عاطف بشاي
فى دورته الرابعة يزداد مهرجان (أسوان الدولى لأفلام المرأة'> المرأة) قيمة ورسوخًا وتميزًا يستحق الإشادة والتقدير.. فالقائمون على إدارته يسعون بإخلاص ودأب لتحقيق الهدف من إقامته- وهو ما نفتقده فى مهرجانات أخرى- فى إبراز دور المرأة'> المرأة فى الواقع المعاصر العالمى والمحلى وارتباط هذا الدور بقضايا سياسية وفكرية واجتماعية وإنسانية شاملة دون التورط السطحى فى فرض أكلشيهات اعتدنا على ترديدها تصب جام غضبها على القهر الذكورى البغيض الذى يمارسه ذلك الديناصور المنقرض البشع المسمى بالرجل، بحرمانها من حقوقها والسيطرة على مقدراتها والقضاء على أحلامها واستغلالها باعتبارها سلعة أو جارية فى بلاط أطماعه وشهواته.
وقد استطاع رئيسه المثقف والفنان «محمد عبد الخالق» ومديره المرموق «حسن أبوالعلا» النجاح المطرد فى جذب جماهير الأهالى من رجال ونساء وشباب وشابات أسوان للمشاركة الفعالة فى مناقشة العروض والاشتراك فى الندوات والورش الفنية المختلفة.. ومن خلاله تم اكتشاف الكثير من الموهوبين الواعدين. وتميز المهرجان بعرض مجموعة مختارة بعناية وحنكة لأفلام روائية وتسجيلية وفيلم تحريك وأفلام قصيرة.
وعقدت ندوات مختلفة لمناقشة هذه الأفلام وإلقاء الضوء على قضايا متعددة تعكس هموم المرأة'> المرأة ومشاكلها وكيفية تناولها.. وقد أشرت فى إحداها إلى تميز أفلام هذه الحقبة من صانعات الضوء عن حقب سابقة بالتخلص من محدودية النظرة التى تتركز حول اتهام الرجل بارتكابه كل الجرائم العنصرية والآثام الخلقية ضد المرأة'> المرأة.. إلى رؤى إنسانية شاملة عن صورة المرأة'> المرأة فى السينما العربية يمكن من خلال إنتاجه من أفلام تخص مبدعاته أن نرصد الكثير من تلك النظرة المحدودة المتمثلة فى قمع الرجل للمرأة إلى قضايا تشمل هموما إنسانية عامة.. فمثلًا تقدم المخرجة الأردنية «دينا ناصر» فى فيلمها التسجيلى (أرواح صغيرة) من خلال تصويرها لمخيم (الزعترى) الظروف القاسية لحياة أسرة لاجئة وانعكاس حياتهم الجديدة فى هذا العالم (المخيم).. وفى تحليل الناقد «ناجح حسن» للفيلم يرى مدى أهمية تسليط ضوء المخرجة على أسئلة الجيل القادم ومفاهيم الهوية والاستقرار فى مواجهة عناصر الخوف والمنفى والضياع فى ربط ذكى بين أكثر من فترة زمنية استغرقتها مدة التصوير.. وذلك عبرة لنماذج من اللجوء الذى جرى تعميمه على المنطقة العربية بدءا من فلسطين ومرورًا بلبنان والصومال والسودان وصولًا إلى سوريا والعراق واليمن. وفى رصد أفلام السينما السودانية لعام 2019 يلمح الناقد «أسامة عبد الفتاح» ما أشرت إليه من تجاوز المرأة'> المرأة المخرجة الإلحاح على التركيز على إدانة المجتمع الذكورى الجائر إلى آفاق أكثر رحابة.. ففى فيلم (أوفسايد الخرطوم) لـ «مروة زين» يدين فساد المجتمع وينعى وطنًا كان موحدًا فصار منقسمًا بعد الانفصال.. وكان منفتحًا حرًا فأصبح محدودًا ضيق الأفق تغضبه بضع فتايات يلعبن كرة القدم.
وتؤكد أيضًا الباحثة «أنصاف أبوهيبة» أن السينمائية كامرأة ليست ملزمة أو مجبرة أن تخوض فقط فى قضايا المرأة'> المرأة كضحية للرجل.. فالعديد منهن طرحن مواضيع اجتماعية فى أفلامهن.. ومن ثم فإن الأفلام التى تعرف (بالنضال النسوى) والحركات النسائية كما هى قليلة فى العالم فقد أصبحت أيضًا قليلة جدًا فى السينما التونسية خصوصًا الروائية منها. وتركز السينما السورية حاليا على القضايا المتعلقة بالحرب على سوريا وتداعياتها وتهتم اهتمامًا كبيرًا بقضايا الإرهاب والجماعات المسلحة (جبهة النصرة وداعش).
ولست أغالى إذا قلت إن (منتدى نوت) بقيادة الكاتبة الصحفية الأديبة والقاصة القديرة «د. عزة كامل» التى سبق لها أن قدمت العديد من الدراسات والأبحاث حول صورة المرأة'> المرأة والرجل فى دساتير العالم.. ولها الكثير من الكتابات والمؤلفات الأدبية التى تتناول حقوق المرأة'> المرأة.. وهى أيضًا ناشطة فى مجال حقوق المرأة'> المرأة حيث قامت بتأسيس مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية المعنى بقضايا وحقوق المرأة'> المرأة.. ومن خلال هذا المركز ساهمت فى إنتاج العديد من الأفلام الوثائقية حول أوضاع النساء فى مصر وخاصة قضية العنف ضد المرأة'> المرأة.. وهى أيضًا مؤسسة مبادرة (شوفت تحرش) المعنية بمناهضة التحرش الجنسى ضد النساء والفتايات.
أقول إننى لا أبالغ حينما أقول إنها من خلال موقعها كمنسق عام للمهرجان استطاعت بفضل نشاطها الحيوى المتعدد الاتجاهات من إدارة الندوات والورش وحشد الطاقات الإبداعية من الشباب والفتيات للمشاركة الإيجابية فى فعاليات المهرجان- الإعلاء من شأن ذلك المهرجان ليصبح بؤرة إشعاع حضارية فى صعيد مصر.
نقلا عن المصرى اليوم