إرهابيو المهرجانات

يفتعلون التوعية، وهم يتهكمون على ما تقوم به الدولة بل يتجاهلونه، ربما يعبثون بأمننا القومي، لا يفهمون، لا أظن، بل هم مدركين تماماً ما هو حجم تأثيرهم على المحيطين بهم من طبقات تسمعهم، وفئات تتابع فنهم، كلنا تابعنا أنه حتى رجل الأعمال نجيب ساويرس قال وقت أن اتجهنا للعزل الذاتي في بيوتنا أنه لا وسيلة للقضاء على الملل إلا سماع أغاني المهرجانات، قل كانت خطوة من الأخير التي اقترحها للقضاء على الملل، أما هم متى قرروا أن يساندوا بلدهم؟ فقرروا أن يبثوا فيديو دعائي سلبي ينفذون فيه قل ما نطالب عدم فعله من الحضن والبوس والسلامات باليد، واستخدام أدوات الغير، لا أعرف إن كانوا يسخرون من أن الشعب يفعل هكذا، فظهروا في الفيديو الذي رفعوه على وسائل التواصل الاجتماعي يحضون على هذا بالكلام ويفعلونه بالفعل أمام الناس، وهم يلتقون ببعضهم البعض أمام الكاميرا، هل يرصدون دون أن يقصدوا بالطبع كم التباين والتناقض الحاد في ما بين أقوالنا وأفعالنا، أم أنها الحقيقة، تلك التي قدموها أنهم غير واعين بخطورة المرض، هل حاولوا للترويج لدعوتهم التي قالوها فعلاً بطريقة ساخرة؟ فخرجت منهم هكذا بائسة وهزلية ومؤسفة، لا أظن، أحاول تلمس طريق يخرجون من تلك الورطة السيئة التي اسقطوا أنفسهم بها، إلا أنه وإن خرجوا منها وبرروا ما فعلوه من تفاهة وفشل لا يمكننا أن ننكر أمرين، أنهم رصدوا حقاً التناقض السالف الذكر بين الأقوال والأفعال من الكثير منا، كما أن الأمر الثاني هو أنهم كانوا سيئين الأداء سواء كان أداءهم ساخر لغرض تثبيت الرفض للأفعال التي نقترفها أو كان ساخر من الدعاية التي تدعوها الحكومة والجهود التي تجتهد بها الحكومة لمكافحة الفايروس. 

مطربي المهرجانات ومن معهم سقطوا بهذا الفيديو من عيون الكثيرين، كنت ومعي كثيرين يعرفون أنهم محدودي الثقافة، لكن ما كنت أتوقع أنهم معدومي الضمير، قليلي الحث الوطني بلا أدنى فكرة عن خطورة الموقف وضرورة تكاتف الجهود، كما أنه أضحى بلا شك  أنهم يفتقرون لفهم فن الدعاية هذا، إذا افترضنا حسن النية فيما فعلوا، وإن كان الدارس للفيديو يتأكد أن حسن النية بعيد كل البعد عما فعلوه، وإن سلمنا بسوء نيتهم فهم إرهابيو المهرجانات، إذ هم أساءوا استخدام شعبيتهم بين الناس فروجوا لضررهم وأزاهم وعكس ما تدعوا به كل الحكومات في كل العالم بما فيه حكوماتنا، فإن كانوا يفقدون الثقة بحكومتنا، عليهم أن يثقوا في باقي حكومات العالم، وأن يتعظوا مما يحدث في إيطاليا مثلاً، أما وإن افترضنا أنهم لا يعرفون مدى شعبيتهم وتأثيرهم فهذا أمر جد خطير، يعكس مدى سطحيتهم وعدم إدراكهم لما حققوه من نجاح، يؤسفني أن أقول أنه كبير، ولم يحسنوا استغلاله لمصلحة البلد، فبات ما نعتبره نجاحاً شهادة فشل كبرى لما قدموه من فن وتأثير وشعبية ويجب محاسبتهم وبشدة لأنهم كمن لبس حزام ناسف وفجر نفسه وسط جموع الشعب، فليس التفجير شرط أن يكون التدمير بالتي إن تي ولكن قد يكون بالتفكير وهذا ضرره أشد فتكاً.

 

المختصر المفيد خليك في بيتك، واقلع عن عادات سيئة اعتدتها.