بقلم : إيهاب شاكر


   هذا ليس عنوان فيلم، أو مسلسل في رمضان القادم، رغم أني كنت أتمنى أن يكون كذلك على أن يكون من أرض الواقع الذي نعيش فيه، فقد حدثت الكارثة المتوقعة بصعود التيارات الإسلامية للحكم، فلم أكن أبدًا أتوقع منهم خيرًا، فالدارس لتاريخهم وأيديولوجيتهم، يعرف جيدًا ما يفكرون فيه وما يسعون إليه، وكيف يعملون ليحققوا غايتهم، نعم فقد كنت محقا عندما كتبت من قبل عنهم وفي مختلف المواضيع التي تمر بها البلاد، والتي أعطوا فيها آرائهم أو تدخلوا فيها بأيديهم أو قيادتهم، وأيضا عن المجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد على حد قول عمر سليمان وهو يقرأ خطاب تنحي مبارك، والذي سلم السلطة فيه للمجلس العسكري، حتى يكون حارسا له، وحاميا له،

 

فقد كتبت عن ذلك من قبل تحت عناوين منها: " المجلس باين من عنوانه،( وفي الحقيقة "المجلسان")، مصر تتعرى أمام العالم!، حزب البلطجية والندالة!، لعب عيال الإخوة كارامازوف، يسقط يسقط حسني مبارك قصدي المجلس العسكري، مصدر شرعية المجلس الأعلى ما هو؟، أنا مسيحي .. وعاوزها إسلامية!!، الالتفاف والالتحاف" وغيرها الكثير والكثير من المقالات التي يبدو أنها كانت نبوءات سياسية مستندة على ما قلته سابقا.
لما كل هذا، وما  الكارثة التي أقصدها؟ هاكم ما أقصد:


   فقد كشف النائب أبو العز الحريري المرشح الرسمي الأول لرئاسة الجمهورية عن مشروع قانون بالعفو الشامل عن الجرائم السياسية منذ عام1981 وحتى عام 2011، مقدم من النائب نزار غراب، ووقع عليه أعضاء حزب الحرية والعدالة وحزب النور وحزب الوفد والبناء والتنمية. ووصف الحريري خلال حواره مع الإعلامي عمرو الليثي في برنامج “90 دقيقة” ذلك المشروع بأنه خيانة للثورة وللشعب المصري.
هل هناك كارثة أكثر من ذلك، وهل العنوان المتصدر المقال كاف ليعبر عن هذه الكارثة؟  لا أعتقد!


  نعم إنهم جميعا خونة، ولا يفكرون إلا في غايتهم الشخصة، لا يفكرون في البلد والناس والدماء والانفلات الأمني والفتن الطائفية التي لا أستبعد أنهم مدبروها وجزء منها، لا يفكرون في الجوعى وأسر الشهداء، لا يفكرون في خراب بلد مثل مصر في مقابل اللهث وراء الكراسي، كراسي تحت القبة، وكراسي فوقها، لا يفكرون في كرامة شعب أمام العالم، ولا كرامة مواطن سُحل على الأرض بل امرأة تعرت أمام العالم، لا يفكرون إلا في المناصب، لا يبغون غير المكاسب، لا يهتمون بغير المواكب ووجودهم في صفوفها الأولى، واستيلاءهم على نسبة الأغلبية المطلقة، لا يعرفون غير رأيهم وفرضه على الجميع، والمعارض لهو زنديق كافر بالله وبشريعته، لا يسعون إلا للوصول للكرسي والجلوس عليه، ثم يجلس هو عليهم ويستعبدهم.


  هكذا، ظهرت الصفقة واضحة المعالم، فمنذ البداية، بداية الاستفتاء على التعديلات الدستورة المعيبة كانت الصفقة في غرف مظلمة، وما تنتظر فيما يُتفق عليه في الظلام إلا السواد والظلام والظلم، كانت الصفقة أن نأخذ نحن الكرسي، وتخرجون أنتم من تحته آمنين، سالمين، وكله بالقوانين، ولا عزاء فيكِ يا مصر للثوريين المحتجين النازفين الدماء، لا عزاء للشرفاء، لأنه لا يوجد سرادق يحوي كل هؤلاء، إلا شوارعكِ يا مصر التي باتت للغوغاء ولضرب النشطاء، من التحفوا بالسماء وباتوا في العراء، وليس تحت القبة، قبة مجلس الغوغاء، الذين يدعون بأنهم المرسلين من السماء.


   لا أعرف بماذا أختم مقالي هذا، بل مرثيتي، لكن ما أعرفه أن شعبنا وشبابنا الذي خرج في الميادين ليعلن سخطه على نظام فاسد استبد به طوال سنين مضت، لن يسكت على هذا الاستغلال للثورة والركوب عليها الذي كان واضحا منذ البداية، وسيخرج أيضا ليثور على المجلسين العسكري والإخواني، اللذان اتفقا معا على خيانة الثورة، وخيانة هذا الشعب والازدراء بالدماء الزكية المسفوكة على أرضه في ميادين تحريره في كل محافظات المحروسة، فلا للخونة، لا لحزب البلطجية والندالة، لا لحزب مدعي النور وهو أظلم من الظلام، لا لكل من يتآمر على هذا البلد، ويريد استغلاله لمصلحته الشخصية، لا وألف لا.