د. مينا ملاك عازر
توقفنا في المقال السابق، عند الاتحاد الأوروبي واحتماليات تقوضه أو انهياره من الداخل بعد فشله في صد فايروس كورونا، وكارثة تحيق بإيطاليا واسبانيا، وأن ثمة شكوك تكاد تكون مؤكدة، بأن جونسون كان على علم بشيء ما وقت أن قرر بإصرار واضح ضرورة الخروج من الاتحاد الأوربي قبل الواحد والثلاثين من يناير الماضي، المهم أننا الآن لا داعي لذكر شكوك سيكشفها الوقت لكننا بحاجة ماسة لرصد حقائق كشفتها كورونا، تؤكد أن كورونا حرب سياسية داخلية وخارجية.
وهنا يأتي الدور مرة أخرى للحرب الخارجية، فتأخر منظمة الصحة الأمريكية التي تهيمن على سوق الدواء العالمي بإصرار واضح في إعلانها أن البلاكونيل علاج مقبول وناجز في حالات كورونا،وان له بروتوكول، وأنه نجح في أبحاث سريرية أجرتها فرنسا وغيرها من الدول، وثمة دول مثل مصر مثلاً تتبع هذا البروتوكول -والحمد لله- نجح فيها، وبهذه المناسبة أود الإشارة بمزيد من الفخر بأن مصر تسجل -والحمد لله- لوقت كتابة تلك المقالات أعلى نسب شفاء من إصابات كورونا المسجلة بفضل استبسال وشطارة الطبيب المصري المهدورة حقوقه العلمية والمادية، وحقوق أخرى لا داعي الحديث عنها، وسبق الإشارة إليها، وضرورة المراجعة لها لعل وعسى يأخذ أصحاب الحقوق حقوقهم، فيرفع الله عنا البلاء بظلمنا الكثيرين من البشر.
نعود لمعركة منظمة الصحة الأمريكية والفرنسية حول إعلان مجموعة علاج الملاريا كعلاج مقبول وجيد في حالات كورونا ذلك الصراع الذي أجل الإعلان الفرنسي طويلاً عن أن البلاكونيل علاج ناجز وفعال في حالات الإصابة بكورونا، الأهم من هذا كله أنه واضح أن ثمة حرب سياسية طبية خفية ومعلنة في آن واحد، وسباق محموم ربما يلقي بظلاله الحرب التي بين الفرنسيين والأمريكان بخصوص العلاج، وهو ما يتعلق بإنتاج المصل، فربما تتأخر أمريكا لو لم تكن هي المنتج للمصل في الأعراف بالمصل المنتج من دولة غيرها، لعلها تحتكر صناعته وإن كان في هذا المجال الصراع العالمي بين الدول والسباق المحموم بين الدول المتقدمة لإنتاج المصل يصب في صالح الإنسانية، إلا إذا أسيء استخدامه وتم استغلاله بشكل قذر في حروب وضغوط على أنظمة عالمية.
آخر تلك الحروب السياسية الداخلية تحدث في إسرائيل، فقد استفاد بنيامين نتنياهو من كورونا وهرب من المساءلة وربما السجن على خلفيات اتهامات بالفساد موجهة له قد تؤدي لسجنه، ويبدو أنه سيستمر حتى كتابة هذه السطور في رئاسة الوزراء برغم فوزه الضئيل بالانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، والتي كادت أن تأتي في قبضة رئيس حزب أزرق وأبيض، بعد صفقة خفية لا يتأكد منها أحد للآن بأن يحصل زعيم حزب أزرق وأبيض على رئاسة الكنيست، وهو ما جرى فعلاً بدعم من حزب الليكود وأغلبية من حزبه، مقابل أن يشكل نتنياهو حكومة وحدة وطنية بداعي مواجهة كورونا، ما يبقيه بعيداً عن المساءلة والسجن على الأقل لعامين قادمين.
المختصر المفيد ما خفي كان أعظم، وشكرا لكورونا التي كشفت وغيرت من وجه العالم مستقبلاً، وربنا يستر.