الأقباط متحدون | الكنيسة المصرية الخالدة ....ومستقبلها
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٦:٠٨ | الأحد ١ ابريل ٢٠١٢ | ٢٣ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧١٧ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الكنيسة المصرية الخالدة ....ومستقبلها

الأحد ١ ابريل ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم : العرضحالجي المصري * د. ميشيل فهمي


لدينا نحن المسيحيين الأرثوذكس – كما لدي كافة الطوائف المسيحية الأخرى - اعتقادا راسخاً أن صاحب الكنيسة وراعيها هو الرب الإله  وحده ،  لأن الكنيسة في المطلق هي جسد الرب ،  وأن الأب البطريرك هو رئيس خدمة  الكهنوت بها وليس رئيس الكهنوت ...، هذه مقدمة كان لابد منها ، لأن الكنيسة المصرية الأرثوذكسية قد مرت بحقب وعصور مختلفة صعوداً وهبوطاً ،  منذ ما ينيف عن ألفي عام ، مكتسبة علي مدي تاريخها  الطويل هذا، خصائص معينة أدت بها إلي التفرد  والتميز عن بقية الكنائس المختلفة الأخرى التي تلتها في الترتيب الزمني والتاريخي ، حيث تعتبر الكنيسة المصرية من أقدم الكنائس فى العالم منذ ميلاد السيد المسيح ، هذا التفرد والتميز مر أيضاً بمراحل الصعود والهبوط  من ناحية التأثير علي مجتمعاتها ، والمجتمعات المحيطة بها ، بل والتأثير علي مستوي العالم كله .


    وقد دعاني لكتابة هذه الكلمات.. ، وحفزني الي الخوض بالكتابة في هذا الموضوع الذي هو موضوع الساعة والدقيقة والثانية   ، ما يثار حالياً في كافة الأوساط الكنسية ووسائل الإعلام المصرية والعربية والعالمية حول مستقبل الكنيسة المصرية فور انتقال قداسة البابا شنودة الي السماء بعد أن قام بأداء واجباته الكنسية والوطنية خير ما يكون الأداء .


ومن المُبَكِرّ جداً تناول فترة حبرية مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث تقييماً وتاريخاً  ،حيث  ما زالت الموجات العاطفيــــــــة  البشرية الحزينة تتوالي علي نفوس الرعية حتي الآن وحتي اللحظة عقب الانتقال بالجسد ، لكن الكنيسة التي هي جسد الرب ودمه أقوي وأسمي أن يُسْأل عن مستقبلها ، لأن استمرارها لا يعتمد ولا يقوم علي أفراد مهما بلغ مركزهم الديني ، حيث في التاريخ الكنسي عظة لنا اليوم ،فقد رأينا أن من خلف كاروز الديار المصرية.


 ( إسكافي) لكن قوي الإيمان، لأن مستقبل الكنيسة المصرية يقوم علي قوة الإيمان لشعبها وثبات العقيدة لرعيتها، وفترات الصعود والهبوط الظاهري للكنيسة الأرثوذكسية يعتمد علي هذان العاملان قوة الإيمان وثبات العقيدة بالإضافة إلي رئيس خدمة كهنوتها وقامته الروحيـــــــــة.
      فقد شهد النصف الثاني من القرن الأول للميــــلاد تأسيس الكنيسة المصرية القبطية  في عام 62  أو 64 ( لاختلاف التواريخ بالمراجع ) من الميلاد بمجىء الرسول ماري مرقس  إلي مصر ، مُبَشِراً أهلها بالمسيحية لِذا فقد أُطلق عليه لقـــــــب " البشير" ومؤسساً لكرسي الإسكندرية الرسولي والذي عُرِف باسم الكنيسة القبطية ،  ومن هنا كان القديس مرقس الرسول الانجيلي  والبشير وأحد تلاميذ يسوع الإثني عشر ، هو أول بطــــريرك للكنيسة المصرية الأرثوذكسية  .وكان لقبه أسقف كنيسة الأسكندرية ، تزامن ذلك مع حقبة من اضطهاد المسيحيين على يد الإمبراطورية الرومانية ردحًا طويلاً من الزمن ،  حتي طال الاضطهاد عام 68 القديس مرقس نفسه. طريقة موت القديس مرقس ، حسب  ما ذُكِر عن التقاليد القديمة للكنيسة القبطية والكنائس المصريّة بشكل عام ، كانت هي السحل في شوارع الإسكندرية وأزقتها ، فارتوت الإسكندرية بالمباركة من دم هذا الشهيد القديس . وبهذا يكون هذا البطريرك الرسول والقديس قد مارس واجباته التبشيرية والرعوية لأعوام بسيطة ونال إكليل الشهادة بعد أن أدخل مصر للمسيحية .


 وباستشهاده لم تحدث موجات من الجدل والنقاشات عن من  سيخلفه ولا عن مستقبل المسيحية في مصر بعد مار مرقس الرسول والذي ليس نظير بعده  ، بل  بكل سهولة ويسر تلاه في رئاسة أساقفة الكنيسة السكندرية والكرسي المرقسي إنيانوس ، ذلك الإسكافي الذي نال نعمة الكهنوت مبكراً علي يد القديس ماري مرقس نفسه بعد أن بشره مع أهل بيته فور عودته من ليبيا ، وكان ذلك كله بترتيب من الروح القدس ، وبقية القصة معروفة كنسياً ،ونال بذلك  لقب البطريرك رقم 2 ، لسبب بسيط هو  أنه : كانت الجماعات المسيحية الأولى مؤلفة بشكل رئيسي من البسطاء وطبقات الشعب الوسطى والفقيرة دون أن تضم علية القوم ومثقفيهم، رغم وجود أعداد كبيرة من  المنتقلين من الوثنية إلى المسيحية منذ الأيام التبشيرية الأولي ، لكن ظل المنتقلون من مثل هذه الطبقات الثرية والمثقفة  أقلية ، والأهم أن هذه الجماعات كانت قوية العقيدة بدون شخصنه لقياداتها حيث لم تكن تعرف هذه الشخصنات .


ولنتأمل عمل الرب في هذا المثل الذي يعني الكثير ، فانتقال ماري مرقس لا يُعَوَضْ ، فهو تلميذ لرب المجد يسوع وكاتب الإنجيل الثاني والكارز والبشير ثم الشهيد ،  فمن سيخلف كل هؤلاء المتجمعين في شخصه ، هنا وفي هذا الموقف  ظهر العمل الإلهي وعملت الروح القدس بترتيب سمائي حيث تم اختيـــــــار إســــكافي قديس ( لاحظ اختيار إسكافي أيضاً  لنقل جبل المقطم فيما بعد ) ليحل نحل ويخلف القامة المسيحية الكبرى التي لا مثيل لها في تاريخ الكنيسة تلك القامة  هي كل تلك الصفات المتجمعة في شخص ماري مرقس


          كان لابد من ضرورة ذكر هذا المثال التاريخي الثابت التأكيد للتدليل علي صحة ما جاء بمقدمة هذا المقال ، من حيث أن الكنيسة لها خالق يرعاها ويتعهدها لأنها جسده ، فبعد ما يقول البعض من أن هناك خوف علي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعد رحيل قداسة البابا شنودة الثالث ، أقول لهم لا خوف على الكنيسة المصرية الأرثوذكسية  ، التي أثبتت وطنيتها في مواقف أخطر من الموقف الذي تعبره  وتجتازه مصر الآن .
           ولا خوف على الكنيسة القبطية التي  كانت إحدى قلاع الوطنية المصرية في العصرين الروماني و البيزنطي ، و أثبتت وطنيتها خلال قرنين تقريباً من وجود الجيوش الأوروبية في المنطقة والتي كانت تسمي خطـأً بالجيوش الصليبية  . لا خوف على الكنيسة ولا علي مصر ، طالما وُجِدتْ وما زالت موجودة وستظل موجودة كنيسة مصرية ، رفضت حماية الإمبراطورية الروسية في وقت لم يكن أحد يتصور أن تلك الإمبراطورية ستسقط في مستقبل قريب ، و في وقت كانت فيه بعض الأقليات في منطقة الشرق الأوسط تتمتع بالحمايات الأجنبية  في عدة بلدان من الإقليم  .


         لا خوف على  الكنيسة القبطية المصرية التي رفضت التعاون مع بريطانيا ،بينما تعاونت بعض القبائل البدوية مع الجيش البريطاني لتسهم بذلك في هزيمة التل الكبير بالمملكة المصرية ،  وفي الوقت الذي قبلت بالحماية البريطانية بعض القبائل الأخري مقابل إعفاء أفرادها من التجنيد الإجباري بالجيش المصري ،وقد رفضت تلك الكنيسة المصرية  الحماية البريطانية في وقت كانت فيه الإمبراطورية البريطانية  من أقوي الكيانات  في العالم وعُرِفتّ بالإمبراطورية  التي لا تغرب عنها الشمس ، و في وقت كان فيه الجيش البريطاني يحتل مصر بالفعل  وله نفوذ قوي ورجال سياسة مصريين أقوياء داخل مصر لتنفيذ سياساته.


         لا خوف علي الكنيسة القبطية المصرية التي خَرَجت القمص سرجيوس سرجيوس المُلَقب بخطيب ثورة 1919، وهو أول رجل من رجالات الكنيسة المصرية يقف فوق منبر الأزهر الشريف  ليخاطب من فوق هذا المنير مصر كلهــــــا بمسلميها ومسيحييها ضد الاحتلال البريطاني لمصر ، ثم استمر  مسلسل وطنية الكنيسة القبطية يتوالي حتي قامت ثورة يوليو 1952 ، وكانت علاقة صداقة ما بعدها صداقة بين قائد ثورة.... وقائد كنيسة ، أي بين الزعيم جمال عبد الناصر وبين مثلث الرحمات القديس كيرلس السادس ، حتي أثمرت هذه العلاقة بناء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ، والتي سافر منها إلي الأمجاد السمائية مثلث الرحمات الطوباوي قداسة الأنبا شنودة الثالث الذي حافظ وبشده علي خط وطنية الكنيسة الذي بدأ منذ القرن الأول الميلادي .
       لا خوف علي الكنيسة القبطية ، لوطنيتها العارمة الحارة ،والمتدفقة  و لحكمتها في المطلق ، ولطول قامة روحانياتها وثباتها علي العقيدة وتثبيتها وامتداد خدمتها ، علي مدي العصور والأزمان .


الخوف على الكنيسة فقط ، من  بعض الأقباط - و أشدد على كلمة بعض - الذين قد ينساقون وراء دعاية السلطة لبعض المُرشحين المحتملين لخلافة قداسة البابا شنودة الباقي في عقول وقلوب المصريين مسيحيين ومسلمين لأكثر من أربعة عقود  وسيبقي في وجدانهم طوال حياتهم، ، مما سيؤدي إلي مزيد من الانقسام أكثر من الموجود حالياً ، إلى الوقوع في فخ خطر عليهم و على طائفتهم و على مصر .


لم يكن كل الأقباط دائماً على نفس مستوى الكنيسة القبطية في الحكمة و الوطنية ، فهم لا يعرفون ولا يريدون أن يعرفوا ، أن الكنيسة حلقت في سماء الإيمان والأوطان بجناحيها ـ الإكليروس ( رجال الدين ) والآراخنة والعلمانيين ( شعب الكنيسة ) ، ولا يمكن أن تخطو خطوة  واحد منهما أو بدونهما  كلية  ، فبجانب ضرورة أن يكون بالكنيسة بطريركاً  مصرياً مسيحياً يحافظ علي ثبات العقيدة الأرثوذكسية ويثبتها وينميها بين رعيته ، ووطنياً خالصاً يضع مصالح رعيته ومصر نصب عينية ، بجانب أن يكون هناك مجتمعاً مصريا مسيحياً وطنياً وقوياً يفعل ويتفاعل مع الوطن وحقوق المواطنة ، ويلتحم بقيادات الكنيسة في غير الشئون الكهنوتية والصلاتية عن طريق مجلس ملي قوي ( يجب المطالبة بتغيير هذا الاسم بأسرع ما يمكن ، فالأقباط ليسوا مِلة في مصر ، بل هم جزء من نسيجها ) يكون هو الهيئة الإدارية والمالية في داخل الكنيسة الرافعة عيون قلوبها وكامل أفئدتها الي الإله القوي ، وليس للإدارة والمال .


وقد رأينا اليوم عودة اسم ( مجرد اسم فقط ) المجلس الملي وهيئة الأوقاف القبطية  يترددان بقوة علي الساحة السياسية المصرية وفي لجنة صياغة الدستور ، لأن هذا هو الصحيح ، لكن غير الصحيح أن عضو المجلس الملي وعضو الهيئة القبطية للأوقاف قد اختيرا وعُيِنا برعاية مطرانيه / أسقفية


نريد عودة أمجاد السياسيين المصريين الأقباط كسينوت حنا ومكرم عبيد اللذان نُفيا إبّان ثورة 19 مع سعد زغلول ، ونريد عودة المجتمع المدني القبطي الذي أسس وأنشأ وأدار المدارس والمستشفيات القبطية في العديد من أرجاء الوطن ، خاصة أن الوقت والمناخ العام يسمحان ألان بذلك  لا نريد المبالغة في التفاؤل والاستغراق علي التواكل والتقوقع والانكماش تحت دعاوي الاضطهاد ، أرفضوا الاضطهاد وهبوا للعمل الوطني بكافة أشكاله .
هذا هو المستقبل الذي نريده للكنيسة القبطية المصرية، ونحذر بشدة من الشللية والشلل الانتخابية للأساقفة المرشحين المحتملين ....وللرد علي بعض الدعاوي التي تنادي أن علي الأقباط أن يختاروا بابا غير تصادمي ...! أقول لهم أنه منذ تأسيس مارمرقس للكنيسة عام 62 ميلادية  وحتي اليوم الأحد 31 مارس 2012 لم تكن الكنيسة القبطية المصرية كنيسة تصادمية علي الإطــــلاق .


وأختم بالقول بأن هذا المنصب الديني الرفيع لا يستحقه ولا يناله من يَسعَي إليه ، بل يستحقه أكبر الاستحقاق من يسعي المنصب إليه .


والي المقال القادم  " بين إرادة الله ....ونتيجة القرعة التي تجري علي مذبح الله- وليست كما تسمى خطا الهيكلية "
د. ميشيل فهمي * العرضحالجي المصري




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :