أثار الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، الشغب منذ خطواته الأولى في عالم الصحافة، واستمر على نفس النهج حتى استطاع ترك بصمة خاصة به في جيل كامل من الصحفيين الذين تتلمذوا على يديه، وكذلك في المؤسسات التي ترأس تحريرها أو أسسها على مدار سنوات طويلة مضت.
كما أغنى المكتبة المصرية بمئات المطبوعات ما بين مقالات ومجموعات قصصية وروايات، عبر فيها عن أفكاره الدينية والسياسية بكل جرأة وشفافية، محاولا إيصال رسالته التي يراها واجبة عليه دوما. هذا فضلا عن تقديمه لنقاشات وأفكار مختلفة في برامجه التليفزيونية، ربما يعتبرها البعض صادمة من جرأتها، لكن في النهاية تصب جميعها في باب دعم الحقوق والحريات.
عن رأيه في تأثير أزمة فيروس كورونا على الصحافة، وموقفه من استمرار تصوير مسلسلات رمضان 2020، والجدل المثار حول كتاباته السينمائية، وكذلك برامجه التلفزيونية الحالية والجديدة، كان للكاتب إبراهيم عيسى هذه التصريحات عبر موقع إعلام دوت كوم:
كورونا والصحافة الورقية
تنتعش الصحافة عموما والورقية منها بالأخص مع الأزمات والحروب والثورات والمظاهرات، لكن أزمة كورونا بالنسبة للصحافة الورقية في مصر مختلفة، لأن الأزمة لم يعد لها علاقة بالمهنية والحرية فحسب، بل أيضا في الوسيط أي الصحافة المطبوعة في حد ذاتها.
السؤال هنا كيف تعالج الصحافة الورقية أزمتها في ظل وجود الصحافة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي؟.. “ببساطة تعمل شغلها”، الصحافة الورقية الآن يفترض أن تكون صحافة الاستقصاء والتحليلات والبحث عن المعلومات وتأصيلها في تحليلات معمقة، وليس نشر الأخبار، لأنها لم تعد موضعا للتناول الخبري، خاصة في أزمة كورونا، فالأمر يحتاج لمتابعة لحظة بلحظة.
أزمة الصحافة الورقية الحقيقية الآن تكمن في القائمين عليها والفاعلين فيها، ففي وقت الأزمات مثل كورونا، لا بد وأن تكون القيادة في يد أبرع وأكفأ المهنيين، لذلك قد تتلقى الصحافة الورقية العربية والمصرية ضربة قاضية، في حال استمرارها في عدم إدراك دورها ووظيفتها والمطلوب الآن، فهي غارقة في المتابعة الإخبارية القديمة التي لا طائل منها والتي تجاوزها الزمن.
المتشددون وغلق دور العبادة
غلق دُور العبادة بسبب الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس المستجد، يثير غضب المتشددين في كل الأديان، والأمر غير مقتصر على المسلمين ومصر فقط، بل مشكلة الأصوليين في كل دين هي اعتقادهم أن الشعائر والطقوس هي الدين، فهم يرفضون فكرة العلاج والتحذير من كورونا ويعتبرون الأمر غضب من الله وأنه سيعالج بالإيمان والتقوى.
“اللي يقول ايه يعني كورونا ربنا هيسترنا ومش هيحصل حاجة.. طب هو لما يتعب بيروح المستشفى ليه ما يروح الجامع وربنا هيستره هناك.. أو لو حرامي سرقه بيروح القسم ليه ما ربنا هيرجع له الفلوس!!”، لا أفهم منطق هؤلاء المتشددين في مواجهة قرارات الدولة بالرفض والتعنت ومحاولة ادعاء أن الإيمان هو الحل.
صوت الأصوليين المتشددين في الخليج لا يصل، لأن هامش التعبير ومساحة الحرية لديهم على مواقع التواصل الاجتماعي محدودة، قياسا على ما يحدث في مصر، لكن في النهاية لديهم جميعا نفس الآراء المتشددة.
مسلسلات رمضان 2020
أؤيد وقف تصوير الأعمال الفنية الآن، وذلك لعدم توافر الضمانات الصحية والطبية اللازمة للعاملين بها، ظروف الإنتاج في مصر وخاصة في رمضان ليست طبيعية ولا منطقية ولا ضامنة لأي حدود دنيا من احترام البيئة والصحة، ولو توافرت البيئة الصحية للعمل “يشتغلوا”.
الهجوم على تصوير الأعمال الفنية في العموم به حالة من التربص بالفنانين والانزعاج منهم، فكل مسلسل يشارك فيه مئات الأفراد ما بين عمال وفنيين، وليس النجوم فقط، خاصة في رمضان يكون الأمر أشبه بالعمالة الموسمية، بل وقد تكون أعدادهم أكثر من عدد عمال مصنع من المصانع بدون مبالغة.
هناك دوما توجه لوضع الفن في مكانة بعيدة عن الأولويات، بداعي أن الفنانين يحصلون على ملايين الجنيهات، لكنهم في الحقيقية “مبقوش ياخدوا ملايين زي زمان”، كما أن الفن لا يجب اعتباره في درجة ثانية أو أنه ليس من الأولويات.
ولو تساءلنا: “هل من يدين فكرة تصوير الأعمال الفنية في المطلق يستطيع أن يتوقف عن مشاهدة الأفلام والمسلسلات في فترة الحظر؟” بالطبع لا، لأن أكثر من 98% من المصريين يقضون وقتهم في الحظر بمشاهدة الأعمال الفنية.
العودة للصحافة
ترتيب الإصدارات التي شرفت برئاسة تحريرها أو تأسيسها من وجهة نظري: الدستور ثم المقال ثم التحرير، واحترم وجهة نظر الجمهور في رؤيتهم وتقييمهم لهذه التجارب وترتيبهم لها بالإيجاب أو السلب، فكل تجربة لها أهميتها الخاصة وسياقها وضرورتها ووقتها وتأثيرها.
أما نسبة عودتي للصحافة اليومية الآن فهي صفر بالمئة، لكنني أسعى لعودة مجلة “فرجة” بقوة وكذلك جريدة “المقال” كصحيفة يومية، وهذا من أولوياتي الكبرى، مع التأكيد على أن ذلك لا يعني عودتي للعمل بها، بل الأهمية هنا لعودة هذا النوع من الصحافة وتلك التجارب.
“المقال” و”فرجة” نماذج مثالية للصحافة المطبوعة التي يجب أن تكون موجودة الآن، ولا أحكم عليهم بأنهم الأفضل ولكن هذا هو المنهج المثالي الذي يناسب الوقت الحالي، لكن الظروف التي تمر بها الصحافة الورقية في مصر، وظروف الإعلانات وسقف الحريات، ساهموا في عدم وجود مثل هذه الإصدارات بشكلها الورقي.
البرامج التليفزيونية
أحب كل برامجي ولا أخص واحدا عن الأخرين بالتفضيل، ما قدمته وما سأقدمه، وأحمد الله على أنني قادر على إيصال رسالتي من خلال وسائط مختلفة ومتعددة؛ سواء كان مقال أو إدارة صحيفة، أو برنامج تليفزيوني، أو رواية أو كتاب.
نرشح لك: 10 أسئلة ممن يكرهون إبراهيم عيسى.. يرد عليها للمرة الأولى
برنامجي الجديد على قناة “الغد” لم يتحدد موعد عرضه بعد، لكنني أعبر من خلاله عن شغفي وعشقي للسينما، من خلاله محتوى مختلف وطريقة تقديم جديدة، كما يعد استمرارا لتجربة برنامج “فرجة” الذي قدمته على قناة “أوربت” في 84 حلقة، وفي النهاية الحكم عليه متروك للجمهور.
مستمر في تقديم برنامج “مختلف عليه” حتى الآن، وانتهيت من تصوير حلقات شهر رمضان، وأتمنى ألا تحيل الكورونا دون استمرار البرامج التليفزيونية سواء ما أقدمه أو ما يقدمه غيري.
عودتي لتقديم برامج الهواء مرهونة بالحرية التامة في قول ما أريده.
كتابة الأفلام
“صاحب المقام” فيلم مختلف وتجربة أعتز بها، فهو أول فيلم صوفي مصري، الموافقة عليه رقابيا بالكامل، أما موعد عرضه فتحدده شركة الإنتاج حسب ظروف السوق، وأعتقد أنه سيتم طرحه بمجرد عودة الحياة لطبيعتها، وأتمنى أن يجد قبولا في قلوب الناس وعقولها معًا.
أيضا انتهيت من كتابة فيلم بعنوان “يحيى يحب ليلى”، وهو فيلم رومانسي كوميدي على طريقة أفلام فطين عبد الوهاب، وأتمنى أن يتحمس له مخرج أو منتج بعد زوال أزمة كورونا.
“شاهد” و”الضيف”
فيلم “الضيف” أعتبره ناجحا على المستوى الجماهيري بالنسبة لمحتواه، فقد عُرض لمدة 6 أسابيع، حقق خلالها إيرادات بلغت 8 ملايين ونصف المليون، وهذه الإيرادات كبيرة جدا، نظرا لأن فيلم بمحتوى مختلف ومن بطولة 4 ممثلين وتدور أحداثه في “أوضتين وصالة”، وتناول قضية جوهرية عميقة نظريا وفنيا وإنسانيا، لذلك حقق نجاحا غير مسبوق لمثل هذه النوعية من الأفلام.
كما أثار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع السلفية، وناقش بعض المشايخ أحداث ومضمون الفيلم في حلقات تليفزيونية، كله هجوم طبعا، لكنه في النهاية إثارة الجدل الفكري أمر مهم ومطلوب.
نرشح لك: إبراهيم عيسى .. المُجدد (ملف خاص)
يحيى حسين التيجاني هو أنا.. فيه مني وفيه من كثيرين ممن تصدوا للكتابة عن الفكر والتطرف الديني ومواجهة السلفيين، لكن أداء الفنان خالد الصاوي للشخصية استوحاه من تفاصيل شخصيتي بقرار من مخرج الفيلم هادي الباجوري، لأنه الشخصية عن كاتب ومفكر ومقدم برامج، وهو ما يتقاسم فيه معي. وفي الحقيقة كان “الصاوي” بارعا ومتقنا للحد الذي جعل الشخصية تبدو وكأنها إبراهيم عيسى على الشاشة.
تطوّرت نظرتي لمنصة “ِشاهد” السعودية لمزيد من الاحترام والتقدير بعد عرض الفيلم بدون حذف أي ثانية منه، رغم مناقشته لقضية حرجة وأفكار يرفضها كثير من مشايخ المجتمع السعودي، وهذا دليل عملي على أن التغيير الذي يحدث في السعودية حقيقي وليس شكليا.
القراءة والروايات
روايتي عن المشاركة في كتابة فيلم “أيام السادات” دقيقة، وهذه هي شهادتي ورؤيتي ونصيبي من الحقيقة، وعلى مدار 25 عاما مضت، شاركت في العديد من المشاريع مع المخرج محمد خان، والمخرجة ساندرا نشأت ولكنها لم تخرج للنور.
أكون متحمسا لرواياتي شأن كل روائي وكاتب، أما ترشيحي للقرّاء فيكون حسب ذوقهم.
ما بين التاسعة مساء إلى منتصف الليل أشاهد الأفلام، وليس البرامج التلفزيونية، ولكن أتابع زملائي الإعلاميين وبرامجهم المختلفة بالتأكيد، لكن عبر “يوتيوب” وفي أوقات أخرى.