بقلم : السيناريست جرجس ثروت
 
أنجيل متى 21 : 1- 14 , وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ  قَائِلاً لَهُمَا : اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا ، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا ، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا , وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ : الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا , فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا , فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل : قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ : هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا ، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ , فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ ، وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا , وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ , وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ : أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي , وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: مَنْ هذَا؟ فَقَالَتِ الْجُمُوعُ : هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ , وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ  وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ وَقَالَ لَهُم ْ: مَكْتُوبٌ : بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى , وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ !! وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ .
 
تقرأ هذه الأناجيل اليوم في احد الشعانين وسط احتفال عظيم بهذه المناسبة التي تأمل فيها الكثيرون , والحديث عن تواضع السيد المسيح تكتب فيه آلاف الكتب , ومكتوب أنه أخلى نفسه ليخلصنا نحن التراب ومع انه كان يستحق الكرامة وله القوة والعظمة إلا أنه أعطى درساً للبشرية في التواضع , والعظيم بطبيعته هو الذي يتنازل ويتضع أما ونحن تراب ومساكين فكما يظن أننا نتواضع , في الحقيقة نحن عندما نفعل ذلك نرجع إلى أصلنا الذى خلقنا منه وهو التراب , فبذلك لا يستطيع أحدا أن يتفاخر أو يدعى التواضع , بل إذا استطاع أن يفعل ذلك فهو بالكثير جدا قدر رجع إلى منشأه , أما السيد الكلمة المتجسد فحقاً تواضع ليرفعنا ومات ليحيينا , ومع أنه ملك الملوك أختار أن يدخل مدينة الملك العظيم أورشليم راكباً على أتان وجحش , ومع ذلك ارتجت المدينة وهذا يعلمنا أن المظاهر والكراسي والمواكب لا تصنع العظماء , فقط العظماء هم من يعطون هذه المواكب العظمة والكرامة , وكان الجميع يتسألون من هذا ؟؟؟ 
 
الذي يـتأمل في هذا الحدث قد لا تكفيه الأيام والسطور وتعجز الكلمات عن التعبير , ولكن يذكرنا هذا التواضع الجم بحماقة الإنسان المسكين التراب الذي يرفع نفسه , ومن قبله زهرة بنت الصبح كوكب الصبح الجميل وهذا لا ينطبق على إنسان بل جمال الكروب إبليس الذي أسقطه كبرياؤه , سطانائيل الذي أراد أن يرفع كرسيه لمراتب العلى وسقط  بعد أن كان رئيس ملائكة ومن وقتها وهو يريد أن يهلك بهذه الخطية جموع البشر , وبالفعل من يهلك بسبب هذه الخطية يفوق عددهم من يسقطون في الخطايا الظاهرة كالزنى وغيرها , ولذلك دخل السيد المدينة راكباً على أتان وجحش , ليقهر فينا شهوة الكراسي والمناصب , وخاصة أنه منذ البدء في الخدمة وكان التلاميذ يتشاجرون من يكون فيهم الأعظم وهم صيادي سمك وفى وسطهم المخلص والمعلم , ولعل ما فعلته سالومة أم يعقوب ويوحنا أبنى زبدي كان مثالا صارخاً عندما طلبت منه لولديها أن يجلسا واحد عن يمينه والآخر عن يساره , وهى لا تعلم ما تطلب . 
 
وعندما نقرأ هذه القصة نلوم هذه السيدة التي خدمت كثيراً وولديها , وكانت أحدى النساء اللواتي رافقن السيد حتى الصلب ولم تتركه , وحملت الحنوط والأطياب مع النسوة اللواتي ذهبن إلى القبر , وكم من مرة يوبخ السيد تلاميذه وينتهرهم بسبب هذا الفكر ومكتوب : فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ : فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ ؟
 
 فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ : إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ  متى 18 : 1- 4 , وفى هذه الأيام تنتاب الكنيسة والبلاد كلها حالة من عدم الاستقرار لانتخاب رئيساً وبطريركاً , والبعض يريد أن يعدل لوائح والآخر قوانين والكثيرون يشتهون الكرسي , في الوقت الذي يدعى له الشخص من الله ولا يعطى هذه الكرامة لنفسه , وماذا يريد أسقفا مات عن العالم في طقس الرهبنة من المناصب في الدنيا , ألا يكفيهم السيطرة على الكنيسة منذ قرون عديدة , وقد كانت هذه المناصب للعلمانيين في المسيحية الأولى .  
 
التلاميذ معظمهم كانوا متزوجين وأول بطريرك وكثير من الرسل , هل كانت المسيحية والخلاص بعد أن صرخ المسيح على الصليب قد أكمل ينقصها طقس الرهبنة الذي جاء متأخراً ثلاثة قرون , أم أنها حركة فردية شخصية بها بضع مئات لا علاقة لها بالعقيدة من قريب أو بعيد حتى وأن كانت هناك آيات ترجح عدم التزوج بالكتاب , ولكن أهل العالم أدرى بشئون حياتهم ولا يليق بمن مات عن العالم وصلوا عليه أن يميتنا نحن العلمانيين , لأن أصل الكنيسة المؤمنين وليس الرهبان  وليرجع كل واحد إلى نفسه ويتذكر أنه تراب ولا أقول يتواضع ويرحمنا , وهكذا كل الأقباط في الداخل والخارج يتحدوا بعد أن ضحكت بهم الشعوب والأمم , وليهتموا لأمور بلادهم وحياتهم ويبتعدون عن الأفلاطونية والمثالية حيث قد يأتي من يضيع حياتهم وأيمانهم إذا استمروا هكذا فى صراعاتهم المقيتة وغبائهم السياسى وجهلهم بما يدور حولهم من مؤامرات .