مرة أخرى وليست أخيرة، متى تنجلي تلك الغمة ؟
متى تعرف الأسر التي يلقي القبض على أبنائها من الطرقات العامة أين هم، ولماذا تم حبسهم ؟ وما التهم الموجهة إليهم ؟
مرة أخرى وليست أخيرة، متى تتوقف الإجراءات الإستفزازية لقوات الأمن، التي تفاجئ الشباب في الشوارع، وتستوقفهم لقراءة ما تحتويه رسائلهم الخاصة على التليفونات المحمولة ؟ وما الاستفادة الناجمة عن إشاعة أجواء من الذعر؟
مرة أخرى وليست أخيرة، هل يدرك من يشيرون بالإقدام على تلك الإجراءات، حجم السخط المكتوم في البيوت المصرية، حزنا على شباب يتعرض مستقبله للخطر، وترتبك حياته الدراسية لمجرد الاشتباه ؟ هل يتحمل هؤلاء، الاتجاه المخيف لدى قطاعات واسعة من الشباب بالاستعداد للهجرة من مصر خوفا من أن يطولهم ما يطول زملاء لهم، فجأة أصبحوا من رواد السجون ؟
مرة أخرى وليست أخيرة، مخاطر تلك الإجراءات الأمنية العشوائية جسيمة، وتلعب دوراً في خلق عداوات للنظام، ويجري استخدامها بسهولة، ممن يتربصون بخطواته والأدوار التي يقوم بها للنهوض بالبلاد .
لماذا تترك سلطات وزارة الداخلية والسلطات التنفيذية الساحة شاغرة، لمن يتقولون عن عودة “زوار الفجر” وعن اختفاءات قسرية، وعن مكروه أصاب هؤلاء الشباب المقبوض عليهم تخشى الداخلية الكشف عنه ؟
سؤال بديهي لا يتأمله، من يأمرون بتلك الإجراءات الشاذة والغريبة، من هو المستفيد منها ؟ ومن قال إن أمن البلاد يُحفظ، باغضاب المواطنين والاعتداء على كرامتهم، وتحويل الشاب، حتى لو كان طائشاً، من حالة الطيش إلى السخط على المجتمع ومن فيه، وربما إلى إرهابي محتمل ؟
لم يعد الصمت على تلك الإجراءات محتملاً، ولم يعد مقبولا من السلطات الأمنية، هذا التكتم على مئات من الشباب المحتجزين، دون الكشف عن أسباب هذا الاحتجاز، أو فليتم الإفراج عنهم، إذا كان في هذا البلد من يعنيه حقاً استقراره الاجتماعي، الذي يتحقق بالرضا وليس بالعصا، فالأخيرة أداة لتراكم الغضب والسخط والعدوان الذي يزعزع ذلك الاستقرار، بل حتى يهدمه !