كتب احمد صبح

ان الدولة القطرية اكبر بكيثر مما كنا نعتقدع داخل الجماعات التى ننتمى اليها ، فهى التى تحوى جميع المذاهب والأديان والجماعات ، ولكن المجتمع لم يعبأ بنا نحن الإسلاميين :- إن جاز  التعبير ، فهو لم يشعرنى ويساعدنى على معرفه من أنا  او أن أكون ما نيبغى ان أكونه ، فيا أيها المجتمع الذى لم تشعرنى يوما بأننى جزء منك ، أيها المجتمع الذى جعلتنى اشعر انك غريب عنى ، واننى غريب عنك ،  فأقمت حائطاً هائلاً بينى بينك ، وأنت الذى صنعته حسناً ، لن أكون مثلما تريد لى أن أكون ، بل سوف اكون مثلما يريد لى من تعتبره عدوك ، لأنك صوت بالفعل عدواً لى فلا تلمنى  ولكن لم نفسك !!!"


ليس ذلك من قبيل العبارات الإنشائية المزخرفة  ، بل بالفعل هو ما يعكس حال أعضاء الجماعات الإسلامية ونظرتهم  إلى المجتمع ، فقد افتقدنا هوية مجتمعنا ، فهو لم يجعلنا نعبر عن آرائنا بحرية  فقد افتقدنا هوية مجتمعنا ،فهو لم يجعلنا نعبر عن آرائنا  بحرية  وقمعنا من السجون والمعتقلات ، وحرمنا من العيش بين أهلنا وذوينا بكرامة ، مما جعلنا منعزلين وفى حاجة الى تأكيد الذات ، فعشنا فى صراع نفسى ، حيث الشعور بالغربة فى بلادنا ،  وحيث الشعور باليأس وأحاسيس الإحباط والسخط ، عدم الشعور بالأمان النفسى ، كل ذلك ادى إلى تشتت هويتنا ، فم نجد فرصته عم مناسبة ، وانعدمت القدرة أمامنا ، والتهميش قد مورس ضدنا  فى أقبح معاينة ، الأمر الذى جعلنا متطرفين دينيا فى غياب الديمقراطية ،  والشعور بالإحباط النفسى ، فكانت الجماعات المتطرفة إفرازا لا خفاقنا  ، او بالأخرى غياب العون الذى يجب ان يقدمه المجتمع لنا ، حتى  ننجز هوايتنا ،  فلا عمل ذات قيمة ولا مصادر أمنية للتعريف بالدين ولا ديمقراطية ولا مشاركة .


جاءت الجماعات الإسلامية لتمضنا الهوية  ، او العناصر التى بموجبها يمكن ان نشكل هويتنا ، فهى بوابة أشعرتنا بالانتحاء ، وشجعت وأشبعت رغبتنا فى الاعتراف والتقدير ، وقدمت لنا دوراً ، وزود تناباًُ يديولوجيا ، ونسق  قيمى جاهز، وقناعات دينية  وتوجيهات سياسية معدة مسبقاً ، وقد تم تنصيب البعض منا أمراء ، تلك هى الوظيفة التى تضطلع بها الجماعات الراديكالية انها تقدم لنا ما اخفق فى ان يقدمه المجتمع لنا ،  ومن ثم فالدفاع عن الجماعة التى ننتسب إليها هو فى حقيقة الأمر دفاع عن الهوية التى منحتنا الجماعة   إياها ، وانه دفاع عن الذات  ، وهو ما يسفر دفاعنا وارهابنا ضد كل من يحاول التشكيك فى الجماعة ، لان  المشكك  إذ ينعل ذلك انما يشكك فى هويتنا التى نحن مستعدون أن ندافع عنها ، حتى لو كانت حياتنا  ثمنا لذلك ، ذلك ما استغله ببراعة قادة هذه الجماعات لقد افلحوا فى توظيف إخفاقات المجتمع تجاه شبابه لصالح ولخدمته توجيهاتهم أهدافهم وفى هذا الخصوص تجدد الإشادة الى انه إذا كان هناك من يؤكد على  نظرية الموامرة والاستهداف من الغرب الامبر يالى الى آخر  مقولات هذه النظرية التى مؤداها : ان الجماعات الأصولية من صناعة الغرب لزعزه استقرار بلادنا  وسد كل طريق للتقدم ، اذ تضرب المجتمع فى مقتل من خلال تركيزها  على الشباب عماد التنمية الاساسى ، الا اننى أؤكد انه ما كان لهذه النظرية او هذا الاستهداف تعامل خارجى ان يحقق أهدافه  لولا اضطراب السياق الداخلى الذى جعل المناخ مهدا بالفعل لتمارس هذه المخططات الخارجية دورها  فلابد ان نعالج هذا البناء الداخلى ،  لأنه لا يستقيم الظل والعود اعوج ، وكما  كان الداخل هاشاً سوف ينهار من أول ضربه قوية  وتجدر الإشارة ، إلى أن الهوية التى تتحقق للفرد من ائتمان للجماعة  المتعصبة ليست هوية حقيقة ، وإنما هى : إن جاز التعبير هوية مستعارة  لان الهوية الحقيقية الناضجة هى التى تتأتى من محاولات الفرد الدؤوبه لاستكشاف السياق بعناصرة المختلفة ، والبحث بنفسه فى الخيارات والبدائل المتاحة ثم الالتزام المبنى على الإقناع الذاتى بما وقع عليه الاختيار ، فى حين  ان الجماعة المغتصبة تقدم للفرد حويه جاهزة معدة مسبقا بتمثيلها الفرد دون مناقشة او تفيد،  هنا لا تكون للفرد هوية محددة ذاتيا ، إنما  هوية حددتها الجماعة المتعصبة ، ومن ثم فالجماعة المتعصبة تفوت على الشخص إمكانية تحقيق هوية ناضجة قائمة على اختيارة  هو ، وتمسى هذه الجماعة هى الموضوع الوحيد للقيمة والحقيقة اذ تكون قيمة الفرد من إنكاره لقيمته وقواه    لحساب موضوع التعصب ، وهنا ليس مجال للقيمة والتفرد الذاتى أساس الهوية الناضجة ، ومن ثم بإمكاننا على سبيل التشبيه – أن نعتبر الجماعة المتعصبة بالنسبة لمشتت الهوية كالحلم تشبع الرغبات التى عجز عن إشباعها  فى الواقع إذ تمنحه هوية اخفق أن يحققها واقعيا ، ولكنة يظل إشباعا وهميا فهى هوية مقتبسة زائغة ، وتظل الرغبة فى تحقيق الهوية الحقيقة فى واقع الأمر ، غير مشبعة شكل واقعى ، مما سبق يتبين  لنا بشكل حقيقى الخاصية الوظيفية للاتجاهات التعصبية على اعتبار انه ليس فى مجال النفس  إمكانية للصدقة ، وإنما كل سلوك يبدو اله سبباً ويبدو انه يضطلع بوظيفة ، ومن ثم فالتعصب يؤدى وظيفة توافقية ، وان كانت غير تكيفيه اذ يفرغ التوتر فقط لكنة لا يحقق الإمكانية .


والعلاقة بين تشتت الهوية والتعصب يمكن النظر إليها من زوايا مختلفة نحن لا نعرف من نكون إلا عندما نعرف من ليس نحن ، وذلك يتم غالبا عندما نعرف " نحن " ضد " من " الكره  شئ انسانى ، ولتعريف الذات يحتاج  الناس الى أعداء ، تلك واحدة من الصياغات المتطرفة بشأن العلاقة بين ألانا والآخرين  يطرحها البعض ، فمشت الهوية يفتقد الى التوجيه الذاتى وبشكل اعم يفتقد إلى التعريف الذاتى ، اى أن تعرفيهم لذاته لا يأتى من داخله ، وإنما هو أكثر اعتماداً على الخارج ، ومن ثم يمكن ان تفترض انه قد يلجأ  الى استعداء المختلف كوسيلة تخدم  تعريف الذات لدية ، فالأخر  هنا كمغايرا أو فتمايز يساعده  فى معرفه من هو ، بل قد نجده يحرص دوما على خلق عدوينا هضه باستمرار إذ من خلال ذلك يشعر ذاته وانه كيان قائم  وليس لا شئ ، فالعدو الذى خلقه أو ناصبه العداء ، لا يحارب فراغاً او لا شئ وإنما يحارب كياناً له هويته إذن فإن له كياناً وله هوية وليس مجرد شخص لا كيان .


انا اذكر ذلك الكلام ، وانا من الإسلاميين – إن جاز التعبير – الذين يمكن ان يزداد عليهم احد ، فنحن  من اكثر ضحايا النظام السابق فى كل شئ ولا اتحدث بأسم احد، ولكن اذكر حقيقة خلقنى الله لخدمتها ومن  الصعب ان تكون عقليتى بديلة ، لذلك فقد مارست النقد الداخلى من اول يوم انتظمت فيه داخل الجماعة  الإسلامية ، ويتم محاربتى الان بضراوة خاصة من السلفية التى تتصدر المشهد فى مصر الآن ، لأنهم يريدون ان يوهموا الناس أنهم  وكلاء عن الإسلام ، وان ما يبدو نه من أراء هو الحق الصراح ، ويعلم الله اننى صاحب رؤية اصطدمت كثيراً مع الجماعات الإسلامية ، والتى تنتقل إلى المشهد الآن محملة بتعاليم المرحلة الماضية ظانه أن الدولة المصرية العظمى  تدار بآلية إدارة الجماعة وان قيادة مسجد الفتح او التقوى أو التوبة ............الخ هى هى قيادة الدولة فى مصر ، فإذا تكلم الإخوان المسلمون قالوا قال الإمام حسين البنا !! قال سيد قطب !! قال التلمسانى !! لا نجد أحدا إلا قليلاً مثل الدكتور الهلباوى أو عبد المنعم او الفتوح هو الذىا يقول قال الإسلام كدين اما التيار السلفى فمنهم من يرفع الأذان فى مجلس الشعب ، والبعض لم ينسى خطب الغيبيان ليمارسها فى المجلس الموقر ، الأمر الذى أؤكده أن  الجماعات الإسلامية ، يجب أن نتعلم أن الدولة المصرية اعم واشمل من الجماعات أو الأحزاب ، بل يجب أن نعلم أن مصريتنا اعم من انتماءاتنا ، وهذا للأسف لا نجده فى الواقع ، ويتم  إهدار المصالح العليا للوطن أمام المصالح الضيقة للجماعة او الحزب ، ونرى ذلك بجلاء فى تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور ، حيث يتم إغفال  دور الازهر لمصلحة الوهابية وتهميش  القوى الوطنية ، ويتم الاختيار على أساس جماعاتى بحت الا فى القليل النادر الذى نراه ذراً للرماد فى العيون ، وهذا اثر  بالغ للمعناه التى كانت تعيشها هذه الجماعات فى الماضى ، بناءً على تثبيت الهوية الأمر الذى جعلها تعيش دور المعارضة طوال تاريخها ، وهى الآن تمارس هذا الدور حتى ضد نفسها ، فالتيار الدينى فى مجلس الشعب يعارض نفسه ولا يشغل نفسه بالبناء  وهذا وضع طبيعى افرزه التاريخ ولن نتقدم إلا بجلد الذات  للوصول للحقيقة .