رحل لينين الرملى، أكبر كاتب كوميدى فى مصر منذ الثمانينات بلا منافس، ولكن من هم مثل «لينين» يظل عطاؤهم ممتداً لا يموت ولا يصمت، ليس لإبداعهم تاريخ صلاحية، كتبت عنه من قبل أن هناك عملاً كاملاً فى الأدراج لا بد أن يظهر إلى النور، نتمنى أن نراه فى الموسم القادم، بدلاً من ذرف الدموع فلنكرم «لينين» بإنتاج أعماله التى كتبها قبل رحلته إلى كهوف الذاكرة المفقودة، لينين الرملى ليس «مضحكاتى» من إياهم، ولا يكتب الكوميديا بغرض الزغزغة، دائماً هناك قضية تغلفها الكوميديا، من الممكن أن تكون قضية سياسية خطيرة مثل الديكتاتورية أو الاستعمار أو التناحر العربى، وممكن أن تكون قضية اجتماعية بسيطة مثل المظهرية والكذب الاجتماعى أو التشاؤم والتفاؤل، لكن كل القضايا خلفها قلم ذكى لماح رشيق ينسج الدراما بمهارة نحات إيطالى عظيم شرب الفن من منابعه وامتلك قبس سحره المراوغ، كنت أشاهد أيقونته «هند والدكتور نعمان» على قناة «دى إم سى دراما» قبل رحيله بمدة قليلة، هذا المسلسل درس فى فن كتابة الدراما الاجتماعية البسيطة الموزونة بميزان الذهب،
حطم فيها كل ما هو متعارف عليه إعلانياً كشرط لنجاح مسلسل مصرى، أولاً عدد الحلقات قليل لا يتجاوز نصف عدد الحلقات التى تُعرض الآن، منتهى التكثيف، البطل فى سن الكهولة ولا يحمل سمات أبطال المسلسلات التى تبيع، تشاركه البطولة طفلة تحمل مسئولية الدراما كتفاً بكتف مع البطل، مسلسل ليس فيه أكشن أو ضرب أو مطاردات سيارات.. إلخ، ولكن فيه مواقف إنسانية هادئة تنتقل بين عدة بيوت بمنتهى السلاسة والروعة، أما الكوميديا فتنبع من الموقف ونسيجه وحبكته، ليس فيها الحزق ولا التطاول ولا الصراخ ولا التلاعب بالألفاظ، تبتسم بمنتهى الرقى والبهجة دون أن تفقد إنسانيتك أو تخجل من جرحك لإنسان أو تنمر عليه، لو بحثت فى تاريخ واحد من أجمل كوميديانات مصر فى الدراما التليفزيونية لن تجد أجمل من «ميزو»، وكذلك محمد عوض لن تجد أجمل من شراره النحس، أما محمد صبحى فلا بد أن تبحث عن عدم دقة البوصلة وانخفاض حرارة الكوميديا بعد انفصاله عن «لينين»، وهذا شىء واضح لكل المتابعين برغم تميز أداء وانضباط «صبحى»، فيلم «البداية» عادت فيه لياقة صلاح أبوسيف إلى قمتها فأخرج لنا، اعتماداً على نص «لينين»، واحداً من أجمل الأفلام فى تاريخ السينما فيلم «الإرهابى» الذى كان سلاحاً فكرياً وفنياً ساند السلاح العسكرى فى مواجهة الإرهاب، «سك على بناتك» مسرحية استعادت لنا فؤاد المهندس بعد غياب العملاق بهجت قمر، صاحب كيمياء «المهندس» و«مدبولى» الخاصة، لينين الرملى يحتاج إلى نظرة من شركات الإنتاج إلى أعماله التى لم تظهر إلى النور، وأتمنى فى ٢٠٢١ أن يتحقق الحلم.
نقلا عن الوطن