في مثل هذا اليوم 21 مارس 630م..
سامح جميل
هرقل، واسمه الكامل فلافيوس أغسطس هرقل (575 - 11 فبراير 641)، هو إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية، بدأ صعوده إلى السلطة عام 608، قاد ثورة ناجحة ضد الإمبراطور فوقاس، الذي تسلّم السلطة بعد خلع الإمبراطور موريس، ودون شعبية تذكر في ظل القلاقل التي عانت منها الإمبراطورية. كان والد هرقل، وهو هرقل الأكبر، قائدًا عسكريًا ناجحًا شارك في حروب الإمبراطور موريس، وعينه المذكور في أعقاب الحرب نائبًا إمبراطوريًا على شمال أفريقيا ومقر حكمه في قرطاج حيث قضى هرقل الشطر الأول من حياته، وبكل الأحوال تشير المصادر التاريخية المتوافرة لكون هرقل من أصول أرمنية في كبادوكية؛ أيضًا يعتبر هرقل مؤسس السلالة الهراقلية التي استمرت بحكم الإمبراطورية البيزنطية حتى عام 711.
شهد عهد هرقل العديد من الحملات العسكرية، ففي العام الذي توّج به هرقل، كان جيش الإمبراطورية الساسانية قد بلغ قلب الإمبراطورية البيزنطية في الأناضول، ولذلك كان هرقل المسؤول الأول عن إصلاح سياسة الدولة، وتعبئة الجيش، ومن ثم محاربة الفرس الساسانيين؛ انتهت الجولة الأولى من المعارك بهزيمة الدولة البيزنطية، واقترب الجيش الفارسي من مضيق البوسفور، ولأن القسطنطينية كانت محمية بشكل جيد، بحيث لا يمكن اختراقها بسهولة من قبل المحاصرين، استطاع هرقل تجنب الهزيمة الكاملة. بعد أن عقد هرقل سلامًا مع الفرس مقابل ضريبة سنوية كبيرة، بدأت إصلاحاته العسكرية والمدنيّة، التي أطلق هرقل في أعقابها حملته العسكرية المضادة في آسيا الصغرى وأرمينيا، متوغلاً في أراضي الدولة الساسانية، ومحرزًا نصرًا نهائيًا عليها في معركة نينوى عام 627، والتي مهدت لعقد السلام عام 629 بعد أن أطيح بالملك الفارسي كسرى الثاني، ونصّت المعاهدة السلام لعام 629 على العودة إلى حدود ما قبل الحرب عام 602. بكل الأحوال، فقد واجه هرقل الهزيمة بعد فترة قصيرة من انتصاره على الفرس، هذه المرة من قبل الخلافة الراشدة التي تمكنت من الإطاحة بالحكم البيزنطي عن سوريا، ومصر، وليبيا، ومناطق أخرى.
في المسائل الدينية، يذكر هرقل كقوة دافعة لنشر المسيحية في البلقان، وبناءً على طلبه أرسل البابا يوحنا الرابع معلمين ومبشرين مسيحيين إلى مقدونيا وكرواتيا، كما حاول إصلاح الصراع الحاصل في المجتمع والكنيسة حول مجمع خلقيدونية عن طريق اقتراحه الصيغة المونوثيلية، إلا أنه فشل في ذلك..
ل فترة حكم هرقل، اعترف المؤرخون له بالعديد من الإنجازات على صعيد إنقاذ الإمبراطورية من حالة الفوضى والترهل التي كانت تمرّ بها من ناحية؛ وانتصاره على الفرس ودحره كسرى الثاني عن حدود العاصمة واستعادة أملاكه في الشرق من ناحية ثانية، وإقرار إصلاحات في البنية المالية والإدارية للدولة، مؤسسًا بذلك السلالة الهراقلية التي استمرت في حكم الإمبراطورية حتى عهد جستنيان الثاني عام 711. أحد أهم إنجازات هرقل كان الاعتراف باللغة اليونانية كلغة رسمية للإمبراطورية البيزنطية عام 620 بدلاً عن اللغة اللاتينية؛ وتبادله بعثات دبلوماسية مع شعوب الصرب والكروات، وتحوّل سكان مقدونيا إلى المسيحية بشكل كامل حوالي عام 626 بعد أن طلبوا من هرقل إيفاد رجال كنسييين لنشر الديانة وتعميدهم، وهو ما تمّ بعد أن نسّق هرقل مع البابا يوحنا الرابع في إرسال مبشرين لمناطق السلاف والكروات والمقدونيين. إلى جانب الإصلاحات الزراعية وتمليك الفلاحين للأراضي البور إن قاموا باستصلاحاتها، كذلك فقد أنشأ هرقل جهازًا حكوميًا موحدًا لصك وضبط العملة، ويعو د له وضع التقسيمات الإدارية الجديدة للإمبراطورية البيزنطية والمعروفة باسم الثيمة، وإن كان بعض المؤرخين الحديثين أعادوا نظام الثيمات لعهد خلفه كونستانس الثاني؛ وإن فشل في حل الخلاف الديني حول مجمع خلقيدونية عن طريق المونوثيلية، فقد نجح بإعادة الصليب الحقيقي، أحد أهم المقدسات المسيحية إلى القدس.
بعد انتصاره على الفرس، اتخذ هرقل لنفسه لقب "ملك الملوك" وهو اللقب التقليدي لملوك فارس؛ وبدءًا من عام 629، أضاف لألقابه لقب باسيليوس الكلمة اليونانية التي تفيد معنى السيادة والاستقلال، واستمرّ استخدام هذا اللقب من قبل الأباطرة الرومان خلال القرون الثمانية التالية؛ يرى البعض المؤرخين أن اختيار اللقب جاء من قبل هرقل تخليدًا لانتصاراته كما فعل سلفه أغسطس قيصر، البعض الآخر يعزو اللقب إلى أصوله الأرمنية.
صليب الصلبوت الصليب الحقيقي هو اسم للبقايا المادية التي يعتقد أن يكون من الصليب الذي صلب فيه يسوع وكان عليه. وفقاً لرواية المجامع المسكونية السبعة ومؤرخ الكنيسة اليوناني المسيحي سقراط (ليس سقراط الحكيم المعروف)، بأن هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين الأول أول إمبراطور لروما يعتنق المسيحية، سافرت إلى الأراضي المقدسة عام 326-28, لتأسيس الكنائس وإنشاء وكالات الإغاثة للفقراء. حيث زعم المؤرخون جلاسيوس قيصرية وروفينوس أنه تم اكتشاف مكان تواجد ثلاثة صلبان يعتقد أنها استخدمت في صلب المسيح واثنين من اللصوص، هم سانت ديسماس وجيستاس، أعدموا معه.
العديد من الكنائس تقول أنها تمتلك بقايا مجتزأة يعتقد أنها من الصليب الحقيقي. لم يتم قبول صحتها عالميًا من قبل أولئك الذين يعتنقون الدين المسيحي بل والتقارير الدقيقة المحيطة تشكك في اكتشاف الصليب الحقيقي من قبل بعض المسيحيين.!!