كتب - أحمد المختار
تحل اليوم الذكري الـ 15 لوفاة أخر ملكات مصر في العصر الحديث ، قبل قيام " ثورة يوليو " عام 1925 ، ألا و هي " الملكة ناريمان " ، الزوجة الثانية للملك " فاروق " ، و أم ولي العهد الأمير " أحمد فؤاد " ، و نستعرض هنا أبرز التفاصيل في حياة أخر ملكات المحروسة و منها :
البداية
ولدت " ناريمان حسين فهمي صادق " بالقاهرة في يوم 31 أكتوبر عام 1933 ، والده كان وكيل " وزارة المواصلات " و نجل " علي بك صادق " من أعيان مصر في ذلك الحين ، والدتها " أصيلة هانم " ابنة " كامل محمود " من أعيان محافظة " المنيا " ، و نشأت في حي " مصر الجديدة " ، و أصبحت " ناريمان " كل حياة والدها و التحقت بالمدارس الراقية ولا تختلط إلا ببنات الأسر العريقة .
خطوبتها
كانت مخطوبة لشاب مصري عائد من " بريطانيا " يحمل " الدكتوراة " في القانون هو " زكي هاشم " ، حيث ذهب لخطبة الأنسة " ناريمان " ، وسط فرحة أهله ، و تم البدء في إعداد حفل الزفاف و وزعوا دعوات على " 500 أسرة " منهم كبار المسئولين في الدولة .
الملك فاروق
عندما كان دكتور " زكي هاشم " يأخذ خطيبته " ناريمان " و يترددوا على محل المجوهرات ، كان الملك " فاروق " يتردد على هذا المحل ، و يجلس مع صاحب المحل لكي يرى أحدث صيحات المجوهرات .
و صدفة القدر دخل الحارس و قال لصاحب المحل : " الأنسة ناريمان صادق و خطيبها الدكتور " زكي " بيسألوا الشبكة اللي اختاروها جهزت ولا لسه ؟ " ، و بعدها " الملك فاروق " سأل صاحب المحل عنها و دخل غرفة المخزن لرؤيتها ، حيث كان يحب و يقتني ما يملكه غيره ، و شاف " ناريمان " و قال لها : " أنا من اللحظة الأولى وقعت في غرامك / طيب يا سيدي دي مخطوبة المهم هي أخذت خطيبها ، بعد أن قال لها صاحب المحل إن الشبكة مش جاهزة و طلعت في نفس اليوم بالليل ، بحسب مذكراتها .
و بعد فض خطوبتها الأولي ، خطبها " الملك فاروق " و في نفس الأسبوع ، مات " الأب " بسكتة قلبية ، و وقف " الملك فاروق " مع الأنسة " ناريمان " في العزاء ، و تحدث معها و نجح بإقناعها .
الزفاف الملكي
شهد يوم 6 مايو عام 1951 زواجها من الملك ، لتجلس على عرش ملكة مصر لمدة " 14 شهر " ، حيث تم عزل الملك عن عرشه في 23 يوليو 1952 ، و أجبرت على السفر معه على متن السفينة " المحروسة " إلى " إيطاليا " .
الحياة في روما
عانت " ناريمان " من تصرفات الملك و نزواته ، إلى أن وصلت الأمور لطلب الطلاق الذي تم بشكل فيه كثير من القسوة تجاه الملكة ، و رغبتها في العودة للقاهرة ، حيث تقول في رسالة أرسلتها لوالدتها : " أنا مش طايقة أقعد دقيقة واحدة في إيطاليا فاروق بيضربني ، و بيطول ايده و حكايته زادت.. وقد وصلت به درجة الهوس إنه يعزمني معاه في إحدى سهراته و بعدين يسبني لوحدي و يقعد مع أرتيست في الطرابيزة اللى أمامي " ، و في رسالة أخرى تروى أنها كانت مع " فاروق " في أحد المطاعم و فجأة استأذن منها ، و قال إنه سيعود بعد 5 دقائق ، إلا أنها انتظرت طويلاً ، و مرت ساعة و لم يعد و لما ذهبت للحمام رأته واقفاً أمام البار و في حضنه إحدى " الغانيات " الإيطاليات ، وقتها انفجرت فيه و كادت أن تحدث له فضيحة ، إلا أنها انهارت و سقطت على الأرض فاضطر فاروق لحملها بين يديه و العودة بها للمنزل.
لم تنتظر " أصيلة هانم " ، والدة " ناريمان " كثيراً و حملت الرسائل و ذهبت بها إلى " مجلس قيادة الثورة " ، و بعدها سافرت لدعم ابنتها في " إيطاليا " ، و في الوقت نفسه كانت ناريمان تسرع في تجهيز حقائبها للهرب من فاروق الذي أحبته ، و كانت ترغب في البقاء معه للنهاية لولا تصرفاته تجاهها.
الطلاق
حاول " فاروق " منعها من الطلاق و هددها ، حتى همت والدتها " أصيلة هانم " بالتدخل ، بعدما قال " فاروق " لزوجته إنها لن ترى ابنها مرة أخرى ، قائلاً : " علشان تمشي لازم تنسى إنها في يوم من الأيام كانت مراتي ، و إن ليها ابن مني ، ده مش ابنها دا ابني انا " ، فردت " ناريمان " : " يعني عايزني أمشي من غير ما أشوفه فقال ولا ده كمان هيحصل ، فاضطرت الملكة مغادرة فيلاتها التي كانت تعيش فيها مع الملك المخلوع دون وداع صغيرها ، وقتها تسللت " ناريمان " لغرفتها و حملت معها صورة كبيرة لابنها و قطعة من ملابسه ظلت معها حتى قابلته و هو شاب بعد وفاة فاروق.
العودة إلي مصر
عادت " ناريمان " إلى مصر ، و لم تشاهده ابنها إلا بعد مرور عامين ، حيث سمح لها فاروق أن ترى ابنها في عام 1955 ، و رحبت الثورة بذلك و منحتها جواز سفر مصري ، و سمحت لها بدخول القصور الملكية المصادرة للحصول على بعض المتعلقات الخاصة بها .
أقامت ناريمان دعوى أمام محكمة " مصر الجديدة " الشرعية و جاء في إعلان الدعوى القضائية التي رفعتها أن الملك لم يحسن معاشرتها و إنما قسا عليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة و وقعت " ناريمان " وثيقة الطلاق و تنازلت عن نفقتها الشهرية ، و حصلت على الطلاق في فبراير عام 1954 بعد زواج دام " 4 " سنوات إلا 3 أشهر .
ما بعد الطلاق الملكي
تزوجت بعد ذلك ب3 شهور من شاب مصري يدرس في " كامبردج " يدعى " أدهم النقيب " من الأسكندرية و طلقت منه عام 64
، و تزوجت مرة ثالثة من رجل عسكري و هو اللواء " إسماعيل فهمي " عام 67 و مات و هي زوجته عام 2005 .
المرض و الوفاة
في نهاية شهر يناير عام 1969 تعرضت الملكة لأزمة صحية صعبة ، بسبب إصابتها " بنزيف داخلي " في المخ ، و على الفور حضر الدكتور " سيد الجندي " الطبيب الشهير و المتخصص في جراحة المخ و الأعصاب و بعد أن فحصها نصح بنقلها فوراً إلى المستشفى ، و ظلت تتلقى العلاج داخل المستشفى لمدة شهر كامل ، دون أن يطرأ على حالتها أي تحسن يذكر .
كان لابد من عمل أي شيء لإنقاذ الملكة و بعد استشارة الأطباء سافرت إلى باريس ، يرافقها زوجها " اللواء طبيب إسماعيل فهمي " ، و أجريت لها عملية جراحية خطيرة و قد نجحت هذه العملية و عادت الملكة إلى مصر في فبراير 1969 ، لكن في السبعينات بدأت الملكة تشعر بالصداع كما بدأت تتأثر من أي شيء و تغضب سريعاً ، و قد كان كل هذا من الآثار المتوقعة بعد العملية كما أخبرها الطبيب الذي أجرى لها العملية و من الآثار التي ترتبت على المرض أيضاً " عدم الإنجاب " حيث نصحها الأطباء بعدم الحمل خوفاً من ارتفاع ضغط الدم و من عام 1990 بدأت تشتد نوبات الصداع .
و في عام 2002 بدأت الحالة تتدهور و كانت قد سقطت في الحمام و دخلت مستشفى " كليوباترا " بمصر الجديدة للعلاج من اثر السقوط حيث نتج عن سقوطها كسر في عظمه الفخذ ، و في عام 2004 أصيبت بالتهاب رئوي و دخلت المستشفى و في آخر 3 سنوات لم تكن تنزل من البيت إلا للضرورة القصوى ، و قد أصيبت في الفترة الأخيرة بغيبوبة نقلت على إثرها إلى المستشفى حيث توفيت في الساعة الثامنة صباحاً من اليوم العاشر لدخولها المستشفى " يوم 16/2/2005 " .