بقلم: نبيل حنا


بالرغم من أنني كنت في مدرسة فرنسية، إلا أن الاهتمام بتدريس اللغة العربية في مدرستي كان عالياً حتى أن امنتحانات تلك المادة كانت من أصعب ما يكون، إلا أنني كنت دوماً أحصد أعلى الدرجات في تلك المادة، فأنا أفهم النحو، ويمكنني أن أكتب صفحات وصفحات في أي موضوع تعبير، وأحب الشعر وأستلذ حفظه واستخراج معانيه، إلا أنه كالعادة كان هناك ما يكدر علي صفو هذه المادة فللأسف كانت مواضيع القراءة سمجة، سخيفة مملة و جوفاء لا تثير أي نوع من الاهتمام لدى أي شخص وهذا شئ عادي في مناهجنا. ولكن على جانب آخر كانت دراسة اللغة العربية في أحد وجوهها دراسة اسلامية بحتة وقبل أن أشرع في هذه القضية علي أن أشرح بايجاز وجهة نظري الشخصية في حياتي في مجتمع مسلم كشخص غير مسلم وليس بالضرورة مسيحي.
 
يعلم التاس أنني شخص غير متعصب ولا أنيل لأي تفرقة من أي نوع، أما الايمان فهو شئ ما بين العبد والله لا يجوز التدخل بينهما، وأؤمن أن علي أن أحترم معتقدات أي شخص آخر حتى ولو كان يعبد البجع على ألا يتدخل أي شخص في معتقداتي
 
أما التدخل في المعتقدات فهو ما يحدث بطريقة قد تبدو غير مباشرة في التعليم وفي نواحي أخرى ولكنني هنا سأتطرق فقط إلى التعليم، فمنذ الصغر يحفظ الطفل أنه يستيقظ صبحا ويتوضأ ويصلي الصبح وهذا كان من أوئل دروس القراءة، بدون أي احترام للذين يستيقظون ولايتوضئون ولا يصلون الصبح
ثم تأتي الآيات القرآنية لتحفظ بمعانيها وشروحها ، وعندما طرحت هذه النقطة مع أكثر من شخص كانت الإجابة واحدة تقريباً وهي أن القرآن الكريم هو أصل اللغة العربية ومشرع قوانينها وهذا مع شديد احترامي حجة بالية، فلا توجد لغة تعتمد على كتاب ديني في شرح نحوها وتراكيبها
 
وقد يقول قائل، إن الإسلام دين سمح يؤمن بكل الرسل من قبله، ولكنها أيضاً حجة لا علاقة لها بالأمر، فليس علي أن أؤمن إلا بما في كتبي حتى ولو كان آخراً يؤمن بما فيها -لمزيد من الدقة بعض ما فيها- فالمسيحيون لا يطلبون نفس الشئ من اليهود بالرغم من أن المسيحيين يعتبرون أسفار موسى والعهد القديم جزءاً لا يتجزأ من كتابهم المقدس
 
أنا لا أقلل من شأن الإسلام ولكن هنال فارقاً كبيراً بين الايمان بشئ واحترامه فليس علي كشخص غير مسلم أن أدرس كتاب المسلمين ولا أي كتاب لأي دين حتى ديني إلا برغبتي الشخصية ، ولا يجب أن أنافق في كل امتحان لغة عربية كي أنجح
ولمن يقول نحن في دولة اسلامية، على عيني ورأسي تشرع القوانين مبنية على الشريعة الاسلامية -على ألا تميز تلك القوانين بين الناس بسبب دينهم أو جنسهم- ولكن أبسط قوانين الانسانية تكفل لي حرية الرأي والعقيدة دون أن مفروضات مقنعة