الكاتب
جديد الموقع
الخلود والخوف من الموت
بقلم : مرثا فرنسيس
داخل الإنسان جزء ما يؤمن بالخلود بشكل أو بآخر، مهما اعتنق من قناعات خاصة بالله وسواء آمن بوجوده أو أنكره وحتى لو كان يؤمن بآلهة متعددة، فهو بشكل ما يؤمن بالخلود في أعماقه!
كان المصريون القدماء يؤمنون بالبعث والخلود، وأن الروح ستعود للجسد مرة ثانية ولكنه خلود أرضي، وإيمانهم هذا كان يدفعهم إلى تزيين القبور وتجهزيها لإستقبال الروح عند عودتها ثانية، وكانوا يضعون مع الجسد الميت كل ماكان هذا الإنسان يحبه ويفضله ويستعمله في حياته اليومية من أدوات كتابة وأدوات صيد وأقلام وملابس وحُليِّ وحتى أواني الأكل، كما إهتم المصريون القدماء ببناء الأهرامات والتحنيط لنفس السبب، وبهدف تخليد الأسماء أيضا كانت الرغبة في انجاب الذكور، لتظل اجيال واجيال تحمل اسماء الأباء والأجداد.
اما الهندوسية والتي يؤمن بها مايقرب من مليار شخص فهي مجموعة من العقائد والفلسفات تشمل العديد من الطوائف والعبادات وهي ليست دينا ًواحداً بل مجموعة من الديانات تدور حول ستة آلهة، وهذه الألهة تجسد قوى الطبيعة كالشمس والمطر، وهم يؤمنون بأن الحيوانات مقدسة وخاصة البقرة يليها القرود والأفاعي، تؤمن الهندوسية بتناسخ الأرواح ، فالروح تغادر الجسد بعد الموت ولكنها تنتقل لتحل في جسد آخر ليس بالضرورة أن يكون جسد إنسان بل يمكن أن يكون حيوان أو حشرة! ولهذا يقدسون الحيوان ولا يقتلون الحشرات، وفكرة انتقال الروح إلى جسد آخر هي في معناها الايمان بالخلود بشكل ما.
أما الخلود عند المسلمين فهو امتداد لحياتهم على الأرض، وهو استمرار لنفس الحياة بنفس المتع الحسية التي كانت متاحة للجسد كالأكل والجنس، فآمنوا بالخلود في جنة كل مافيها هو متع حسية بشكل أكثر مما كان على الأرض، وقد يبذلون حياتهم مقابل الاستمتاع بهذه الجنة، بل قد يسعون إلى الموت للحصول على تلك الجنة الموعودة
من ينكرون وجود الله وينكرون بالتالي الخلود والأبدية هم يخافون بل يرتعبون من الموت، ويخافون اذا ماكان هناك ابدية بالفعل، وقد قال لينين زعيم الشيوعية الذي كان خائفا جدا من الموت: أخاف أن أموت وأفتح عيني هناك! رغم إنه لا يؤمن أصلا بوجود الله، وهذا مثير للعجب فإذا كان الإنسان لا يؤمن بوجود الله فما الذي يخيفه ويزعجه من الكلام عن الجحيم او السماء؟
الخلود في عقيدة المسيحيين هو خلود الروح بعد أن تنفصل عن الجسد بالموت، فيعود الجسد إلى التراب وتعود الروح لتسكن في الأبدية مع خالقها، في عالم جديد لا يشبه الأرض بكل صراعاتها ومتاعبها والآمها.
لا يستطيع إنسان على وجه الأرض ان يجزم بعدم وجود حياة أبدية؛ ولو اعتبرنا فرضا أن هناك احتمال بنسبة50% لوجودها فهي تستحق الاهتمام، ولايستطيع إنسان الهروب أو انكار سابق معرفته بواقع وجود الحياة الأبدية بطرق ووسائل متعددة خاصة مع التقدم الهائل للإنترنت والفضائيات، أما محاولة تحليل الأمر بأنه مجرد راحة نفسية فهو هروب من تحليل الأمر بشكل موضوعي، قد تأتي الراحة النفسية عند ضمان مكان الأبدية ونوعيته فكم عدد الضامنين لأبديتهم؟ وجود الأبدية يجعلني اشعر بالفخر كإنسان فأنا كائن أبدي خالد وليس مجرد تراب ولا فرق بيني وبين اي كائن آخر.
هل قبول قناعة أو ايدولوجية معينة بخصوص الخلود تمنع أو تقلل خوف الإنسان من الموت مهما كانت الفئة التي يندرج تحتها؟
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :