في مثل هذا اليوم 17 مارس 1916م..
اتفاقية سايكس بيكو في 1916 هي معاهدة سرية بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا، ولتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا وتقسيم الدولة العثمانية التي كانت المسيطرة على تلك المنطقة في الحرب العالمية الأولى. اعتمدت الاتفاقية على فرضية أن الوفاق الثلاثي سينجح في هزيمة الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى ويشكل جزءًا من سلسلة من الاتفاقات السرية التي تأمل في تقسيمها. وقد جرت المفاوضات الأولية التي أدت إلى الاتفاق بين 23 نوفمبر 1915 و 3 يناير 1916، وهو التاريخ الذي وقع فيه الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس على وثائق مذكرات تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. وصادقت حكومات تلك البلدان على الاتفاقية في 9 و 16 مايو 1916.
قسمت الاتفاقية فعلياً الولايات العربية العثمانية خارج شبه الجزيرة العربية إلى مناطق تسيطر عليها بريطانيا وفرنسا أو تحت نفوذها. فخصصت الاتفاقية لبريطانيا ماهو اليوم جنوب إسرائيل وفلسطين والأردن وجنوب العراق ومنطقة صغيرة إضافية تشمل موانئ حيفا وعكا للسماح بالوصول إلى البحر الأبيض المتوسط. أما فرنسا فتسيطر على جنوب شرق تركيا وشمال العراق وسوريا ولبنان. ونتيجة اتفاق سازونوف-باليولوج المشمول فإن روسيا ستحصل على أرمينيا الغربية بالإضافة إلى القسطنطينية والمضائق التركية الموعودة بالفعل بموجب اتفاقية القسطنطينية (1915). وافقت إيطاليا على هذا الاتفاق سنة 1917 عبر اتفاقية سانت جان دي مورين بحيث يكون لها جنوب الأناضول. أما منطقة فلسطين ذات الحدود الأصغر من فلسطين المنتدبة اللاحقة فإنها ستكون تحت "إدارة دولية".
استخدمت الاتفاقية مبدئيًا لتكون الأساس المباشر للتسوية الأنجلو-فرنسي المؤقتة 1918 والتي وافقت على إطار عمل لإدارة أراضي العدو المحتلة في بلاد الشام. وعلى نطاق أوسع كان من المفترض أن تؤدي بشكل غير مباشر إلى تقسيم الدولة العثمانية بعد هزيمتها سنة 1918. بعد فترة وجيزة من الحرب تنازل الفرنسيون عن فلسطين والموصل إلى البريطانيين. ووضعت بلاد الشام ومابين النهرين تحت الانتداب في مؤتمر سان ريمو في أبريل 1920 حسب إطار سايكس بيكو؛ استمر الانتداب البريطاني على فلسطين حتى 1948، واستعيض عن الانتداب البريطاني على العراق بمعاهدة مماثلة مع العراق المنتدب، واستمر الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان حتى سنة 1946. وتم تحديد الأجزاء الأناضولية حسب معاهدة سيفر بحلول أغسطس 1920؛ لكن هذه الطموحات أحبطتها حرب الاستقلال التركية 1919-1923.
ينظر الكثيرون إلى الاتفاقية على أنها نقطة تحول في العلاقات الغربية العربية. فقد ألغت المملكة المتحدة وعودها للعرب فيما يتعلق بوطن قومي عربي في منطقة سوريا الكبرى مقابل دعمهم لبريطانيا ضد الدولة العثمانية. وانكشفت بنود الاتفاقية بوصول البلاشفة إلى سدة الحكم في روسيا في 23 نوفمبر 1917 وتكررت في صحيفة الجارديان البريطانية في 26 نوفمبر 1917، بحيث "كان البريطانيون محرجين والعرب مستائين والأتراك مسرورين ". ولايزال إرث الاتفاقية يلقي بظلاله على النزاعات الحالية في المنطقة.
في اجتماع بإحدى عربات سكك الحديد في سان جان دي موريان في 17مارس1917، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بين رئيسي الوزراء البريطاني والفرنسي ديفيد لويد جورج وألكسندر ريبو وبين رئيس الوزراء الإيطالي باولو بوسيللي ووزير خارجيته سيدني سونينو لتسوية مصلحة إيطاليا في الدولة العثمانية - وتحديدا الفقرة 9 من معاهدة لندن. فالحلفاء بحاجة إلى هذا الاتفاق لتأمين موقع للقوات الإيطالية في الشرق الأوسط. والهدف من ذلك هو موازنة انخفاض القوة العسكرية في مسرح الشرق الأوسط في الحرب العظمى بسبب انسحاب القوات الروسية (القيصرية) من حملة القوقاز، بالرغم من استبدالها بماسمي قوات جمهورية الأرمن الديمقراطية. كان من الواضح للإيطاليين أن المنطقة المخصصة لهم قد لاتتخلى عنها الإمبراطورية التركية بسهولة، بحيث اقترح رئيس الوزراء البريطاني صيغة غامضة للتكيف بعد الحرب بحيث لا يكون هناك توازن للمخصصات الفعلية بعد الحرب.
تمت صياغة الاتفاقية والتفاوض بشأنها بين دبلوماسيي تلك الدول خلال الأشهر التالية، ووقعها الحلفاء في الفترة بين 18 أغسطس-26 سبتمبر 1917. لم تكن روسيا ممثلة في هذا الاتفاق لأن النظام القيصري كان في خضم ثورة. وقد استغل البريطانيون عدم موافقة روسيا على اتفاقية سان جان دي موريان في مؤتمر باريس للسلام 1919 لإبطالها، وهو موقف أثار الغضب الشديد للحكومة الإيطالية.!!