خالد منتصر
تصلنى كل يوم مئات الرسائل المكتوبة والصوتية لسيدات فضليات على جروبات الواتس آب وصفحات الفيس بوك. معظمهن ينتمين إلى ما يسمى جروبات الماميز، وهى جروبات المفروض أنها قد تأسست لمتابعة الأطفال فى المدارس والنقاش حول أحوالهم الدراسية وكتابة مقترحات للنهوض بالعملية التعليمية فى المدرسة أو مراقبة أداء المعلمين... إلخ، لكنها قد تحولت فى الفترة الأخيرة إلى ماكينة شائعات مرعبة حول الكورونا، تصرخ إحداهن: الحقوا ٢٥٠ حالة، ترد الأخرى: لا، أصبحوا ٣٠٠... مين يزود؟! إنه مزاد الرعب، فتحته جروبات الماميز.
لا تقلقنى تلك الجروبات بقدر ما تقلقنى العقلية التى تشكل معظم من يروّجن لتلك الشائعات، كيف تشكلت تلك العقليات؟ وكيف صارت بهذا الانتشار؟ تلك الأمهات على أعلى مستوى من التعليم، وفى أرقى المستويات الاقتصادية، أنا أتحدث عن جروبات لأمهات معظمهن فى كومباوندات، يركبن أحدث موديلات السيارات، مشتركات فى أغلى الأندية، باختصار.. معظمهن مرفهات ينتمين إلى طبقات ثرية، والمفروض أن مدارس الأولاد إنترناشونال، أى إن المناخ مهيأ لإفراز أفكار عقلانية ليس فيها نبرة انتقام من الدولة، لكن ما يحدث على أرض الواقع يفضح تلك الشيزوفرينيا المحيرة، ويطرح سؤالاً خطيراً ومؤلماً: لماذا زادت نبرة الأخونة والتفكير الغيبى الخرافى وانعدام التفكير النقدى بين أولئك السيدات اللاتى سيربين الأجيال التى نراهن عليها للخروج من النفق المعتم؟ والسؤال من الممكن أن يُطرح بطريقة أخرى: لماذا استطاعت الأخوات الإخوانيات التسلل إلى تلك التجمعات التواصلية، بل والسيطرة عليها وقيادة الدفة؟
هناك مظاهر تمر مرور الكرام على الدولة، ولكنها تنخر كالسوس فى نخاع ومفاصل الوطن، على سبيل المثال دروس ما بعد صلاة العشاء للسيدات والتى تلقيها عادة داعية منقبة، وكلها تبث سموم الخرافة والكراهية للآخر والتحقير للذات والنيل من تاء التأنيث وتأثيمها حتى تتجلى شيطاناً رجيماً إغوائياً، تعتبر نفسها عورة ونجاسة!! انتقلت تلك الدروس من المساجد إلى الشقق والقصور، حيث تستضيف سيدة أرستقراطية مجموعة سيدات أخوات لتلقى الدرس عبر داعية سلفى من المشاهير، تلك الممارسات وغيرها أفرزت تلك الطبقة النسوية الهستيرية سريعة التصديق للشائعة، سريعة النشر لها باستمتاع وتلذذ.
أنا دائماً منحاز للمرأة، وأرى فيها مفتاح إنقاذ مصر بدون مبالغة. وتيار الفاشية الإسلاموى قد جعل هدفه الأساسى الآن، وبالطبع من قبل، هو المرأة لفرملة مصر وعرقلة خطواتها، الأخوات صرن هن الباب الخلفى لعودة هذا التيار، حصان طروادة الذى سيأتى وبداخله تجار الدم للتسلل خلف الحدود، وأخص بالذكر إخوانيات وزارة التربية والتعليم، ما يحدث منهن من غسيل مخ لأطفالنا شىء فى منتهى الخطورة، كارثة أن تفترس المُدرسة الإخوانية من خلال الحاجز الأسود السميك الذى ترتديه أطفالاً فى عمر الزهور، تشكل عقلاً هو صفحة بيضاء، على مزاجها هى، تنشر أفكارها وسمومها من خلال حصة يومية، وبعدها نتساءل: «هما الإرهابيين ليه مابيخلصوش؟»، ببساطة لأنك تذهب إلى المشتل الذى ينتجهم كل يوم وتسلم ابنك إلى الطابور والفصل، لتستقبله الإخوانيه والإخوانى، ولا تقل لى: «هم فى مدارس الغلابة فقط». هذا وهم، فقد اقتحموا مدارس اللغات أيضاً التى مصاريفها بعشرات الآلاف، فهل آن الأوان أن نستيقظ؟
نقلا عن الوطن