محمد عنيم
الله أبدا لا يغلق الأبواب في وجه العباد، هؤلاء الذين جعلوا أنفسهم متحدثين باسم الله ويدعون أن الله أرسل كورونا ليغلق المسجد الحرام والمسجد النبوي في وجوهنا بسبب بعدنا عنه.. أقل ما يمكن وصفهم به أنهم لم يقرأوا يوما في دينهم فالله في كل آياته يدعو المسرفين في ذنوبهم إلى التوبة وأن أبوابه مفتوحة حتى يوم الساعة، وأن رحمته وسعت كل شىء، كما أن الفيروس لم يصب بلاد المسلمين فقط، أفيقوا من سباتكم وغيبوبتكم والتحقوا بركب العالم، لا بد أن نصارح أنفسنا الآن لقد وصل عالمنا العربي لمرحلة المشاهد "العبيط" فقط نشاهد وحتى لا نفهم ما نشاهده..
في وقت الرخاء نحيا بلا مبالاة ونصبح أساتذة في علوم الفتي والتنظير، وما دام الكل يتحدث ولا أحد يسمع إلا أن تأتي المصيبة للجميع وكالعادة نبدأها بتأخر معتاد في الإدراك ثم نبدأ في اتهامات سخيفة فيما بيننا بأن الشعب الفلاني لا يعرف عن النظافة شىء وسيتسبب في مصيبة ولا بد من طردهم من بلادنا، ثم تشتد المصيبة وندرك أن أكثر شعوب العالم تقدما تسقط فتبدأ عقولنا العربية في الشوشرة والتوقف عن ابتداع حجج وتدرك أن الكارثة لن تنفع معها علوم الفتي التي تعودنا عليها ليبدأ العالم في مشهد يبدو الأقرب لمشاهد الخيال العلمي حول نهاية العالم روما التي كانت تعج بالحياة مدينة للأشباح والموت وشوارعها أقرب للمقابر.. باريس عاصمة النور والحرية أصبحت ميادينها أقرب لصور تم التقاطها من كوكب تحطمت فيه الحياة لفيلم من أفلام هوليود الخيالية..
كل تلك المشاهد لم تؤثر في مشاعرنا المتبلدة ولم نعي أصلا لماذا يُخلى العالم مشاعر الحياة من شوارعه ليحفظها مؤقتا داخل منازله خيرا من أن يفقدها للأبد.. كل مشاعر عدم الإدراك لأغلبيتنا في العالم العربي لحجم الكارثة لم يكن غريبا وحتى مظاهر العودة الشكلية إلى الله كانت متوقعة رغم أنه من أمرنا بالعلم والعمل، إلا أننا حولنا قدسية الله إلى حجة التواكل وتفسير العجز واليأس بل وفي أزمة كورونا حولنا فشلنا وعجزنا على فهم ما يجري إلى التقول على الله كذبا بأن الله أغلق أبواب الحرم والمسجد النبوي في وجوهنا لأننا عصيناه وبعدنا عن طاعته ورغم أنه سبحانه وتعالى لم يترك لنا بابا للتقول على رحمته وفتح أبواب رحمته وأبواب التوبة في كل سور القرآن الكريم والأحاديث الشريفة.