بقلم: صفوت مجدي  
ذات يوم جلس الصياد العجوز على شاطئ البحيرة، والتف حوله أحفاده وكانت الشمس تميل للغروب
والرجال يصلحون شباكهم بعد عناء يوم طويل...! وهنا نظر أحد الأحفاد إلى سلال السمك الكثيرة
وقال:"ما أكثر أنواع السمك يا جدي..!"...تنفس الجد الصعداء ثم نظر لحفيده وقال:"نعم يا عزيزي
ما أكثرها..إنها متنوعة مثل البشر تماماً!"...تعجب الطفل:"كيف يعرف الصياد يا جدي أن السمك حي أو ميت ؟"...ضحك الجد ونظر لحفيده وقال: "هناك أمرين لا ثالث لهم يا ولدي يوجد سمك"سابح مع التيار" وهذا مهما كان جميل المنظر والنوع رغم كل ذلك هذا ميت!، وهناك سمك "سابح ضد التيار"...(تيار المياه) هذا يا عزيزي هو الحي... فالسمك الحي يا حفيدي العزيز له قدرة على السباحة ضد التيار إذ أراد أما الميت لا توجد عنده قدرة سوى السير مع التيار".
تلك كانت محادثة جد مع حفيده عن الفرق بين السمك الحي والميت..
وهكذا تماماً البشر فيهم الحي والميت..لا أقصد بالطبع الموت الجسدي فهذا لا يهم كثيراً !!
الأصعب أن تكون على قيد الحياة وأنت ميت لا حياة فيك سابح مع التيار بكل قوته الزائفة...
لكن هل ممكن أن نجد السمك الميت يرفض موته ويسبح ضد التيار ؟!


هذا ما حدث مع "راحاب"(سفر يشوع1:2)...تلك الفتاة الوثنية التي تعيش في وطن الخلاعة والفجور والدنس "أريحا" المدينة ذات الأسوار الشامخة العالية وسط شعب غليظ القلب معتز بنفسه يحتقر غيره من الشعوب يعيش فى طمانينة زائفة معتمداً على الأسوار والحصون الشاهقة التي تحيط به!!
عاشت "راحاب" فى الزنا إذ كانت تعمل به من أجل كسب المال، انغمست فى الخلاعة المدفوعة الثمن!
كانت "راحاب" وسط تيار من الكبرياء والارتفاع... ووسط جو ملئ بالنجاسة والخلاعة والوثنية،
ووسط تيار قوى من الفساد الاخلاقي...حقاً إنها بيئة شيطانية بالمقام الأول!!
لكن ياللنعمة الُمخلصة التي فتحت عيني راحاب فقبلت الجاسوسين بالإيمان...
إنه عمل إلهي من الدرجة الأولى..!
لقد ظهره إيمانها فى قولها للجاسوسين: " علمت أن الرب قد أعطاكم الأرض، وأن رعبكم قد وقع علينا، وأن جميع سكان الأرض ذابوا من أجلكم.لأننا سمعنا كيف يبس الرب مياه بحر سوف قدامكم عند خروجكم من مصر، وما عملتموه بملكي الأموريين اللذين فى عبر الأردن، سيحون وعوج الذين حرمتموهما. سمعنا فذابت قلوبنا ولم تبق بعد روح في إنسان بسببكم" (يشوع2: 9-11).
ولكن كان ل"راحاب" أن تستمر سابحة مع تيارها إلا إنه رفضت وقالت :كفى سألتصق بهذا الإله العظيم، إنها صاحبة أسرع قرار وأحكم قرار فى قبول الإيمان وفى ترك الفساد والخلاعة..!


*واليوم...نعيش بعالم ملئ بقيم منحدرة...كل إنسان يفعل ما يحلو في عينيه
لم يعد هناك معيار حقيقي وصادق لما هو صواب وما هو خطأ....
كل ما حولنا لو نظرنا -بعيون محايدة- سنجد إننا نسير بل ونجري بسرعة إلي الهاوية، إلي الضياع
"جيل شرير" (متى39:12)...جيل سائر مع تيار العالم فاقد للمعنى والهدف من الوجود بالحياة!
جيل أصبحت كلمة "عاااااااااادي" و"طبيعي" هي الكلمة السائدة فى قاموس كلماته اليومية
إنها ثقافة وقواميس الموت دون مبالغة...لكن "راحاب" ادركت دعوة الله ورفضت ثقافة الموت كانت شُجاعة فى قبول الدعوة ...وقررت أن تسبح مع تيار الحياة الجديدة!!


واليوم ماذا عنك عزيزي القارئ...هل قررت أن تحيا؟!
أن تنضم ل"كتيبة الأحياء"...سابح ضد تيار العالم بكل شهوته وخلاعته
إن كانت إجابتك :"بنعم"...فهيا اقطع صلتك بكل ماضيك وتخلص من "ثقافة الموت"
وتحول نحو الله الحي...نحو المسيح ،لتحيا وتتحرك وتبدأ تتذوق معني الحياة الحقيقية.