د. مينا ملاك عازر
ليس خفي على أحد أنه منذ اتخاذ قرار إجلاس الأمير محمد بن سلمان على كرسي ولي العهد بوساطة جلالة الملك سلمان نفسه، والأسرة المالكة السعودية يكتنفها مساحة عميقة من عدم الرضا ليس فحسب لأن الخطوة جريئة بنقل الحكم المحتمل للجيل الثالث من الأسرة، جيل الأحفاد ولكن للشخص نفسه فهو الذي تلقى تعليمه داخل المملكة وكأنه من البداية عينه على كرسي الحكم في نظر الكثيرين ،وهو الأقل علماً وتعليماً، فالمعظم تعلموا بالخارج ،بين أقرانه أتحدث المقارنة غير جائزة مع جيل الآباء في نظر الكثيرين، هو الابن المدلل لأبيه انتشرت شائعات كثيرة ذاع من بينها أنه ثمة خلاف بين الأب الملك وابنه، لكن في الحقيقة مع تقدم الأيام نحو الأمام تتلاشى تلك الأنباء، ويثبت سريعاً بهتانها وعدم صدقها أو على الأقل أن الابن المقرب لأبيه أستطاع تجاوزها، والقفز من فوقها، ومحو آثارها، ومن ثمة يعود رجل قوي وسياسي بارع، واشترى رضا الغرب والأمريكيين أنفسهم بأثمان باهظة، ولم يزل يقدم الأثمان الغالية لإرضائهم بمواقف مرنة مع إسرائيل، ومواقف متشددة مع دول تعادي أمريكا والغرب، ناهيك عن أن مقتضيات الأمور كلها كانت تجبره على الصدام مع تركيا التي كانت يوماً ما حليفاً استراتيجي للمملكة، لكن تقارب المملكة من مصر أو قرب مصر من المملكة، ومقتل خشقجي على الأراضي التركية ،أدى الي وجود هوة عميقة بين كلا الطرفين لا يستطيع أحد أن ينكرها.
السعودية الآن تقاوم أنباء ذكرتها معظم صحف العالم إلا الصحافة المصرية وهي أنباء قيام انقلاب عسكري على الملك سلمان وولده وبالذات ولده، لكن الانقلاب لم ينجح، وكان متورط فيه الحارس الشخصي لجلالة الملك سلمان، وكان مستهدف من الانقلاب الإطاحة با بن سلمان من ولاية العهد لمصلحة ولي العهد السابق الأمير محمد ابن نايف آل عبد العزيز، وكان متضامن معه أخيه الأمير نواف بن نايف وعمهما أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك سلمان بن عبد العزيز، فشل الانقلاب وتم اعتقال الثلاث أمراء والأمراء الباقين خارج الاعتقال، وهم كثر غردوا أمس تغريدات تنفي الشائعات التي تنال بحسب زعمهم من أمن المملكة واستقرار الأسرة المالكة.
كل هذا جميل، لكن السؤال أين الثلاث أمراء؟ هل سيجرى معهم لقاء تليفزيوني على غرار الذي أجري مع الرئيس سعد الحريري رئيس وزراء لبنان وقت أن كان معتقل ليجبر على الاستقالة لتسقط لبنان، لولا تدخل مصر ومعها فرنسا للإفراج عن الرجل وإعادته لكرسيه في رئاسة وزراء لبنان وهو ما كان بالمناسبة.
هل نحن بانتظار كشف اللثام عن الكثير من الأحداث التي تجري من تحت الأغطية لتكشف عن انتقام إيراني من المملكة وولي عهدها، بعد ما تجرعته من ضربات مؤثرة في صفوف قيادات الحرس الثوري بداية من قاسم سليماني وحتى العميد الذي قتل بدمشق مؤخراً، ناهيك عن احتمالية منهجية ضربة كورونا الموجهة لإيران، ربما المسألة أكثر تعقيداً، لكن ما لا شك فيه أن ما فعله بن سلمان من تخفيض أسعار البترول مؤخراً بهذه الدرجة التي جعلت أسهم آرامكو تخسر نصف قيمتها الاسمية في بورصة نيويورك، فيخسر الأمريكيون الكثير، ويخسر الروس الأكثر وهم المنافس وأصحاب المركز الثاني في ترتيب إنتاج النفط في العالم، ما يعني استعداء واضح للجميع لا لشيء إلا أنهم رفضوا الانصياع لرغبات بن سلمان في تخفيض كميات الإنتاج، ما ينذر بأن العملية ردة فعل من الأمير الشاب رداً لما استشعره بالانقلاب عليه، فقرر ينتقم، فهل هو جاهز لردة فعلهم؟
المختصر المفيد العالم في قبضة مجموعة من الطموحين.