هاني لبيب
لم تقف الحكومة أمام الأحداث المتسارعة المتعلقة بوباء كورونا، على مستوى العالم، مكتوفة الأيدى، وسرعان ما اتخذت قرارات متتالية، بشكل مدروس، بداية من غلق المحال التجارية الساعة ٧ مساء، ومنع تدخين الشيشة، مرورا بتخفيض كثافة الموظفين في جميع المؤسسات الحكومية، وصولا إلى حظر التجول الجزئى، وكذلك تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات.
ورغم أن ما سبق قد يكون هدفه إشاعة مناخ من الرهبة والخوف للحد من التجمعات، لكن ما تم اتخاذه من قرارات استباقية، ارتكزت على مراقبة ما يجرى في دول العالم بدأب وصبر، أعاد بث الأمل في قدرة المجتمع على تجاوز أزمة الوباء في حالة الالتزام بالضوابط الحكومية.
قرارات الحكومة التدريجية مهدت الطريق أمام الشارع المصرى لتصديق حقيقة خطر الوباء العالمى، وفى الوقت نفسه كانت الحكومة قد اتخذت تدابير لتوفير السلع والمواد الغذائية للحفاظ على حياة المواطنين وحقوقهم، بعيدا عن استغلال بعض التجار مناخ الأزمة، للتكسب بشكل غير شريف. بالإضافة إلى سرعة توفير مواد التطهير والتعقيم، ولولا المصانع التي تم إنشاؤها، أو تطويرها، لما تم توفيرها على مستوى الجمهورية الآن.
في تقديرى، أنه بعد انتهاء أزمة وباء كورونا وما ستخلفه من آثار سلبية على المستوى الإنسانى أو الاقتصادى، سيتم إعادة إنتاج نظام عالمى جديد، لا أفترض فيه أنه سيكون أكثر إنسانية بقدر ما سيتم صياغة جديدة لطبيعة منظومة العمل، كما سيتم تغيير نظرة الدول لأولوياتها وأسلوب تقديم خدماتها، وتغيير النظرة التقليدية لشكل الأسرة، وعلاقة المواطن بالدولة. وهو ما يعنى ببساطة تغير ملامح العالم بعد كورونا عما قبله تماما.
وقف الجميع أمام كورونا عاجزين عن التصرف، إذ لم تستطع العديد من حكومات العالم وقف انتشار الوباء، كما لم تستطع وزارات الصحة بأطبائها وعلمائها الحفاظ على حياة آلاف، واضطرت المؤسسات الدينية للدعاء، من أجل سرعة توصل العلماء لمصل ينهى هذا الكابوس. ووصل الحال بنا إلى فئة تسابق الزمن للوصول للدواء، وفئة أخرى يقتصر وجودها على الدعاء، اقتناعا منهم أن وباء كورونا هو غضب إلهى، متناسين أن الأديان أساسها المحبة والرحمة والغفران، ولو كان الأمر كما يعتبرون، يصبح السؤال المنطقى هو لماذا لم يتم إرسال الوباء لداعش أو لبوكو حرام؟!.
لقد استغلت جماعة الإخوان الإرهابية بدورها دعوات البعض في الإسكندرية، للدعاء لله من شرفات منازلهم، وتحدى قرارات الدولة بتنظيم تجمعات في الشارع، لدرجة جعلت أشخاصا يكتبون بوستات ساذجة يتهمون فيها الدولة بمعاداة كل مظاهر الإسلام بحجة تنقيح الدين، في خلط واضح ومتعمد بين ضوابط الإسلام الوسطى المصرى، وبين فاشية جماعة الإخوان الإرهابية وانتهازيتهم البعيدة كل البعد عن صحيح الدين.
نقطة ومن أول السطر..
ربنا لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا وبنا.. فسيظل العلم والثقافة هما صمام الأمن الأساسى للحضارة الإنسانية.
نقلا عن المصرى اليوم