الأقباط متحدون | وداعـًا يا أبـي
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:٣٤ | الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٢ | ١١ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٠٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

وداعـًا يا أبـي

الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٢ - ٤٥: ٠٤ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 


بقلم- مهندس عزمي إبراهيم


من أنــت؟
اعرف يا أخي من أنـت... فهذه المعرفة تقودك إلى الاتضاع
إنك تراب من الأرض... بل التراب أقـدم منـك
وُجـِدَ قبل أن تكون: خلقـه اللـه أولاً... ثم خلقـكَ... من تـراب!
***
أنـا وحـدي
لي طـريـــق مفـــــردٌ أحـبَبــْــتـُه        عشت فيه طول هذا العمر وحدي
كنـتُ في مجتمـــعٍ أو خـلـــوةٍ أنا        وحـدي، يسـتوي الأمـران عنـدي
***
يا تــراب الأرض
يـا تــــراب الأرض يا جـــــــِـــــدّي وجــِــدّ النـــاس طــُـرّا
أنــــت أصــْـــلي، أنـــت يـا    أقــــْــــــدم من آدم عمـــــرا
ومصيــــري أنـــت في الــْ    ــقبــْــر إذا وُسـِّــدْتُ قـبــْــرا
***
ما أنا طيــن
ما أنــا طيـــــــــنٌ، ولكــــن    أنــا فى الطيــــــنِ سكـَنــْـتُ
لســـت طيــــــنٌ، أنــا روحٌ    من فـــــم اللـــــه خـَرَجـْــتُ
وسـأمضـــى راجعـــــًا للــــــَــــــه أحـْيــــا حيــث كـُنــْــتُ
***
في حــُبِّ مصــر
جعلـتــُــكِ يا مصـــر في مهجـــتي    وأهــواكِ يا مصــر عمـقَ الهــوى
إذا غـِبــــتُ عـنـــك، ولـو فـتــــرة    أذوب حـنيــــنا، أقـــاسي النــــوى
إذا ما عـطشـت إلى الحــبِّ يــَومـًا    بحبــِّـكِ يا مصــر قـلــبي ارتــوى
نـَـوَى الكــلُّ رفعــَـكِ فـوقَ الـــرؤ    وسِ وحقًا لكل أمريء كل ما نوَى
***
للكـون إلــه
إن للكــــــــــونِ إلــــــــــــهْ    ليـــس معبـــــــودٌ ســــــواهْ
هـــو أصــــــلٌ للـوجــــــود    وهـــو أصــــــلٌ للحيـــــــاهْ
ينحـنى الكــــل خضــــوعـًا    فلـــه نـُحــــْـــني الجـِبــــــاهْ
فى ركـــــوعٍ، فى سجــــودٍ    فى ابتهــــــالٍ، فى صــــلاهْ
يجــــِــد الـوجــــــــــدان في    حبـــِّـــه أسـْــمـَى منـــــــــاهْ
كـــــل مـا أبغيـــــــــــــه أنْ    أقــْـضِ عمــري في رضــاهْ
هــو في الأذهــــــان دومـــًا    وهــو عــــــالي في سـمـــاهْ
ويحـــــار العقـــــــــل فيـــهِ    ليــس يـــــدري ما مــــــداهْ
إنــَّــه الخـــــالـق والحـــــــا    فـــظ بل حــــامى الحمـــــاهْ
هــــو ربٌ للبـــــــــــــرايــا    وهــــو راعٍ للـرعـــــــــــاهْ

وداعًا يا أبي. وأستسمحك أن أفتتحت مدونتي المتواضعة في وداعك بباقة من كلماتك الذهبية، كلمات روحك النقية همستها طاهرة في حياتك.. في حياتنا.
وداعًا يا أبي. قد كنت أبي وستظل أبي ما دامت لي أنفاس تتردد في صدري، وما دام لي قلب ينبض برعشات الحياة.

كنت أبي وكنت أبًا للملايين مسلمين ومسيحيين من بني وطنك. الوطن الذي قلت عنه: "مصر وطن يعيش فينا وليس مجرد وطن نعيش فيه". الوطن الذي لم تكل عن حبه وسلامته وسعادة أبنائه من كل دين لحظة واحدة ولا طرفة عين رغم مصاعب الطريق الطويل.

كنت أبي وكنت أبًا لكل من آمن بالحرية والوطنية والوحدة والتعايش والتراضي والسماحة والرحابة والوفاء والولاء والذوق والوداعة وعفة اللسان. فحق لك وعليك قول الكتاب المقدس: "وديع ومتواضع القلب، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته".

كتب عنك الكثيرون من أبنائك وأبناء وطنك وأبناء العالم أجمع، حيث يبكيك اليوم عظماء العالم في الشرق والغرب، ومن بينهم رؤساء وقادة وأعلام وأبناء العالم العربي. فقد كنت لهم الأب والأخ والزميل والرفيق. كنت العالم والمعلم. كنت الديني والعلماني. كنت البسيط الصدوق والقدوة الطيبة. وكنت المبتسم والعطر الذكي.

كنت حكيمًا، بل كنت رمزًا للحكمة ذاتها، رعيت شعبك فكنت خير راع، ووفيت الحق لوطنك فكنت خير مواطن، وقفت وقفات الحق صلبًا بلا ضعف وبلا خوف وبلا خضوع لرئيس أو زعيم.. فلم تسجد إلا لخالقك. وعلمتنا كيف نكون مثلك... فسنكون!!!.

وداعًا يا أبي. وأستسمحك ألا أزيد.. لا عن تقصير بل عن عجز.  فالغصة في حلقي تأبي على كلماتي أن تسيل على طرف قلمي. ودموعي تأبي أن تعترف برحيلك فتأبى الانسياب من عيني.

الحزن والفرحة يمتزجان في قلبي.. حزني لرحيلك من عالمنا القاسي، عالم الشقاء. وفرحي لك أن قد حان الأوان وأراد لك ربك أن تنعم بالراحة بعد جهادك الطويل في أحضان الخلود مع القديسين في رحاب خالقك، فاسترح يا أبي، فقد "جاهدت الجهاد الحسن" لا من أجل نفسك بل من أجلي ومن أجل البشرية من كل لون ومن كل دين.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :