الجديد القادم من الصين
يقول ستيفين موريسون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «إذ صح هذا الزعم، فإنه يفسر جزئيًّا التزايد السريع والمفاجئ في عدد الحالات في مقاطعة خوبي الصينية وخارجها، ويعني أيضًا أن الصين بصدد مواجهة شاقة مع هذا المرض».
لكن قد يكون سبب زيادة الحالات المشخصة هو ازدياد القدرة على تقصي المرض في المستشفيات.
أما علماء الكلية الملكية البريطانية فيقدرون أن كل مصاب قد ينقل العدوى إلى 2.6 شخصًا في المتوسط، ما يجعله مماثلًا في الشدة لفاشيات الإنفلونزا.
متى يكون فيروس كورونا معديًا؟
ما زال هذا السؤال بلا إجابة واضحة إلى الآن. وفقًا لتصريح ما شياوي Ma Xiaowei رئيس لجنة الصحة الوطنية الصينية، فإن فيروس كورونا قابل للانتقال قبل ظهور الأعراض، أي في أثناء فترة الحضانة، وهو بهذا يشبه الإنفلونزا الموسمية لكنه يختلف عن سارس، لكن يرى بعض الخبراء إن هذا محض تكهن لم يثبت بعد.
صرح مارك وولهاوس، بروفيسور علم الأمراض المعدية بجامعة إدنبره: «وفق الدلائل المتوفرة حاليًا، من المبكر أن نستنتج أن الفيروس الجديد قادر على الانتقال قبل ظهور الأعراض. في غياب العلاج أو اللقاح الفعال، يبقى أملنا الوحيد هو اكتشاف الحالات وإجراء التدابير الوقائية بعزل المرضى للحد من انتشار المرض، وهو إجراء قد تضعف فاعليته بشدة إذا كان المرض ينتقل قبل ظهور الأعراض».
الانتقال بين البشر
أغلب الظن أن أصل الفيروس يعود إلى حيوانات برية، ربما خفافيش، لكنه ينتشر الآن بين البشر مباشرةً. حدثت أغلب حالات انتقال العدوى بين البشر في الصين، وبعض الحالات في فيتنام وألمانيا واليابان.
يقول موريسون: «عالميًّا، حدثت حالات فردية متفرقة من الانتقال الثانوي للعدوى بين البشر، ويبقى خطر الانتشار محدودًا في الولايات المتحدة والدول المتقدمة عمومًا، لكن الأمر يختلف في أنحاء أخرى من العالم. إذا انتقل المرض إلى الدول الإفريقية وغيرها من الدول محدودة القدرة على الحماية الصحية، فقد تظهر فاشيات ثانوية خطيرة خارج الصين».
ما أعراض المرض؟
وفقًا للتقرير المنشور في صحيفة The Lancet، فقد أُجريت دراسة شملت 41 حالة مكتشفة منذ البداية، ووجد الباحثون أن بعض أعراض الفيروس الجديد تماثل أعراض سارس، إذ أُصيب جميع المرضى بالتهاب رئوي، وعانى أكثرهم الحمى والسعال وعسر التنفس. أيضًا تصعب التفرقة بين أعراض كورونا والأنفلونزا الموسمية التي تنتشر بالتزامن معه وتسبب أعراضًا مشابهة.
فترة الحضانة
قدرت منظمة الصحة العالمية فترة حضانة الفيروس الجديد بعشرة أيام. فحص الباحثون 34 مصابًا من هولندا، وقُدر متوسط فترة الحضانة لديهم بـ5.8 يومًا. لكن وفقًا لتقرير نُشر في صحيفة New England الطبية، أصيب شاب يبلغ من العمر 27 عامًا في فيتنام بالعدوى من أبيه القادم من ووهان، وظهرت عليه الأعراض بعد 3 أيام فقط!
احترازًا أقرت السلطات الصحية في فرنسا وعدة بلدان الأخرى فترة عزل تبلغ 14 يومًا للرعايا العائدين إلى الوطن والأشخاص القادمين من مناطق انتشار الفيروس.
كيف نتجنب العدوى؟
وفقًا للعلماء والسلطات الصحية، تشمل الإجراءات الاحترازية المتعارف عليها للوقاية من الأمراض الفيروسية عمومًا ما يلي:
غسل اليدين تكرارًا، وتغطية الفم والأنف عند السعال، ومحاولة عدم لمس الوجه.
عزل أي شخص يشتبه في أصابته بالفيروس.
أخذ الاحتياطات اللازمة لعدم انتقال العدوى ضمن منشآت الرعاية الصحية، إذ إن الكثير ممن أصيبوا بعدوى سارس وميرس تلقوا العدوى بهذه الطريقة.