خالد منتصر
«تقدم النائب محمد الزاهد، عضو لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، ونائب دائرة العاشر من رمضان، بمحافظة الشرقية، باقتراح برغبة موجّه لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرى الكهرباء والإسكان، بشأن إعفاء المساجد والكنائس من رسوم المياه والكهرباء، وشدد «الزاهد»، فى الاقتراح برغبة، على ضرورة إعفاء دور العبادة سواء مساجد أو كنائس من رسوم فواتير استهلاك الكهرباء والمياه، مؤكداً أن ذلك يأتى دعماً لدور العبادة»، انتهى الخبر ولم تنتهِ الدهشة، السؤال لماذا؟، واشمعنى؟، وماذا يقصد النائب الجليل المحترم بدعم دور العبادة من خلال إعفاء المساجد والكنائس من رسوم المياه والكهرباء؟، أين وجه الدعم؟، وهل نحن على أبواب غزوة الخندق مثلاً؟، إن عدم دفع رسوم المياه والكهرباء جريمة فى نظر القانون.
والسؤال الملح هل نحن نريدها دستوراً وقانوناً أم فتاوى ودروشة؟! لماذا يتطوع نوابنا عن طيب خاطر بالتخلى عن أبسط بديهيات وأبجديات الدولة المدنية دولة المواطنة والقانون فى سبيل وضع رقبتنا تحت مقصلة الدولة الدينية؟، دور العبادة ليست استثناء بل المفروض أن تكون قدوة، وفى ظل شح المياه وأزمة سد النهضة والخوف من التصحر، يأتى نائب محترم ليشجع على إهدار الحنفيات المفتوحة بدون حساب فى عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من دور العبادة، عندما أذهب إلى قرية وأجد الفلاحين الذين يشتكون من فواتير كهرباء بيوتهم، نائمين فى الصيف على الموكيت فى الجوامع مستمتعين بالتكييفات، تاركين النوافذ مفتوحة لمضاعفة الاستهلاك والتحميل على أجهزة التكييف التى تأتى على شكل تبرعات من مواطنين، هم أنفسهم الذين لو طلبت منهم أى تبرعات لمستشفى أو مدرسة لن يدفعوا مليماً واحداً بينما يدفعون عشرات الآلاف فى تكييفات لدور عبادة!!، بالرغم من أنك تستطيع أن تصلى لله فى أى مكان، لكنك لن تستطيع أن تركب قسطرة قلب أو تغسل كلى إلا فى مستشفى.
تلك المطالبات وغيرها ستجرنا إلى سلسلة من الاستثناءات تحت لافتة ترسيخ الإيمان ودعم دور العبادة، بالرغم من أننا لا نمل ليل نهار من ترديد أننا شعب متدين بطبعه يعنى لا يحتاج إلى ترسيخ أو دعم، سيخرج علينا نائب فاضل آخر يطالبنا بإعفاء مشايخ الفضائيات والدعاة الذين يسافرون مع رحلات العمرة والحج من الضرائب، أو القساوسة الذين لهم بيزنس خارجى فى عقارات أو شركات، لأنهم ناس بتوع ربنا وما يصحش!!، هل ما طالب به النائب ممثل الشعب هو تقرب إلى الله ودعم له، أعتقد لا، لأن الله هو الذى يدعمنا وليس العكس، وإنما أخشى أن يكون مغازلة لمشاعر بسطاء سيطر عليهم المزاج السلفى، ودور نوابنا ليس المغازلة وإنما الإيقاظ والتنوير وترسيخ مفاهيم القانون والمواطنة، نحن فى مرحلة نحاول أن نفهم المواطن بأن كل خدمة لها مقابل، هذا المواطن الذى عاش مدمناً فيما مضى لإحساس عيال الحكومة، لا بد أن يحس أن دار العبادة التى يدخلها لا تسحب الكهرباء «سفلقة» كما يقولون بالبلدى على قفا الدولة، كيف سيصدق هذا المواطن رجل الدين بعد ذلك؟، كيف ستستطيع الدولة توصيل رسائلها التنويرية التجديدية من خلال هؤلاء الدعاة والمشايخ والقساوسة، والمصلون يحسون أنهم يدفعون أرباع وأنصاف مرتباتهم فى فاتورة الكهرباء، بينما من يلقون عليهم الخطب العصماء عندهم إعفاءات وأعذار شرعية؟! لهذا نقول لا لهذه الإعفاءات، فالذى سيعود على المواطن بالنفع على هيئة خدمات وطرق وكبارى... إلخ، مصدره سيكون قراءة الفواتير والعدادات لا قراءة الأذكار والتسبيحات.
نقلا عن الوطن