الأقباط متحدون | الهوية المصرية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٢٥ | الاربعاء ٢٨ مارس ٢٠١٢ | ١٩برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧١٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الهوية المصرية

الاربعاء ٢٨ مارس ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم- أنـطوني ولــســن


مقدمة: كتبت هذا المقال بتاريخ 24 مارس هذا العام 2012، لكن فكرت في كتابة مقال عن قداسة البابا "شنودة الثالث" لا أكون فيه طرفًا كما فعلت مع المقالين اللذين كتبتهما بعنوان "لحظات مع قداسة البابا شنودة الثالث.."، وبالفعل كتبت المقال الذي تم نشره بعنوان "قداسة البابا شنودة الثالث".

وأمس الثلاثاء 27 من مارس 2012، وأنا أشاهد برنامج "القاهرة اليوم" حسب التوقيت المحلي لمدينة سيدني/ أستراليا، كان "عمرو أديب" في قمة غضبه لما يحدث لـ"مصر" والمصريين. وسط غضبه عندما تطرق إلى هوية "مصر" قال إن مصر هي مصر ولا يجب أن نقول عنها الإسلامية.. قد تكون الكلمات ليست بالحرف، لكنها تحمل المعنى، وما يؤكِّد ذلك كلمته التي أسرعت بكتابتها "لا دين للدولة".

لقد علَّقت في التسعينات عن مقولة للراحل الأستاذ "مكرم عبيد" عندما قال إنه مسلم وطنًا مسيحي دينًا، وأتذكَّر أنني كتبت: كان عليه أن يقول أنا مصري وطنًا مسيحي دينًا. وعلى الرغم من الاعتراضات لكني متمسك بذلك.

أنهي هذه المقدمة بكلمة أشد فيها على يد الأستاذ "عمرو أديب" قائلاً له: "صدقت يا عمرو أديب".

المقال:
ما هي الهوية؟.. هل هي صفة نصف بها الناس؟.. أم هي رمز الانتماء؟
تدور هذه الأسئلة أو الاستفسارات في رأسي محاولاً أن أجد مخرجًا مقنعًا لكل ما يدور حول هوية المصريين ومصر البلد التي ينتمون لها.

إذا سألني أحد- على الرغم من وجودي في أستراليا- عن جنسيتي التي توضح من أنا، وبحكم حصولي على الجنسية الأسترالية، أجد نفسي مجاوبًا بكل صراحة "أنا مصري أسترالي"، هذا إذا كان السائل من جهة رسمية، أما إذا سألني مهاجر مثلي من أي بلد آخر، عندئذٍ ستكون إجابتي "مصري". لا أستطيع أن أضحك على الناس وأقول لهم "أسترالي"؛ لأن شكلي ولهجتي في الكلام مهما كانت قدرتي على التحدث باللغة الإنجليزية لا شائبة تشوبها، بل في حالتي الشخصية اسم "ولسن" إن كان كإسم العائلة أو اسمي الشخصي لا يمكن أن يقنع الآخر بأنني أسترالي بالمولد. ويحدث هذا مع كل مهاجر خارج وطنه تجده يفتخر بانتمائه لوطنه الأصلي، ويعتز بنطق اسم بلده باعتزاز، وأصبح أمام سائله معروفًا بوطنه "مصريٌ أو لبنانيٌ أو سعوديٌ أو هنديٌ أو برازيليٌ أو... إلخ".

وإذا سافرت إلى بلد آخر غير أستراليا بجواز سفر أسترالي، لن يجرؤ إنسان أن يقول لي أنني غير أسترالي، أو حتى يتشكك في جنسيتي الأسترالية.

ولو احتجت إلى مترجم ليترجم لي باللغة العربية كل ما أحتاج لفهمه من أسئلة مثلاً يُستجاب طلبي. وإذا سألني إنسان ما في أي مكان في "مصر" أو "أستراليا" أو في "الهند" ما هي ديانتك؟ ستكون إجابتي دون تردد: "مسيحي، أو مسلم، أو لا ديني.. إلخ". وهنا يعرف السائل ديانتي التي أعبد الله عن طريقها مهما كان اسم البلد الذي ولدت على أرضه ونشأت وترعرت في ربوعه. وبهذا أصبح واضحًا.. على سبيل المثال، إنني مصري الجنسية مسيحي الديانة، أو مصري الجنسية مسلم الديانة، أو صيني الجنسية بوذي العبادة.. إلخ.

في بلاد الغرب لا يسألون عن الديانة إلا في حالة المعرفة لتقديم ما تؤمن أنه حلال من مأكل أو مشرب أو ما شابه ذلك، بمعنى العمل على راحتك. وهذا عكس البلاد الشرقية الإسلامية العربية والإسلامية غير العربية السؤال عن الديانة يعتبرونه سؤالاً عن هويتك وليس عن إيمانك الشخصي الذي لا دخل لأحد فيه، لكن مع الأسف الذي يحدث هو معاملتك على حسب دينك، وأكثر من هذا على حسب المذهب الذي تتبعه. وهنا الفارق في التعريف بالهوية.. هل هي صفة نصف بها الناس؟ أم هي رمز الانتماء؟ والانتماء إلى منْ!! هل للوطن، أم للدين؟!.

نأتي هنا لسؤالي الأول.. ما هي الهوية؟
والإجابة نجدها 1- التأكد من شخصيتي إذا طلب مني مسؤول إثبات هويتي بتقديم بطاقتي الشخصية التي بها صورتي واسمي ومحل عملي وسكني. 2- وتثبت أيضًا هويتي الوطنية أي الوطن الذي أنا منه إذا كان السائل في وطن غير الوطن الذي أنتمي إليه. 3- خارج الدول العربية لا مكان للديانة في البطاقات الشخصية أو جوازات السفر؛ لأن ديانتك تخصك أنت ولا أحد غيرك، المهم أن تكون أنت صاحب البطاقة أو جواز السفر، فهما أو أحدهما الدليل الذي لا يقبل الشك على هويتك، من تكون؟ ومن أي وطن أنت؟.

هذه هي الهوية.. تبدأ بشهادة ميلادي، وبعدها بطاقتي الشخصية، ثم جواز سفري لإثبات هويتي.

نأتي إلى السؤال الثاني.. هل هي صفة نصف بها الناس؟
الإجابة تنقسم إلى شقين:
1- إذا تواجد الإنسان بين آخرين من غير بلده في مؤتمر من المؤتمرات نجد أمام كل عضو اسم بلده ليُعرف به، فنعرف مثلاً أن هذا هندي، أو مصري.. إلخ.
2- إذا تواجدت مجموعة من أبناء بلد واحد ولكنهم من الصعيد مثلاً أو من بحري وأشار أحدهم متسائلاً عن هويته فيقول له "دا صعيدي" أو "دا فلاح"، وهنا أخذ الشخص صفة المنطقة التي ينتمي إليها في وطن واحد يجمع الجميع.

أما عن السؤال الثالث.. أم هي رمز الانتماء؟
سنجد أن الهوية الوطنية هي رمز الانتماء للوطن الذي وُلد على أرضه وأصبح يحمل الهوية الوطنية لبلده، فهو مصريٌ، أو سودانيٌ، أو لبنانيٌ.. إلخ.

وهنا نأتي إلى الجدل الدائر الآن في "مصر" حول هوية "مصر" وأتعجب!!
"مصر" منذ أن وحدها الملك "مينا" وهي تُعرف باسم المملكة المصرية بعد أن كانت قبل ذلك مملكة الجنوب ومملكة الشمال.. حكمها ملوك عرفوا بالفراعنة وتعددت دياناتها لكنها احتفظت بهويتها المصرية.. تعدد الغزاة الذين حكموها لكنها احتفظت بهويتها المصرية على الرغم من اختلاف ديانات الغزاة من هكسوس وفُرس وإغريق ورومان وما عرف بعد انقسام الأمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقي عرف باسم الإمبراطورية البيزنطية ومصر كانت تتبعها والإمبراطورية الرومانية في الغرب- لكنها احتفظت بهويتها المصرية حتى بعد أن اعتنقت كل من "مصر" و"بيزنطة" الديانة المسيحية أو ما أحب أن أسميه بالإيمان المسيحي.. دخل العرب المسلمون "مصر" بدين جديد اعتنقه من اعتنق وبقي على إيمانه المسيحي من بقي لكن "مصر" احتفظت بهويتها المصرية.. تقلَّب على حكم "مصر" عرب وغير عرب وإنجليز ولم يستطع أي من المحتلين المغتصبين تغير هوية "مصر".. حاول "عبد الناصر" تغيير اسمها طمعًا في زعامة العرب فأصبح اسمها "الجمهورية العربية المتحدة" ومع ذلك لم يجرؤ على إلغاء اسم "مصر" وهويتها المصرية، فأضاف إلى الاسم جملة "الأقليم المصري".

لم تتغير الهوية المصرية على الرغم من تغير الديانات مع تغير المستعمر، وظلت "مصر" منذ فجر التاريخ هي "مصر"، على الرغم من اعتناق بعض المصريين لديانات المستعمر سواء عن قهر أو عن إيمان.

زادت أعداد المصريين الذين اعتنقوا ديانات غير الديانات المصرية القديمة أو الإيمان المسيحي ومع ذلك لم تتأثر الهوية المصرية ولم تتغير ولم يحاول أي غازي أن يجعل من دينه هوية لمصر بحجة أنه الأغلبية أو أنه الحاكم.

ويأتينا الآن من يزايد على الهوية المصرية ويريد إضافة الإسلامية..
وأتسائل.. هل هناك من قال إن "مصر" غالبية سكانها غير مسلمين ؟؟!!

يطالب البعض بحذف خانة الديانة في أي هوية شخصية.. فيأتينا من يحاول إلغاء اسم "مصر" أو إضافة صفة أخرى عليها، ولم يحدث في أي كتاب سماوي أو غير سماوي أن ذكرت باسم غير اسم "مصر".. تغنى الشعراء باسمها فكتبوا الأناشيد وكلمات الحب باسم مصر "يا حبيبتي يا مصر"، و"مصر التي في خاطري وفي فمي.. أحبها من كل روحي  ودمي"..، و"مصر تتحدَّث عن نفسها".."أنا إن قدر الإله مماتي.. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي".. ويأتينا الآن من يثير غبار طمس الهوية المصرية بالإصرار على إضافة صفة "الإسلامية".

"مصر" وطن.. كيان قائم منذ فجر التاريخ.. كانت ونتمنى أن تظل مأوى لكل محتاج، وملجأ لكل مضطهد، وملاذ لكل مظلوم، تحترم الأديان والعقائد والملل.

الدولة إسلامية بحكم الأغلبية، لكن "مصر" متعددة الأديان والملل والمذاهب. إن كنتم تحبون "مصر" حافظوا على هويتها المصرية فقط لا غير، أما إذا كنتم تمهدون للخلافة واعتبار "مصر" مركزًا للخلافة، فأذكركم أن "مصر" في عهد الخلفاء سواء الراشدين أو من جاء بعدهم هي "مصر".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :