على فضائيات القنوات المصرية، يعرض أحد المسلسلات الدرامية، التي تجسد حياة بطل شجاع ضحى بنفسه في سبيل حماية أرض وطنه وجنوده من إرهاب تنظيم داعش الغاشم، أطلق عليه منتجوه لقب "الاختيار"، بطولة الفنان أمير كرارة، الذي يتقمص دور العقيد أركان حرب أحمد صابر منسي.
من هو الشهيد المنسي؟
ولد الشهيد أحمد صابر منسي، في مدينة منيا القمح، التابعة لمحافظة الشرقية "تقع في الشمال الشرقي من القاهرة" عام 1977، والتحق بالكلية الحربية، وتخرج ضمن الدفعة "92 حربية"، ثم عمل ضابطًا بوحدات الصاعقة "فرع من فروع القوات المسلحة المصرية، يتم إعداد القوات بها جسمانيًّا ونفسيًّا عن طريق تدريبات خاصة خلافًا لباقي فروع الجيش".
وخدم الشهيد المنسي لفترة طويلة في الوحدة "999 قتال"، وهي وحدة العمليات الخاصة وأقوى الوحدات المشتقة للصاعقة المصرية التابعة للقوات المسلحة، وفي عام 2001 التحق بأول دورة للقوات الخاصة الاستكشافية، عرفت باسم "SEAL"، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على الدورة ذاتها عام 2006.
وحصل "منسي" على ماجستير العلوم العسكرية "دورة أركان حرب" من كلية القادة والأركان، وعقب استشهاد العقيد رامي حسانين، قائد الكتيبة "103" صاعقة بشمال سيناء المصرية، أكتوبر 2016، تولى قيادتها خلفًا له.
ملحمة «البرث» واستشهاد المنسي
وفي يوليو من عام 2017، كان الشهيد المنسي، يقوم بعملية مكافحة النشاط الإرهابي والتكفيري، للقضاء على البؤر التي يتمركزون فيها، بمدينتي رفح والشيخ زويد المصريتين، ومع فجر اليوم السابع من الشهر ذاته، اقتحمت سيارة مفخخة منطقة يطلق عليها "مربع البرث".
لم يتوان المنسي ورجاله في دفاعهم عن الأرض، وواجهوا العناصر التكفيرية ببسالة، إلا أن السيارة المفخخة كانت شديدة التدريع، وانفجرت قرب "كمين البرث"، ثم انطلقت بعد ذلك عدد من سيارات الدفع الرباعي، محملة بالعشرات من العناصر الإرهابية المختلفة، وطوقوا التمركز الأمني بالكامل، واشتبكوا مع عناصر القوات المسلحة المصرية.
ورغم ذلك لم يستسلم العقيد أحمد صابر منسي، وفي آخر كلماته أثناء الملحمة، والتي كان يوجهها إلى زملائه من رجال القوات المسلحة الموجودين في مناطق بالقرب منه يطلب منهم دعمه، قال بصوت قوي لم يستطع الموقف كسره: "يمكن تكون آخر لحظاتي في الدنيا، هجوم علينا في مربع البرث من الجماعة الدواعش التكفيريين، دخلوا بكام عربية مفخخة، وهدوا كل النقطة، وأنا لسه عايش أنا و4 عساكر، متمسكين بالتبة متمسكين بالأرض، عشان خاطر زملائنا الشهدا منسبهمش، ولا أي مصاب هنسيبه، ومش هنسيب الأرض دي وهي عليها أي شهيد ولا مصاب.. يا نجيب حقهم يا نموت زيهم".
لم تكن مجرد كلمات نطق بها العقيد أحمد صابر منسي، وإنما خرجت من قلب صادق لم يتراجع عن الدفاع عن أرضه، وجنود يقودهم وإنما استمر يقاتل من فوق سطح المبني الذي تمت محاصرته، ويطلق النيران على العناصر الإرهابية للدفاع عن التمركز الخاص به، حتى جاءته رصاصة غادرة أثناء تحركه من مكان لآخر، من أجل تغيير موقعه حتى لا يكون ثابتًا وواضحًا للإرهابيين، اخترقت مؤخرة رأسه من عيار 54 مم، وهو النوع من الذخيرة يتم ضربها على العربات ذات التدريع الخفيف وليس على الأفراد لكبر حجمها، ورحل الشهيد المنسي في 7 يوليو عام 2017، وأطلق عليه لقب "منسي الأسطورة".