قصة للأطفال بقلم : زهير دعيم
(قلبي مع اطفال غزّة والضّفة ومخيمات اللاجئين وكل المُشرّدين في العالم)
----
كان إبراهيم ؛ الطفل الأسمر ذو الشّعر الفاحم والعنينين السوداوين الواسعتين وابن جباليا في القطاع ، كان ينتظر عيد الفطر على أحرّ من الجمر ، ينتظر الأيام والدقائق لكي تمرّ ، وكثيرًا ما تبطئ فيتأفف ويتذمّر قائلاً : أفٍّ ما أطول هذه الأيام ؟ .
وأخيرا جاء العيد ، ويا ليته ما جاء ، فالدموع منذ ذالك اليوم وهي تملأ عينيه ، وتُبلّل خدّيه.
يبكي ويصرخ ...لماذا ؟! أين هو ؟ ..ولماذا تأخر؟!
وتجيب الامّ وهي تحاول أن تخفي دمعةً في عينيها.
" الغائب عذره معه يا بُنيّ ..." وتُتمتم بصوتٍ منخفضٍ : لعن الله الشرّ ...لعن الله الحِصار .
ويرفض إبراهيم أن يقبل الأعذار ، ويرفض أن يتناول طعامه !! هذا الطعام المُتبقّي في البيت !! ...وكيف يقبل والعيد مرَّ جافًّا ، باهتًا ، فلا نقود ، ولا العاب ولا هدايا ، ولا لحوم ، والأهمّ لا كرة قدم ، نعم كرة قدم ، فالأب سافر كعادته قبل شهرين إلى مدينة ليعمل هناك .
ويحاول إبراهيم أن يتذكّر اسم هذه المدينة ، ولكنه يفشل ، فيروح يسأل امّه :
أين يعمل أبي يا أمّاه ؟
نا.....تقول الام ...نابلس ...نعم نابلس يصرخ إبراهيم ، إذًا لماذا لم يعُد لنا من نابلس ؟ ألم يعدني بكرة قدم أثناء عودته ؟ ألم يقل لي أنَّ هديّة العيد ستكون كرة قدم مُلوّنة ؟ لقد مرّ العيد ، مرّ العيد يا أمّي وأبي لم يعُد .
وسالت دمعتان على خدّيّ الأم وهي تُعانق ولدها ؛ وحيدها وتقول :
سيأتي يا بنيّ ...قريبًا سيأتي ...قريبًا سيفرجُها الله ويفكّ الحِصار .
حِصار ..حصار ...حصار صرخ ابراهيم ..مَن هذا الحِصار؟ انّه يقتلني .....يُعذّبني !!..أريد أن أراه لاسأله عن أبي وعن كرة القدم ...خُذيني إليه يا أمّاه ...خُذيني إلى الحصار .
وتبكي الأمّ ..ويبكي إبراهيم ..ويبكي البيت ..... وتبكي الثّلاجة القديمة.