الأقباط متحدون | الخداع الاخوانى: ما لم يقله تقرير جامعة برنستون
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٣٧ | الخميس ٥ ابريل ٢٠١٢ | ٢٧ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٢١ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الخداع الاخوانى: ما لم يقله تقرير جامعة برنستون

الخميس ٥ ابريل ٢٠١٢ - ٥٠: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم:منير بشاى
بغض النظر عن حكم الدين والاخلاق والقانون فى فعل الكذب، فما لاشك فيه ان الكذب كفاءة وموهبة لا تتوفر إلا لقليل من الناس. والكذابون يختلفون فى مستوى أدائهم، فبعض الكذابين "خيبة" تفضحهم تعبيرات وجوههم لدى أول محاولة للكذب. هذا بينما البعض الآخر ممن هم على مستوى رفيع من الحرفية يمكنهم حبك الكذب بحيث لا يمكن كشفه حتى من الخبراء.
كنا دائما نعرف ان جماعة الاخوان المسلمين لهم باع كبير فى هذا المضمار. وللتدليل على ذلك، انهم استطاعوا ان يحوذوا بثقة البعض منا بينما هم يكررون  نفس الكذب مرة بعد الأخرى. 
 
فى محاولة للعودة بالذكرة الى الوراء سنة وبضعة أشهر. نتذكر عندما قامت ثورة الشباب فى 25 يناير 2012 ان الاخوان أعلنوا رسميا عدم نيتهم الاشتراك فيها، ثم عادوا وغيروا رأيهم بعد أيام.  وقيل لنا انهم لا يطمعوا من اشتراكهم فى شىء سوى ارضاء وجه الله والوطن لنراهم مرة أخرى يقوموا بتنحية القوى الوطنية وذلك بعد ان تم تجاهل شباب الثورة المخلص البرئ، بالاضافة الى ان هناك من يشير إلى صفقات ومساومات مع المجلس العسكرى فى مشهد يوحى كأنهم أصحاب الثورة الوحيدين.  وعندما جاء دور الاعداد لانتخابات مجلسى الشعب والشورى عادوا ليطمئنوا الناس انهم لا يسعو الى الهيمنة بالوعد انهم يهدفون للحصول على نحو 20% فقط من الكراسى، ثم نفاجأ انهم أحكموا قبضتهم تماما على المجلسين.
 
المشكلة ليست أن التيار الاسلامى بقيادة الاخوان اصبح يتحكم فى البرلمان ولكن المشكلة هى كيف تمكن من ذلك.  هم يدعون انهم وصلوا اليه عن طريق صندوق الانتخابات الذى اطلقوا عليه الديمقراطية، ولكن الديمقراطية الصحيحة وسيلة وغاية وليست غاية فقط.  فعندما  يستخدموا أساليب تعتمد على اللعب غير الشريف على وتر الدين، وعندما يستغلوا ظاهرة الفقر عند الجماهير فيحصلوا على أصواتهم عن طريق اشباع بطونهم، وعندما يعملوا على خداع الأميين فى بلد تبلغ نسبتهم حوالى نصف سكانها، فالنتيجة أنك تحصل على برلمان تكون تركيبته ما نراه اليوم. وهو الغبن الواضح فى تمثيل الأقباط والأقليات الدينية والعرقية الاخرى بل والغبن فى تمثيل التيار الاسلامى الليبرالى.
 
هذا المجلس بتركيبته الحالية لا يمثل الشعب المصرى بكل أطيافه ومع ذلك هناك  اصرار على ان تكون له صياغة الدستور. والمعروف ان الدستور يمثل رأى جميع أطياف الشعب ويجب ان يصاغ بطريقة تحمى مصالح جميع الأقليات الدينية والعرقية من بطش الغالبية. والمعروف أيضا ان البرلمانات تأتى وتروح وتتغير تركيبتها بحسب الجو السائد فى المجتمع بينما الدستور وثيقة لها صفة الديمومة، ولذلك يجب ان تمثل العناصر الدائمة فى المجتمع وترعى مصالحها.
ولكن الاخوان يصرون على ان تكون لجنة المئة التى ستشرف على صياغة الدستور نصف عددها من البرلمان، ثم يختاروا هم البقية التى تروق لهم من خارج المجلس  وقد تم انتخاب رئيس هذه اللجنة وهو نفسه رئيس مجلس الشعب. وبهذا نستطيع ان نستنتج ماذا سيكون شكل الدستور القادم فالتيار الاسلامى يمتلك وحده الأصوات التى تعطيه حق اقرار هذا الدستور.
 
من هنا جاء انسحاب الكثيرين من اللجنة وهم ليسوا فقط من الأقباط والأقليات الأخرى، ولكن أكثرهم من المسلمين وعلى رأسهم ممثلى الأزهر الذين لا يؤيدون مبدأ الحكومة الدينية ويصرون على مدنية الدولة أو يرفضون تحكم فصيل بعينه على بقية أطياف المجتمع.
مرة أخرة يلجأ الأخوان الى مقدرتهم الجبارةعلى الخداع. وهنا يظهر المتعاطفين معهم للنجدة. وهو فى هذه المرة الكاتب فهمى هويدى الذى جاء ليؤيدهم مقتبسا من استنتاجات دراسة قامت بها جامعة برنستون تقول- حسب زعمه-  أن 42 % من الدول التى تضمنتها الدراسة قامت برلماناتها بصياغة الدستور. والجدير بالملاحظة ان نفس هذه الدراسة أشار اليها أيضا القيادى الاخوانى السيد/ صبحى صالح فى برنامج "الحقيقة" الذى يقدمه وائل الابراشى فى قناة دريم.
فى مقاله بعنوان"متحمسون للثورة متعثرون فى الديمقراطية" المنشور فى جريدة الشروق بتاريخ 27 مارس 2012 يقدم الكاتب فهمى هويدى تقييمه لما آلت اليه ثورة 25 يناير 2011 فيقول "احدى خلاصات السنة الأولى من عمر الثورة المصرية ان المجتمع كان شديد الحماس للثورة المصرية  فى حين ان نخبته ليست جاهزة للديمقراطية".  ويضيف الكاتب القول " ذلك ان الادعاء بأن الدول «المحترمة» متفقة على أن البرلمان ليس جهة وضع أو صياغة الدستور كلام غير دقيق. إذ تكذبه الخبرة السياسية والتاريخية. علما بأن البرلمان فى الحالة المصرية لن يضع الدستور ولكنه سينتخب اللجنة المكلفة بذلك من بين أعضائه ومن خارجه. آية ذلك أن جامعة «برينستون» الأمريكية أعدت دراسة شملت 200 دستور ظهر فى العالم خلال ثلاثين سنة (بين سنتى 1975، 2005) بينت أن هناك 9 طرق لكتابة الدساتير. وكانت الوسيلة الأكثر استخداما هى أن تعهد الدول إلى البرلمان المنتخب لكى يقوم بهذه المهمة. وهو ما حدث فى 42٪ من الحالات التى تمت دراستها، فى حين أن نسبة الحالات التى تم فيها وضع الدستور بواسطة لجنة تأسيسية معينة أو منتخبة من البرلمان كانت فى حدود 9٪"  (إنتهى الإقتباس من مقال الأستاذ فهمى هويدى). 
والحقيقة ان الدراسة التى قامت بها د. جينيفر ويدنر الحاصلة على درجة الدكتوراة من جامعة ييل وأستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة برنستون ، بولاية نيو جيرسى كانت بعنوان 
 
Reconstruction in Conflict and Post-Conflict Societies
أى إعادة البناء فى مجتمعات متنازعة ومجتمعات ما بعد الصراع.  وترتبط هذه الدراسة مع المبادرات الكبيرة التى يقوم بها معهد الولايات المتحدة للسلام (USIP)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى (UNDP) لاستكشاف الروابط بين كتابة الدستور وحل النزاعات.
الدراسة استعرضت مايقرب من 194 حالة وتشمل الحالات دساتير جديدة أو تعديلات دستورية بين عامى 1975 ويوليو2003 .  ونشرت نتائج البحث فى سبتمبر 2005 تحت عنوان 
Widner, J. “Constitution Writing and Conflict Resolution,” Commonwealth Journal of International Affairs (Roundtable), 94, 381 (September 2005): 503-518
كما أنشأت موقعا الكترونيا‏ يحمل نفس المسمى ويضع بعض المعلومات الأساسية حول كتابة الدستور فى متناول الباحثين فى جميع أنحاء العالم.http://www.princeton.edu/~pcwcr/index.html
 
وبغض النظر عن أن السيد هويدى اضاف سنتين كاملتين من عنده، فبدلا من  توقيت الدراسة على انه 1975-2003 ، أشار سيادتة ان الدراسة كانت بين سنتى 1975-2005 ، وأيضاً بالتغاضى عن إضافة طريقة جديدة من عنده لصياغة الدستور حيث ذكر فى مقالة  أن هناك 9 طرق لكتابة الدساتير مع أن د. ويدنر قامت بتحديد المشاركة عبر الأبعاد المتعددة وتصنيفها إلى 8 أنماط إجرائية رئيسية.  لكن العجيب فى الأمر ان السيد الكاتب تجاهل نقاط هامة ومحورية منها على سبيل المثال المبادئ التوجيهية للكومنولث في وضع الدستور لعام 1999، والتى نصت على ضرورة التشاور مع الشعب، والانفتاح على وجهات نظر متنوعة والحاجة إلى إشراك المواطن العادى في عملية الصياغة. كما تضمنت المقترحات اهمية مشاركة غالبية السكان فى جميع المراحل وتمكين الشعب من تقديم مساهمات فعالة وايضاً مساعدة وتمكين منظمات المجتمع المدني على المشاركة الفعالة في عملية وضع الدستور، والتأكيد على  مصداقية الآليات المستخدمة والتمثيل الحقيقى لوجهة نظر الشعوب.
 
والأهم ان الأستاذ هويدى أهمل حقيقة واضحة لمن يسعى جاهداً لتقديم جواب عملى ما بين النظرية والتجريبية في العملية الدستورية ، وهى أن كتابة الدستور تحتضن مجموعة من الإجراءات، وليس حكم أو قرار واحد محدد. تلك الإجراءات تعكس العديد من الوظائف يتم تنظيمها فى مراحل مختلفة: مناقشة القواعد الأساسية ، وتطوير المبادئ الثابتة ، وإعداد نصوص أولية ، ومداولة واعتماد المسودة النهائية ، والتصديق عليها وإصدارها. فهل ياترى يشعر السيد هويدى بالأطمئنان على مستقبل مصر ودستور بلد عظيم فى أيدى دعاة المشاركة لا المغالبة.
 
كلام الاستاذ هويدى وان كان يبدو صحيحا ولكن للاسف هناك لوى فى المعنى يحوله الى العكس تماما كمن يقول "لا تقربوا الصلاة". فالواضح أن الدراسة لم تكن للدول "المحترمة" كما يدعى والتى تمرست فى المبادىء الديمقراطية ولكن كانت أغلبيتها من دول العالم الثالث. ثم أن الدراسة لم تكن لتحديد الطريقة الأكثر استمعالا لاثبات انها الأصح، ولكن لقياس مدى تأثيرها على تلك الدول. ثم انه يتضح من الاستنتاجات التى أوردتها الدراسة ان تأثير هذه الطريقة كان بالسلب. فتقول الدراسة "ان البلاد التى وضعت تحت الدراسة بلاد معرضة لاخطار الصدام   countries at risk of conflict  وذلك كنتيجة لتبنى أكثر من نظام سياسى. وغرض الدراسة كان تقييم تأثير عملية صياغة الدستور على مستوى العنف هناك. وتخلص الدراسة الى ان من بين الاكتشافات الجوهرية ان درجة المشاركة فى كتابة الدستور ليس له دور كبير فى تغيير مستويات العنف فى بعض أجزاء العالم مثل أوروبا. ولكن هذا يختلف فى الدول الافريقية والأمريكتين ودول المحيط الهادى". 
 
واضح ان الدول التى أشار لها السيد/ هويدى على انها محترمة والتى عهدت لبرلمانها بصياغة الدستور لم تكن من الدول الغربية بل كانت معظمها من دول العالم الثالث غير المستقرة وأن نتيجة قيام برلماناتها بصياغة الدستور زاد من حالة التوتر والعنف وعدم الاستقرار ولاثبات ذلك فان الدراسة أوردت عدد مرات اعادة كتابة الدستور فى هذه الدول التى كانت أضعاف غيرها. بعض هذه الدول اضطرت لاعادة كتابة الدستور فى خلال فترة الدراسة من ثلاث مرات الى خمسة. وهذه مجرد عينة لبعض هذه الدول ومرات صياغة الدستور فى فترة الدراسة:
 
أفغانستان (ثلاث مرات) 1977- 1987- 2003
الجزائر (ثلاث مرات) 1976- 1989- 1996
بنجلادش (ثلاث مرات) 1975- 1979- 1991
بركينا فاسو (ثلاث مرات) 1977- 1991- 1997
كولومبيا (ثلاث مرات) 1976- 1981- 1993
جمهورية وسط أفريقيا (أربعة مرات) 1976- 1986- 1992- 1994
جزر القمر (أربعة مرات) 1989- 1992- 1996- 2002
جمهورية الكونغو (ثلاث مرات) 1979- 1992- 2002
النيجر (خمسة مرات) 1978- 1989- 1992- 1996- 1999
راوندا (ثلاث مرات) 1978- 1991- 2003
تانزانيا (أربعة مرات) 1975- 1977- 1984- 1992
تايلاند (أربعة مرات) 1976- 1978- 1991- 1992
 
 الخلاصة ان طمع الاخوان وطموحهم للاستحواذ على السلطة ليس له حدود.  فبعد قمع استمر عقود ساعدهم على كسب تعاطف الشارع انفتحت شهيتهم لأن يستولوا على كل شىء. ذاقوا طعم التورتة فأعجبتهم فاجهزوا عليها كلها غير تاركين لغيرهم حتى الفتات.  وفى سبيل ذلك استخدموا الكذب والخداع للوصول الى هدفهم. ولكى ما يبرروا الكذب ربما أطلقوا عليه "كذب شرعى" أو "تقية" أو  "شطارة". وهذا قد يشرح آخر طموحاتهم التى بسببها وصفهم كاتبهم المفضل السيد/فهمى هويدى فى مقال آخر بأنهم "وقعوا فى الفخ"  لقد أخرجوا من جعبتهم ورقتهم الرابحة الشاطر. وبررووا كذبهم عندما وعدوا انهم لن يسعوا الى منصب الرئاسة  بقولهم "ان ترشيحه كان انما حفاظا على الثورة"  بينما يعتقد البعض ان هذه كذبة أخرى تضاف الى ملفهم الطويل فى الكذب وأن ترشيحهم له كان تحسبا من احتمال حل مجلسى الشعب والشورى وحتى لا يخرجوا من المولد بلا حمص.
المثل يقول تخدعنى مرة عيب عليك، تخدعنى مرتين عيب على.  فمن الآن وصاعدا لن نصدق سوى أعمالهمم. والآن يا خيرة الشطار نحن فى انتظار ماذا ستعملون بخيرت الشاطر  والى أى مدى سيوصلكم الكذب، فالكذب كما تعلمون ليست له أرجل.
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :