الأقباط متحدون | صعود الحركات الإسلامية وعلاقتها بالفكر الوهابي
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٥١ | الخميس ١٥ مارس ٢٠١٢ | ٦ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٠٠ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

صعود الحركات الإسلامية وعلاقتها بالفكر الوهابي

tayyar-نسيم بو سمرا | الخميس ١٥ مارس ٢٠١٢ - ٥٠: ٠١ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

على وقع سيطرة الأخوان المسلمين على مساحات واسعة من الساحة السياسية في الدول العربية التي شهدت انتفاضات شعبية، بعدما كان دورهم في السابق محصوراً في الإطار الإجتماعي، كالجمعيات الاهلية والتربوية وفي خطب الجمعة في المساجد، وفي ظل النمو السريع للحركات الاسلامية في لبنان وتطور إمكاناتها، لتتمكن أخيراً من تجنيد عنصرين في الجيش اللبناني كانا يخططان بالتعاون مع شبكة تكفيرية تضمّ خمسة آخرين بتفجير ثكنات للجيش؛ طرحت على الساحة العربية الكثير من الهواجس وبخاصة  بعد كشف الأخوان في تونس وليبيا ومصر عن  أفكارهم التي يعملون راهناً على تأطيرها ضمن برامج متكاملة تصلح للتطبيق في الحكم.

ففي قراءة أولية لهذه الأفكار، نرى أنها ركزت على الناحية الإجتماعية ابتداءاً من إعادة السماح بتعدّد الزوجات وفرض الحجاب، مروراً بإعادة النظر بدور المرأة في المجتمع والغاء الكوتا النسائية في البرلمانات وصولا الى إقامة القيود على الفن والثقافة ونشرها، فيما لم تعطى الاولوية للمواضيع الاقتصادية على رغم أنها شكلت الشرارة الرئيسة لانطلاق الحراك الشعبي، ولم تتطرق أيضاً الى السياسة الخارجية التي تعتبر سبباً للنقمة الشعبية على الحكام، نظراً لدرجة التطبيع التي وصلت اليها علاقات بعض الأنظمة العربية مع اسرائيل.


إنّ إطلاق تسمية الثورات العربية على الحراك الشعبي الحاصل في الدول العربية مبالغ فيه، وأسقط هذا الوصف أيضاً من قبل الولايات المتحدة على " ثورة الارز" في لبنان في العام 2005 ، بغية حرف هذه الانتفاضات عن مسارها، وقد نجحت واشنطن في إيقاف التدحرج الجماهيري في مختلف هذه الدول من خلال إعادة توجيه النقمة الشعبية وحصرها بالحكام، خشية من وصوله الى الخليج العربي بشكل خاص، لما تملكه هذه الدول من إحتياطي للنفط؛ وبذلك تمكنت الولايات المتحدة من الإبقاء على الأنظمة التي تستمر في خدمتها ولكن بغلاف إسلامي إخواني بعد تشريع أبواب السلطة لهم، ما يصب في خانة تلبية متطلبات المرحلة الراهنة على حساب مصلحة الشعوب العربية وتقدمها، تماماً كما حدث في المرحلة السابقة ولكن بعنوان مختلف.

الأهداف الأميركية إذاً، تتلخص في هذه المرحلة بتفتيت منطقة المشرق العربي من خلال خلق صراعات وحروب داخلية، بغية إعادة تثبيت نفوذها بعد إخراج الجيوش الاميركية من ميدان القتال، في وقتٍ تزامن الإنسحاب العسكري الاميركي من العراق مع بدء الأحداث في سوريا، وهو تكتيك عسكري يتّبع لإثارة الغبار بهدف حرف الأنظار عن الحدث الأساس.
 أمّا في ما خصّ الأخوان المسلمين فتقوم الولايات المتحدة من خلال إيصالهم الى السلطة باستعمالهم كوقود في معركتها، ضمن مشروع أشمل يقوم على دفع المسيحيين العرب الى الهجرة باتجاه أوروبا بغية إعادة التوازن إليها، في مقابل إعادة مسلمي أوروبا الى بلادهم ما سيحقق تطلعاتهم في العيش الإجتماعي المنسجم مع معتقداتهم الدينية، بحسب التوجه الذي تتبناه السياسات الأميركية؛ فالإدارة الأميركية تعتمد في سياساتها الخارجية على دراسات تقوم بها مراكز أبحاث في الولايات المتحدة، تقاريرها منشورة للرأي العام؛ فماذا تقول هذه التقارير؟ تعتبر هذه الدراسات أن أوروبا تشكل خط الدفاع الأول عن الولايات المتحدة في وجه الزحف الإسلامي، بحسب ما يعتقد هذا التيار، وتشير الإحصاءات الى أن العنصر الإسلامي في دول أوروبا من الناحية الديموغرافية يشكل الأكثرية، وهذا العنصر بأكثريته مقيم في الدول الأوروبية ولا يحمل جنسيتها، وبالتالي يشكل خطراً داهماً على سياسات هذه الدول؛ فيما تشير دراسات أخرى الى أنّ وصول الإسلاميين المتشددين الى الحكم في الدول العربية سيشكل خطراً مستقبليا على الولايات المتحدة، كون معظم هذه التيارات تكفيرية  تتبع النهج الفكري الوهابي وبالتالي ستتكرّر تجربة طالبان في أفغانستان، وفي حين لا يحظى هذا التيار بالرعاية الرسمية، إلاّ انه مؤثر جداً في الدوائر الأكاديمية في الجامعات الأميركية.

نرى أن التيار الأول، يشكل استمراراً لسياسة المحافظين الجدد الذي انحسر مدّه ظاهرياً بوصول باراك أوباما الى البيت الأبيض،  ولكن نظرية "صدام الحضارات"  التي نشرها الصهيوني صموئيل هانتنغتون عبر مقال في مجلّة (Foreign Affairs) عام 1993 ، ما زالت تحظى بدعم دوائر القرار في الإدارة الأميركية، التي تحاول  الإيهام بأنّ الحروب التي تخوضها في العالم هي نتيجة صراع الثقافات، بينما نجد في الواقع أنّ هذا الصراع بالرغم من استخدامه إصطلاحات دينية وثقافية، يبقى سياسي توسعي بامتياز بهدف تأمين خطوط نقل الطاقة حول العالم، ومن جهة أخرى تتحدّى نظرية صراع الحضارات مفهومنا للواقع، الذي يثبت أنّ الحضارات تتحاور وتتعايش وتتفاعل في ما بينها لخدمة وتطوّر الإنسانيّة، وهي تؤمّن سلّماً من القيم تسير عليه البشريّة، ليترسّخ السلام بين الشعوب.

لكن ما هي السلفية، وهل التيارات الاسلامية التي تدّعي أنها سلفية تسير بالفعل على نهج السلف الصالح، وتتبع عقيدة السلف من الصحابة والتابعين؟
الجواب واضح في هذا الإطار، فهذه الحركات التي تنمو في العالم العربي أثبتت بفعل عدم ثبات مواقفها وتبدلها بحسب الظروف، أنها إنتهازية تسعى الى السلطة، ويتماهى مشروعها السياسي مع المشروع الصهيوني، بما يساهم في تعزيز نظرية صدام الحضارات، وهي تحظى بالدعم المالي السعودي- القطري، لنشر الفكر الوهابي في المجتمع العربي.
فالحركة التكفيرية في الاسلام الذي هو دين الرحمة والعدالة، هي إنحراف عن الدين، كما هي حال الأصوليتين المسيحيّة واليهودية العالمية، وتصنف في إطار الحركات الايديولوجية التي تسعى الى تدمير المجتمعات المتواجدة فيها، بغية إعادة بنائها على المبادئ المتطرفة، وتستخدم الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها،  مستتظِلّة بالدين لتبرير أفعالها غير الاخلاقية وغير الدينية.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :