الكاتب
جديد الموقع
إنتقالهم وليس ميلادهم
بقلم: د. رأفت فهيم جندى
هى الأم الوحيدة التى تحتفل بابنائها فى يوم إنتقالهم وليس ميلادهم، الأم التى تنجب وتربى ويشيخ ابنائها ولكنها تبقى شابة، وينتقل جميع ابنائها قبلها وتودعهم بفرح.
انسابت الدموع من بعض من ابنائها لأن اخاهم الأكبر منهك القوى، البعض لا يريد لهم أن يعرفوا انه يستعد للأنتقال ويتكتمونه بالرغم ان القاصى قبل الدانى يعرف هذا، سرحت الأم بخيالها تستعيد بعض الذكريات عندما كان ابنها شابا قويا ثائرا، لقد سخر كل قوته الشبابية من اجلها، وايضا وظف لها كل ضعف شيخوخته، فقد امه البشرية وهو صغير فأتخذ منها اما ابدية.
كان يعد لها مائدتها لخدمة باقى أبنائها، ويصر على حضور جميع كبار العائلة فى يوم توليه، أنتقده بعض الابناء الصغار فى هذا وهم لا يفهمون أنه يجمع الكبار لكى لا يتشتت الصغار، كان عملاقا بين اخوته الاصاغر بالرغم من قصر قامته.
لا تذكر الأم انه حجب شيئا من مجهوده او صحته او علمه عنها، سافر لأعالى البلاد وعبر بحر الظلمات لكى يدبر لها بيوتا، لم يبخل عليها فى اى شئ مما له ولم يستبقى شيئا لنفسه، كان يطل على اخوته بملابس واسعة فضفاضة ولكنها تعرف نحالة جسده من الداخل، كان مسالما للكل ولكنه لا يطيق ان يلوى احد ذراع امه.
اغتاظ منه المعلم "حركات" الذى ظن فى هذه الأم انها مثل باقى امهات الحارة ستخضع له بفتونة اولاد "الحاج متولى"، تحرش به لكى يوقع به وبأمه ويفرق ابنائها عنها، افترى عليه ولفق له كل ما هو زور وحبسه فقط وراء جدران، لأنه لا يستطيع بناء سقف للمكان، فلقد حاول البعض بغشامة من قبل فى ايام برج بابل ان يصل للسقف ولم يستطع.
لم يمضى سوى شهر واحد حتى سقط المعلم "حركات" مضرجا فى دمائه لأن احد ابناء "الحاج متولى" قتله فى النزاع على الميراث، اقامت الحارة الفتوة "حومارك" الغشيم مكان المعلم "حركات" اللئيم والذى استمرأ وجود ابنها خلف جدران بالرغم من طلبها المتكرر حتى افرج عنه بعد 3 سنوات.
ظل الفتوة "حومارك" يتحرش به وبأمه عن طريق بطانته مهددا لهم بفزاعة اولاد "الحاج متولى"، لم يستطع ان يوقع به بالرغم من كثرة معاصيهم تجاه امه وباقى اخوته.
ثارت الحارة كلها على "حومارك" وخلعوه، وتولى امور الحارة بعض من زمرة "حومارك" الذين اطلقوا اولاد "الحاج متولى" على الام وابنائها، فعقروا البعض من ابنائها فى اطفيح وامبابة، ودهسوا البعض فى ماسبيرو، متوهمين انهم يثكلونها لأنهم لا يفهمون أن هذه الام غير كل الأمهات تحتفل بانتقال ابنائها وليس بميلادهم.
منذ خروجه من الحبس لم يتغير ولكن اسلوبه تغير، قال البعض عنه انه ازداد حكمة، والبعض الأخر أنه استكان، ولكنه كان حكيما بحكمة سليمان فى أن لكل اسلوب زمان.
تعد الأم الآن حلة عرس ابنها الأكبر فى ذهابه إلى والده، فلقد وعدها عريسها بأنه سوف يزف ابنها حال وصوله، لأنه لا يستطيع احد ان يكون ابنا للآب بدون ان يكون مولودا من الأم، ولكن باقى ابنائها يزرفون دموعا بشرية لوداع اخيهم الأكبر الذى يلقبونه ابيهم والذى كان نائبا بحق عن ابيهم السماوى، ليس قداسة البابا شنودة الثالث هو معلم لجيلنا فقط ولكن للأجيال القادمة ايضا.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :