بقلم : د. مجدى شحاته
ودع المصريون الاربعاء الماضى مبارك'>الرئيس الاسبق محمد حسنى مبارك ، عن عمر يناهز 92 عاما . وهو الرئيس الرابع لمصر خلفا للرئيس محمد أنور السادات ، حيث تولى مقاليد السلطة فى 14 اكتوبر 1981 عقب اغتيال سلفه فى حادث المنصة اثناء احتفالات اكتوبر من نفس العام . وقد نعت رئاسة الجمهورية الرئيس الاسبق مبارك ، لما قدمه لوطنه كأحد قادة وأبطال حرب اكتوبر المجيدة . حيث تولى قيادة القوات الجوية اثناء حرب اكتوبر، التى أعادت الكرامة والعزة للأمة العربية باسرها . كما أعلنت رئاسة الجمهورية حالة الحداد العام فى كافة أنحاء الجمهورية لمدة ثلاث ايام .
وقد تقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي مع كبار رجال الدولة وممثلى دول عربية وأجنبية الجنازة العسكرية فى مشهد مهيب ، حظيت باهتمام اعلامى عربى وعالمى واسع النطاق . الامر الذى يؤكد على عراقة مصر مهد الحضارات ، التى تحترم قادتها وزعمائها . وأصالة الشعب المصرى العظيم ، ووفائه واعتزازه لكل من يخدم الوطن فى سبيل رفعة شأنه . قدمت مصر للعالم كله مشهدا حضاريا وطنيا راقيا ، يؤكد مدى وفاء واخلاص وأصالة الشعب المصرى الذى يتجلى وقت الشدائد والمحن والضيقات ، وان الوطن فوق الجميع ، مهما كانت الاختلافات فى وجهات النظر . مشهد وطنى خالص يؤكد ان مصر تعيش حالة من الوعى والنضج الوطنى والحس الاخلاقى الرفيع المستوى . لسنا بصدد مشهد سياسى ، وانما فى المقام الاول أمام مشهد وطنى أخلاقى انسانى ، يؤكد للعالم كله ان مصر هى الباقية والافراد زائلون .
الرئيس الاسبق مبارك أصاب وأخطأ ، لكنه لم يخن ، بل كان مصريا خالصا ، وطنيا حتى النخاع ، جنديا شجاعا حافظ على ارضه ولم يفرط فى حبة رمل واحدة من ارض الوطن . أثار الرئيس الاسبق مبارك الكثير من الجدل فى الاعوام الاخيرة من حكمه للبلاد التى سبقت تنحيه فى فبراير وظل الجدل حتى وفاته ، ولكن لا يختلف اثنان على وطنيته وعشقه لتراب مصر . لقد سجل التاريخ لهذا الرجل ، احترامه لقوانين الوطن وخضوعه التام واحترامه الكامل للقضاء المصرى العادل ، والمثول امامه فى محاكمات طويله ، أثبتت براءته . لم يفكر لحظة واحدة فى الخروج من مصر فى أشد مراحل حياته حرجا ، رغم العديد من العروض الكريمة من رؤساء وزعماء كثيرون لأستضافته خارج مصر ، لكنه رفض بشدة واصرار . وقال : " هذا الوطن العزيز هو وطنى ، فيه عشت وحاربت من أجله وعلى ارضه أموت ، وسيحكم التاريخ على وعلى غيرى بما لنا أو علينا ، وان الوطن باق والاشخاص زائلون " . فليس من العدل والحق ان نحاسبه بعد كل ذلك يوم رحيله ، خاصة وان الانتقاد بلا وعى وبدون وجه حق ، بعيدا عن الضميرالسليم ، أصبح مباحا وسمة عصر الانترنيت .
ودعت مصر الرئيس الاسبق مبارك ، أحد ابناء القوات المسلحة وقائدا مميزا من قادة حرب اكتوبر المجيدة ، وان كان هناك خلاف حول أدارة شئون البلاد فى بعض النواحى خلال فترات من حكمه للبلاد ، الا انه لا يمكن تجاهل انجازاته المتعددة ، كأحد الرموز المصرية المخلصة التى جنبت مصر مخاطر الحروب والانقسامات . وهنا لست بصدد تعديد تلك الانجازات او تقييم فترة حكمه ، ولكن لابد من الاشادة بكونه بطل الضربة الجوية فى حرب اكتوبر المجيدة ، التى خطط لها وأشرف عليها بصورة رائعة والتى حققت أهدافها المرجوة والتى ازهلت العالم وافقدت العدو توازنه . واستكمل مفاوضات السلام التى بدأها سلفه الرئيس السادات مع اسرائيل ، ليتمكن من رفع العلم المصرى فوق كل سيناء فى ابريل عام 1982 وبعدها استعاد منطقة طابا من خلال التحكيم الدولى عام 1989 لترتفع شعبيته لدى الشعب المصرى . كما كان له دورا فاعلا فى اعادة العلاقات المصرية – العربية التى تأثرت بشدة بعد توقيع الرئيس الراحل السادات اتفاقية السلام مع اسرائيل ، فضلا عن توطيد العلاقات السياسيه والعسكرية الوثيقة مع الولايات المتحدة الامريكية .
نعم مصر وشعبها العظيم لا يسلب حق أى أحد من أبناء هذا الوطن الكريم ، يقدم خدمة جليلة لهذا الوطن ، لقد حقق الرئيس الاسبق مبارك مقولته : " هذا الوطن العزيز هو وطنى ، فيه عشت وحاربت من اجله وعلى أرضه أموت . "