د. الفت علام
ياترى كيف يؤثر العزل الذاتى على جهازنا النفسى؟
الوقت بدأ يطول والموضوع بدأ يدخل في الجد، وبدأ يظهر اعراض جانبية لموضوع العزل الذاتى.
 
لكن ممكن نحاول نقسم الناس اللى بيظهر عليها الأعراض دى إلى ثلاث أنواع رئيسية قد تتفرع الى أنواع فرعية اصغر.
 
النوع الأول:
• ناس قلقانة لدرجة إن حياتها وقفت تماما ،ومش قادرة تعمل حاجة غير إنها تشترى أدوات نظافة، وتقوم بتنظيف البيت وغسل ايديها والتفكير في المستقبل بسوداوية( الشغل سوف يقف ومش حلاقى أكل، ولو المرض جالى مش حعرف اتعالج ومفيش حد يهتم بى، وأكيد حموت) ،وأغلب الوقت يتابع الإخبار واعداد الموتى في كل مكان ،وكأن هذه المشكلة مر عليها فترة طويلة
.
النوع التانى:
وهو الذى يستطيع ان يتابع عمله اليومى بشكل معقول، ويلتزم بالتعليمات العامة، وأحيانا ينجرف الى الاندماج في الحياة بشكل طبيعى كأن لايوجد مشكلة، ولكن سرعان ما ينتبه إلى نفسه ويصحصح، ويرجع الى تطبيق التعليمات مرة أخرى.
 
النوع التالت:
النائم فى العسل، والذى يستخدم مفردات مثل( كله قسمه ونصيب، لكل أجل كتاب) وده الذى يتعامل مع نفسه بحزمة من الحيل الدفاعية لكى يتجنب الإحساس بالقلق أو مواجهة المخاوف الذى تخترق مشاعره وافكاره، فيغلفها بالإنكار أو التجنب وأحيانا حتى الإستعلاء على هذه المشاعر بالتهوين والإستخفاف منها.
 
ثم ماذا ؟
أولا: مفيش حد كويس وحد وحش فى الثلاث أنواع دول،إحنا ممكن نمر بالتلات مراحل فى اليوم الواحد، وأحيانا نمر بهم في الموقف الواحد. ومن حقنا نعمل كده، بس الفرق المهم هو إننا نعمل كده وإحنا على درجة جيدة من الوعى بنفسنا، يعنى ممكن نستخدم حيل دفاعية علشان نستحمل مواقف صعبة علينا، لكن نبقي مدركينها وعارفين إنها على قد الموقف ومؤقتة .اى ان السياق يسمح لنا بالتجاوب مع مايناسبه، ولا نقف عند نوع واحد فقط.
 
ثانيا: نمط وتركيب الشخصية عامل مهم جدا للتعامل مع مثل هذه المواقف والأزمات، فالشخصية الهشة أو المرتبكة مثلا والتى لاتمتك مهارات حياتية، تعينها على التعامل مع الضغوط ،قد تظهر عليها أعراض جسمانية، مثل الصداع النصفي،أو الأرق أو الطفح الجلدى أو..... ( وتسمى الأعراض النفس جسدية) كبديل لمشاعر الخوف والقلق ، أو الشخصية التى بها بعض من السمات الوسواسية أو الإكتابية، يظهر عندها القلق والخوف الزائد والتمحور حول المشكلة، قد تعطل حياتهاوتوقفها إلى حد كبير. او الشخصية البارانوية والتى تواجه الضغوط والقلق بنظرية المؤامرة، . وغيره من أنماط الشخصية المختلفة.(كلا يتجاوب حسب إمكانياته ومفاهيمه)..
ولكن لابد من التأكيد أن ليس هناك صح أو خطأ، وليس هناك حلو ووحش.
 
ثالثا: البيئة التى يعيش فيها الفرد لها دور مهم ، فعندما يشعر الفرد بالوحدة وعدم الإحساس بالأمان أو الدعم من الدولة و المجتمع ، ويفتقر إلى المعلومات الصحيحة والشفافية في التعامل، فيزيد لديه الإحساس بالخوف والقلق، ويتأكد لذهنه إنه فى مواجهة هذه المشكلة بكل تباعيتها بمفرده تماما، وينغمر في البحث عن حلول ذاتية وسريعة ،وهذا يزيد من الطين بله.
 
للأسف يفتقد الفرد في مجتمعاتنا إلى الثقة فى مصادر المسؤولية، ولذلك نجده كثيرا غير ملتزم بالتعليمات الصادرة منها والاعتماد على مصادره الخاصة .
لكن نعمل إيه؟
الحفاظ على السلامة والحماية النفسية أهم شىء فى مثل هذه الأوقات، وذلك يتحقق من خلال ثلاث اضلاع للمثلث:
 
1- العلاقات الإجتماعية:نحافظ على التواصل مع الأصدقاء والأقارب والزملاء، وعدم الإنفراد بمخاوفنا وقلقنا ، بل يجب علينا مشاركة هذه المشاعر والأفكار مع أشخاص نثق فيهم، وندعوهم إلى ذلك أيضا.
 
احيانا تقديم المساعدة للأخرين في وقت التعب النفسي يساعد على التعافى وطمأنت النفس .
 
وإذا أحتاج الأمر الذهاب إلى متخصص، نذهب فورا.
 
2- الروحانيات: الإهتمام بممارسة الهوايات والإهتمامات( حسب المتاح ) أو اللجوء إلى خلق فرص جديدة، مثل التعامل مع الإنترنت كبديل مؤقت لممارسة الرياضة أو اليوجا وغيره .
 
أكتب جرد يومى لمشاعرك وافكارك ،واتفرج على طريقة تفكيرك وأعرف محتاج تتعلم إيه جديد علشان تحمى نفسك ،واحتفظ باللى كتبته وأقرأه فيما بعد، وأفهم نفسك اكتر .
 
سماع الموسيقى ،أو الصلاة، او تقديم المساعدة للأخرين..محاولةالاحتفال بالمناسبات الإجتماعية دون التعرض للمخاطر.( وده شفناه مع الإيطاليين بيحتفلوا بأعياد الميلاد من البلكونات ) أحيانا أوقات الضغوط تجعلنا أكثر إبداعا.
 
3- البيولوجي: الإهتمام بالنظافة الشخصية،والذهاب إلى الطبيب عند الحاجة ، ووضع حدود مع الآخر وتوكيد للذات والحفاظ على خصوصيتك ( لاتقوم بالسلام باليد لإرضاء الآخرين أو خوفا من الحكم عليك، بإنك خواف أو ضعيف ، أو تجعل أحد يفرض عليك قواعده ونظامه، لا تجيب على أسئلة لا تريد أن تجيب عليها، تعلم أن تقول لا )
.
ممكن نعمل لنفسنا لستة مهام يومية، والحاجة اللى عايز أعملها وممكن تكون خطر عليا أأجلها للغد، علشان مادخلش فى صراع إنى محروم من ممارسة حياتى الطبيعية، (واقول لنفسي النهاردة بس مش أعمل ده لكن بكرة اقوم به)، ويمكن بكرة الفكرة ماتبقاش بنفس الإلحاح.
 
فى النهاية، أحيانا كثيرة الأوقات الصعبة الضاغطة تورطنا
 
على العمل بالوعى بالذات أكثر وأكثر وبالتالي نستطيع إدارة والتحكم في مشاعرنا وأفكارنا بشكل أفضل، وإعطاء فرصة لأنفسنا لإكتشاف إمكانيات شخصية لم نكن نحلم إننا نمتلكها.